لماذا فتحت معركة طرابلس؟: أزمة ليبيا تدخل مراحل حرجة وخلافات العواصم تطيح بالحلول

محمد قواص (*)

تنطوي تطورات شهر أبريل/نيسان الماضي في ليبيا على علامات لافتة تؤشر إلى تبدل قواعد الصراع الذي يحكم ليبيا منذ عام 2011. وإذا ما كان معروفا أن الأزمة في ليبيا مشابهة لعديد من أزمات المنطقة من حيث تقاطع الداخلي بالخارجي، فإن فتح معركة طرابلس هي واجهة لعزم على الانخراط في الحسم، بالطرق العسكرية، على نحو يطرح أسئلة حول موافقة كافة الفرقاء، لاسيما الدوليين، على العبور نحو الحلّ النهائي، حتى لو استدعى الأمر استخدام وسائل النار والقوة.

ولا يمكن تفسير قرار المشير خليفة حفتر الدفع بقواته باتجاه العاصمة الليبية طرابلس، إلا بصفته تطور لا ينفصل عن تبدل بنيوي طرأ على المزاج الدولي العام حيال الأزمة في ليبيا. ولئن يندرج التحرك العسكري الذي أمر به حفتر داخل سياق الحسم العسكري الذي انتهجه الرجل على رأس  »الجيش الوطني الليبي« منذ فبراير/شباط 2014 للانتهاء من ظواهر الفوضى الميليشياوية، إلا أن استهداف العاصمة الليبية، حيث مقرّ الحكومة المعترف بها دولياً برئاسة فايز السراج، لا يمكن الاكتفاء بقراءته ضمن أبجديات ليبية محلية فقط، بل إن مسارات دولية باتت تشجع على فرض واقع ينهي العبث، غير المفهوم، والذي بات عبئا على كافة العواصم المعنية بشؤون ليبيا وأمن البحر المتوسط.

غير أن فرض أمر واقع لا يعني بالضرورة أنه سيكون ناجزاً من خلال الأدوات العسكرية لحفتر. تبدو مسارعة دول، تختلف طبيعتها وطبائعها، للتشديد على أن الحلّ في ليبيا يبقى سياسياً (الولايات المتحدة وإيطاليا والإمارات وفرنسا وبريطانيا)، يؤشر إلى أن الحراك العسكري ليس هدفه الإطاحة بمؤتمر الحوار الوطني الجامع بمدينة غدامس الليبية، بل دفع هذا المؤتمر لأخذ قرارات تنهي الصراع الليبي على وقع الاستحقاق الناري الحاصل في طرابلس وضواحيها. وما تمسك المبعوث الأممي غسان سلامة بعقد هذا المؤتمر، إلا سعي للدفع بالحل السياسي الليبي الداخلي على وقع المستجد السياسي العسكري في هذا البلد. وقد نكتشف يوماً أن حراك حفتر هو ضرورة لمؤتمر سلامة الموعود، دون أن يكون أمر ذلك مدبراً أو مخططاً له.

ولن يجد المراقب صعوبة كبرى في استنتاج الطابع المفصلي للأدوار التي يلعبها الجانبين، الإقليمي والدولي، في تقرير مسارات الصراع في ليبيا ومصائر اللاعبين داخله. ولا تختلف مآلات الصراع في ليبيا عن تلك التي تجري في ميادين أخرى، لاسيما سوريا واليمن، وبالتالي، ولقراءة المشهد الليبي المستجد، فإنه حريّ محاولة رصد التحولات الخارجية التي أملت شروطا جديدة، وأوحت لحفتر باختيار هذا التوقيت لـ  »إسقاط طرابلس«.

الهجوم على طرابلس: تصعيد أم طريق للحل؟

أخفق الجهد الخارجي في السنوات الأخيرة في إحداث أي تقدم في منافذ الحل في ليبيا. عجز عن ذلك  »اتفاق الصخيرات« في المغرب. بقي الجهد الفرنسي المثير للجدل في السعي لتقريب وجهات النظر بين السراج وحفتر عقيماً. عملت روما على مناكفة خطط باريس للإطلالة على ليبيا التي تعتبرها إيطاليا جزءا من فضائها الاستراتيجي. فاقم ذلك التشويش من مستوى التوتر غير المسبوق بين فرنسا وإيطاليا دون أن يحرك شيئا على رقعة الشطرنج الليبية.

