شوقي أبي شقرا : شاعر الحلم الأثير

منهم مَن وصفه بطفل البراءة وصبيّ الدهشة، ومنهم مَن قال عنه العنيد الذي لا يغيِّر ولا يبدِّل فيما يَعرفُ ويُدْركُ، فتحوّلت معرفته ثباتا في الموقف.. حتى وُصف رأيه في القصيدة بأنه عقائدي بحت…

راهبٌ شهمٌ، وزَّع قلمه الأحمر على نصوص شعراءَ كبار من مُجايِليه.. وقفل صامتا يرعى الأقحوان في السهول، لقَّبه محمد الماغوط المرشد الجمالي واللغوي لمجلة شعر… انتصر بالخيال على قسوة الحياة، وصَدَمَه الكوكب حين اعتراه موت أبيه.

شاعر السوريالية الريفية.. لُغته تطرد التكلُّف واستدعاء الأفكار، تنغمر بالعفوية والبراءة… هذا هو شوقي أبي شقرا…

 لم نتمكن من التقاط الأنفاس، فخلال شهر واحد غادرنا شوقي الرياشي، جبران عريجي،مي منسّى، إدمون صعب، وسهام ناصر، والكثير من أساطين الأدب والكلمة، يرحلون بسرعة البرق.. فهذا الشهر حَفِلَ بغياباتٍ كثيرة، معظمهم أصدقاء الكبير شوقي ابي شقرا… حتى صرنا

الشاعر شوقي ابي شقرا

نخاف اللحظة التي يغادرنا فيها أحد من الكبار، آخر أسماء الزمن الجميل، دون أن نقول له على عين حياته، يجب أن تسمع ما يليق بك وأنت على قيد الحياة…

 دورنا يكون في الإضاءة على ما بقي من رجالات نهضتنا الكبار، ليتعرَّف أبناؤنا وأولادنا على مَن خطَّ عمره حبرا ليضيء وجه لبنان، وعلى مَن كسر قلمه وصمت، وعلى مَن باع قلمه لإراداتٍ لا تخدم الثقافة والحداثة…

بقيَ القليل، وشوقي ابي شقرا منهم، لنفهم أن الثقافة ثلاث: العطاء،المحبة والاحترام، ولنعي أيضا أن الكتابة ثلاث : هوية ومكان ورؤية، هؤلاء سقطوا من علوّ.. »وقبل التراب بقليل«…ويجيء التكريمُ الحقيقي حين نكرّم علما من أعلام الثقافة في لبنان على عين حياته وليس بعد رحيله، أطال الله بعمر شاعرنا الكبير شوقي أبي شقرا مدرسة وفكرا وتوهجا على مدى ستين عاما في خدمة الأدب والصحافة الثقافية في لبنان والعالم العربي…

شكرا شوقي ابي شقرا على ما أعطيت.. وشكرا لأنك دائما بقيت مع نفسك كي تكون مع الآخرين…يا شاعر الحلم الأثير، طوبى لك…

العدد 90 – اذار 2019