إطلاق مشاريع تربوية باللغة الفرنسية

العلم إيمانٌ وجهادٌ كما الحب والحرية… العلمُ صلةُ الوصل مع الحقيقة والبحث عن المعرفة… فكلّما اعترفنا بحق التعليم لكل إنسان، لعَرَفنا أن كلفته أقل من كلفة الجهل بكثير..

الفكرة التي نصبو إليها، أن بالتربية نَبني وبالثقافة نَحمي، وعليه فإن دعوتكم اليوم لإطلاق مشاريع تربوية باللغة الفرنسية على صعيد لبنان هي فكرة في صميم الثقافة، لأن الثقافة هي الآخر، ولا ضرورة لزرع الخوف في نفوسنا أو القلق على أنفسنا طالما وجودنا الأصيل يعني قبولنا معايشة القلق، وأن الحياة لا معنى لها بقدر ما يمنحها الإنسان من معنى…

إذاً، الثقافةُ هي الإنسان بكل ما يعنيه، وهي التي تحمينا من الجهل الذي يهدّد وجودنا… ويبعدنا عن الوجود الزائف الذي يتظلَّل بالثرثرة والفضول الزائف والالتباس، فلا معنى إذاً للوجود المبتذل حين يتعلق الأمر بتأكيد الذات والهوية الإنسانية، وما مؤتمركم عن التسرّب المدرسي إلاّ دليلاً قاطعاً على وجود تهديد حقيقي للصرح التربوي الذي يجب أن ندفع به الى الأمام بكل قوّتنا وعزمنا، لنبني مُشتركين أهلاً وطلاباً وأساتذة وإدارة ومسؤولين في القطاعين التربوي والثقافي هويتنا التي تؤكد على تحقيق الوعي الذي يُكسبنا أحقيّة انتسابنا الى الحياة بمضمونها الإنساني الحقيقي ووجودنا الأصيل لا الزائف..

وإذا كان قسم اللغة الفرنسية في جمعية نور للتربية والتعليم قد دعانا الى إطلاق مشاريعه التربوية باللغة الفرنسية، فهذا لأنه يقيم ثقافة التواصل مع الآخر الذي فينا، فالذي يملك الهوية الجادّة هو الذي يتحاور وينفتح على ثقافة الآخرين… وما الثقافة الفرنسية أو الإنكليزية إلاّ من نسيج معرفتنا بأنه »كلّما عرفنا أكثر كتبنا أقل، وكلّما كتبنا أقل، فهمنا أكثر«.. هذا ما يُنبئ عن معرفة الإنسان لنفسه كي يبتكر أفكاره ويطلقها في عنان الكون الكبير…

بهذا الإطار نبني معرفتنا، التي هي نزع الخوف من قلوبنا وعقولنا ليتسنى لنا أن نقيم مدرسة في الواقع كما في الحياة…لأن الحياة مدرسة كبيرة نبحث فيها عن معنانا للوصول إلى الأسمى والأرقى والأبهى، إنها بالتأكيد بصمة مؤسِّسة نضعها نحن للأجيال التي تعدنا بالمزيد من الخلق والإبداع…

أشكر جميع جهودكم الآيلة الى الجمع بين الثقافة والتعليم، ووزارة الثقافة الى جانبكم في دعمها لكل المشاريع الآيلة الى التنمية البشرية المستدامة.

العدد 89 –شباط 2019