من جهتها لم تستطع جهود دول الجوار، المتعددة الأجندات، بالأبجديات الدبلوماسية، أن تؤثر على موازين القوى الداخلية، ولم تستطع أن تزحزح حالة الستاتيكو العبثي الذي يقسم البلاد بين شرق وغرب، وبين حكومة معترف بها في طرابلس وبرلمان شرعي في طبرق. وفيما يعرف العالم كما الليبيون هوية وخطاب وأجندة القوات التي يقودها حفتر، فإن الأمر يصبح تمرينا مستحيلاً في أي محاولة للتعرف على القوات المناوئة لحفتر. تختلط داخل تلك القوى بين ما هو ميليشياوي مناطقي أو تابع لحكومة الوفاق برئاسة السراج، بتلك المدعومة من قبل جماعة الإخوان المسلمين، أو تلك المرتبطة بتنظيميْ القاعدة وداعش وبقية الجماعات الجهادية.

وبغضّ النظر عن نتائج الكرّ والفرّ التي ستتغير خرائطها كل ساعة في طرابلس، فإن ليبيا تأخذ علما بالمعطى الجديد بصفته نهائيا داخل توازنات القوى العام في بعده الجغرافي المستحدث. وإذا ما كانت علاقات حفتر مع روسيا ومصر والإمارات، كما زيارته الأخيرة واللافتة إلى الرياض، تفصح عن معالم تيار إقليمي دولي يدعم الرجل، فإن مواقف تركيا وقطر لم توارِ دعماً علنيا مباشرا لتيارات ليبية تنتمي لجماعات الإسلام السياسي.

وعلى هذا فإن تحرك حفتر العسكري قد يأخذ بشكل ضمني بعداً يطال الصراع الإقليمي الحاصل منذ مقاطعة الرباعية العربية، السعودية ومصر والامارات والبحرين، لدولة قطر منذ 5 يونيو/حزيران 2017، وما استتبع ذلك من موقف تركي منحاز للدوحة، بالسياسة والدبلوماسية تارة، وبالدعم العسكري المباشر تارة أخرى.

قام تحرك حفتر على أرضية تطورات جرت خلال الأسابيع الأخيرة.

لم تعد ليبيا أولوية داهمة بالنسبة للجزائر التي تعيش همّاً داخلياً غير مسبوق منذ التحرك الشعبي التاريخي ضد نظام عبد العزيز بوتفليقة والذي أدى إلى استقالته. ولطالما لمحت الجزائر قبل ذلك إلى رفضها تعاظم دور حفتر في ليبيا، ومعارضتها تمدد هذا الدور من الشرق باتجاه الغرب.

ولم تعد ليبيا أولوية بالنسبة للسودان الذي يتعايش نظامه بصعوبة مع أيام حرجة بسبب الحراك الشعبي المطالب برحيل للرئيس عمر حسن البشير ونظامه. ولطالما اتهمت الخرطوم بأنها وراء تهريب السلاح المصنع في السودان لحساب الدوحة وأنقرة.

ويتحرك حفتر بعد أيام على الانتخابات المحلية التركية التي أسست نتائجها لبداية تراجع سطوة حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما سيتداعى حكماً على خيارات أنقرة في السياسة الخارجية، بما في ذلك خيارات تركيا بالنسبة للأزمة في ليبيا.

غير أن قراءة حفتر لمشاهد الدول الإقليمية المنخرطة في الصراع الليبي، قد لا تبتعد كثيراً عن قراءة دولية أوروبية أميركية روسية باتت تتوق إلى تغيير اللعبة الليبية باتجاه قواعد جديدة لم تعد مضطرة للتعايش مع حالة العبث الأبدي في ليبيا.

