فايز خضور، أقمار من الأحلام

فايز خضور، أقمار من الأحلام

يفيض المكانُ، يغلبُ الحاجبينَ الأرقُ، والعينينَ النعاسُ، يقطبُ الوجهُ، يستعصي الزمانُ على البلادة، يبدأ النزفُ، تنتحرُ الأسماءُ، يكون العصيَّ البرقُ حين تدركهُ الريحُ، فلا يصبح الرحيلُ قفصا للتبرِ، بل الكلمةُ عشقا للتراب…

هذا الجسدُ الناحلُ من مقصورة العمر، وزرقة الفضاءات المستحيلة، يأتي على الرئتين كندّابة الفجر، يُدخلنا في توهُّم لحظاتنا الى مملكة السحر، فيظن بالُنا أنَّا توحّدنا فاخترقنا العويلُ وسافرنا إلى وجع المستحيل…

لكن الجسد سكونٌ قابضٌ على فسحة أيامنا النائمة خلف مواقيت العيد وأصداء الأضحيات… يبقى ينهلُ من الروح باقاتٍ من الأماني ويستولي على أسفارِ الكلام، لتنتشرَ على مدى الحروف الأغنيات…

لا تلميذ لتموز، لا ذراري، وإنما وجوهٌ تحمل إرثا من القسمات، بحرا من الأوجاع، مساحاتٍ من الحرية والإبداع، شموسا من الشموخ، أقمارا من الأحلام الدافئة، نجوما من هيولى التوجّس والقلق، وأطيافا من الحقيقة المرّة الراكضة نحو مراقب الجبال تحمل خفقان قلبها آيات…

فايز خضور

تنتظر انبعاث الضوء لتلحظ إنتماءة الفجر على إيقاع دمها المسكون بعصب الحياة…

هؤلاء جميعُهم أبناء تموز الذي حضر قبل أن يغني الغياب، فكان الحييِّ فينا، قبل أول الجرح حتى آخرالخصب المتدفق بعد الممات…

فايز خضور من هذا الكوكب المجنون، يحمل إمتياز لغته المسكونة بخبب الأيام… لا أستاذ لشعره لأنه نسيجُ ذاته، غير أن تموز معبودٌ فيه… وهو رائدٌ مجلٍّ لتموز الولادة والشهادة… وما بينهما عطش الماء إلى بيادر القطاف منذ زمن الحنين إلى البراق…

العدد 87 –كانون أول 2018