المشير خليفة حفتر: كيف قرر الذهاب إلى العاصمة

ولا يمكن تصور خطوة حفتر، إلا ضمن واقع دولي جديد بات يدفع حفتر لاتخاذ خطوات قد تؤدي إلى صدور بيانات دولية لا يشتم منها الدعم لكن لن يشتم منها الإدانة والاستنكار. وعلى هذا لم تعد أوروبا مثلا، وكما لمحت صحيفة الغارديان البريطانية، تنظر إلى ليبيا إلا من خلال الدور الذي تلعبه طرابلس في وقف موجات الهجرة ومكافحة الإرهاب وإنتاج النفط.

في هذا الصدد ينبغي تأمل قيام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالتوجه لمقابلة حفتر في بنغازي كمكان يتم التداول فيه حول مستقبل ليبيا، على نحو يؤشر إلى جهوزية المجتمع الدولي المتمثل بمنظمة الأمم المتحدة، التي يقودها غوتيريش، والتي تقود عملية التسوية من خلال المبعوث الأممي غسان سلامة، على معاملة حفتر بصفته بات جزءا حقيقيا واقعيا من الحل في ليبيا.

تؤشر بيانات التبرؤ من التصعيد العسكري التي صدرت من كافة العواصم المعنية بهذا التبرؤ، وبيانات الدعوة إلى الحل السياسي (لاسيما روسيا ومجموعة الدول السبع)، إلى أن العالم يتدخل للتعامل مع الحالة الشاذة في ليبيا، وأن تقاطعاً لمصالح قوى الخارج قد يفرض سيناريو للحل على قاعدة أن حفتر بات شريكاً يفرض شروطا داخل هذا الحل، ومن طرابلس بالذات.

ومع ذلك فإن صعوبات كثيرة تحول دون تمكن حفتر من تحقيق مبتغاه في فرض رؤاه على كامل الليبيين. وعلى ذلك فإن الرجل مضطر أن يخضع لحسابات الأفرقاء الكبار في العالم. ولا شك أن الصراع في اليمن وسوريا نموذجان لعجز المجتمع الدولي عن الوصول إلى قراءة واحدة تنهي الصراع داخل تلك الدول. وعلى ذلك أيضا فإن العالم غير المتفق على مصادر توتر في العالم هنا وهناك قد لا يجد في الحالة الليبية سببا لاتفاف طالما أن الوقت لم يحن لمقايضة الأوراق بالأوراق

إن فرض أمر واقع لا يعني بالضرورة أنه سيكون ناجزاً من خلال الأدوات العسكرية لحفتر. تبدو مسارعة دول، تختلف طبيعتها وطبائعها، للتشديد على أن الحلّ في ليبيا يبقى سياسياً (الولايات المتحدة وإيطاليا والإمارات وفرنسا وبريطانيا)، يؤشر إلى أن الحراك العسكري ليس هدفه الإطاحة بمؤتمر الحوار الوطني الجامع بمدينة غدامس الليبية، بل دفع هذا المؤتمر لأخذ قرارات تنهي الصراع الليبي على وقع الاستحقاق الناري الحاصل في طرابلس وضواحيها.

لا يمكن تصور خطوة حفتر، إلا ضمن واقع دولي جديد بات يدفع حفتر لاتخاذ خطوات قد تؤدي إلى صدور بيانات دولية لا يشتم منها الدعم لكن لن يشتم منها الإدانة والاستنكار. وعلى هذا لم تعد أوروبا مثلا، وكما لمحت صحيفة الغارديان البريطانية، تنظر إلى ليبيا إلا من خلال الدور الذي تلعبه طرابلس في وقف موجات الهجرة ومكافحة الإرهاب وإنتاج النفط.

فايز السراج: رئيس حكومة معترف بها لا تحكم ليبيا

بغضّ النظر عن نتائج الكرّ والفرّ التي ستتغير خرائطها كل ساعة في طرابلس، فإن ليبيا تأخذ علما بالمعطى الجديد بصفته نهائيا داخل توازنات القوى العام في بعده الجغرافي المستحدث. وإذا ما كانت علاقات حفتر مع روسيا ومصر والإمارات، كما زيارته الأخيرة واللافتة إلى الرياض، تفصح عن معالم تيار إقليمي دولي يدعم الرجل، فإن مواقف تركيا وقطر لم توارِ دعماً علنيا مباشرا لتيارات ليبية تنتمي لجماعات الإسلام السياسي.

خليفة حفتر

طوال أكثر من أربعة عقود ظل خليفة حفتر وجها بارزا في المشهد السياسي الليبي، ولكن مع تبدل في موقعه بين فترة وأخرى.

كان حفتر ضمن مجموعة الضباط، التي كان يقودها العقيد معمر القذافي، والتي وصلت إلى السلطة بعد الإطاحة بملك ليبيا إدريس السنوسي في انقلاب عام 1969.

كافأ القذافي حفتر (المولود عام 1943) بتعيينه قائدا عاما للقوات التي خاضت المعارك ضد تشاد، وذلك تقديرا لولائه. وكانت تلك الخطوة بداية سقوطه، إذ مُنيت ليبيا بهزيمة كبيرة على يد القوات التشادية وأسر حفتر مع 300 من جنوده في عام 1987.

تخلى القذافي عن حفتر؛ إذ أنكر بداية أي وجود للقوات الليبية في تشاد -الموقف الذي دفع حفتر لأن يكرس حياته لإسقاط الزعيم الليبي. وفي أواخر الثمانينيات، انشق حفتر عن نظام القذافي وسافر إلى الولايات المتحدة، حيث أفادت تقارير بقربه من المخابرات الأمريكية.

مع بدء الانتفاضة ضد القذافي في عام 2011، رجع حفتر إلى ليبيا، وسرعان ما أصبح واحدا من القادة الرئيسيين لقوات المعارضة التي كانت تتشكل في شرق البلد.

وحارب حفتر إلى جانب جماعات المعارضة الإسلامية خلال الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي، قبل أن يتحول إلى عدو لدود لها.

وبعد فترة بعيدا عن الأضواء، عاد حفتر إلى الأضواء في فبراير/ شباط 2014 عندما ظهر عبر التلفزيون في تسجيل مصور وهو يعرض خطته  »لإنقاذ البلاد«، داعيا الليبيين إلى النهوض في وجه المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان المنتخب الذي تشكل بعد الثورة. وحينها كانت جماعة أنصار الشريعة، المرتبطة بتنظيم القاعدة، وغيرها من المجموعات المحلية قد أعلنت السيطرة على مدينة بنغازي -ثاني أكبر المدن الليبية.

وفي مايو/ أيار 2014، أطلق حفتر ما أسماها  »عملية الكرامة« في بنغازي وفي الشرق ضد جماعات إسلامية مسلحة من بينها جماعات مقربة من الإخوان المسلمين، فنجح بتقديم نفسه على الساحة الخارجية باعتباره خصم الإسلاميين في ليبيا، وهو ما أكسبه دعم دولتي الإمارات ومصر.

كما هاجم مبنى البرلمان في العاصمة طرابلس، ووصف هذه العملية العسكرية بأنها انتفاضة ضد ما سماها  »الحكومة التي يسيطر عليها الإسلاميون«.

وفي مارس/ آذار 2015، عينه مجلس النواب الجديد (الذي حل محل المؤتمر الوطني العام) قائدا عاما لقوات  »الجيش الوطني الليبي«، الذي تمكن بعد نحو عام من طرد الفصائل الإسلامية المسلحة من معظم أنحاء بنغازي.

المبعوث الدولي غسان سلامة: الحل السياسي والحوار

في سبتمبر/ أيلول 2016، قاد حفتر عملية  »البرق الخاطف« للسيطرة على منشآت النفط الرئيسية في منطقة  »الهلال النفطي«، مسلما مفتاح أهم صادرات البلاد إلى حليفه، برلمان طبرق.

ولا يعترف حفتر بحكومة الوفاق الوطني، برئاسة فايز السراج، التي يعترف بها المجتمع الدولي؛ إذ يصر السراج على أن تكون قيادة الجيش خاضعة لحكومته.

ومع ذلك، اتفق السراج مع حفتر في مايو / أيار 2017 على العمل سويا لإنهاء الأزمة التي تشهدها البلاد، بحسب بيان رسمي مشترك. لكن لم يتم بالفعل تحقيق ذاك الاتفاق.

وفي صيف عام 2017، انتشرت شائعات حول الوضع الصحي لحفتر الذي أدخل إحدى مستشفيات فرنسا. وقال حينها وزير الخارجية الفرنسي أمام الجمعية الوطنية إن حفتر في وضع صحي مستقر وأنه يخضع للعلاج في مستشفى عسكري فرنسي، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

حكم الميليشيات

تعتمد حكومة الوفاق الوطني، التي أُعلنت في مارس/آذار 2016 ويقودها فايز السراج، على مجموعة ميليشيات من أجل الحماية وضبط الأمن.

وتقوم هذه الميليشيات بعدد من الأنشطة، تشبه دور قوات الأمن وحماية المؤسسات، وتصل إلى ترحيل المنافسين في الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها، والضغط على المؤسسات المالية.

وتُعرف الكثير من هذه الميليشيات بسبب شهرة قادتها، حتى أن بعضها يحمل اسم القائد.

ونستعرض هنا أبرز الميليشيات التي تحمي العاصمة الليبية.

-قوات حماية ليبيا: هو تحالف يضم أهم الميليشيات في المتمركزة في العاصمة. وأُعلن عنه في ديسمبر/كانون الأول 2018.

ويشمل التحالف أبرز الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، وهي ثوار ليبيا، ولواء النواصي، وقوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم، وميليشيا باب تاجوراء.

-ثوار ليبيا: يقودها هيثم التاجوري. ويُعتقد أن هذه المجموعة تسيطر على مساحات كبيرة من العاصمة، الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني.

-قوة الردع والتدخل المشتركة محور أبو سليم: ويقود هذه القوات عبدالغني الكيكلي، القيادي البارز في طرابلس، والذي يُعرف باسم  »غنيوة«.

وتحمل هذه الميليشيا عددا من الأسماء، من بينها لواء أبو سليم (وهي المقاطعة المركزية في طرابلس)، أو قوات غنيوة، أو الاسم الأقل استخداما وهو قوة الردع والتدخل المشتركة.

-لواء النواصي: ويُعرف كذلك بالقوة الثامنة، وهو أحد المجموعات القوية الموالية لحكومة الوفاق الوطني.

ويُعتقد أن اللواء يقف وراء خطف المدير المالي لهيئة الاستثمار الليبية في أواخر يوليو/تموز الماضي.

-قوات الردع الخاصة: وهي قوات تابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق الوطني، وهي أحد أكثر الميليشيات المثيرة للجدل.

وفي يوليو/تموز، أطلقت القوات سراح اثنين من الصحفيين كانت احتجزتهم بغرض الاستجواب في قاعدة معيتيقة الجوية لمدة شهرين.

وهناك لاعبون آخرون في طرابلس هم:

تعليق: هل تراجعت أولويات ليبيا على أجندة السودان والجزائر؟

-لواء البقرة: ويستمد هذا الاسم من قائده بشير خلف الله، الذي يُعرف بـ بشير البقرة. وكان طرفا في العديد من الاشتباكات حول مطار وقاعدة معيتيقة الجوية.

– فيلق صلاح البركي

ويدعم المؤتمر الوطني العام، وهو البرلمان الذي يسيطر عليه الإسلاميون، وكذلك حكومة الإنقاذ الوطني التي ترفض الاعتراف بشرعية المؤسسات التي تدعمها الأمم المتحدة.

-اللواء السابع في ترهونة (كانيات)

ترجع الاشتباكات، التي وقعت في طرابلس في 26 و27 أغسطس/آب الماضي، إلى اللواء السابع في ترهونة، والذي يُعرف باسم كانيات نسبة لقائده محمد الكاني.

ونقطة انطلاق هذه القوات تقع في مدينة ترهونة، على بعد 60 كيلومترا من جنوب شرق العاصمة طرابلس.

-لواء حلبوص: ومرجعه إلى مدينة مصراتة. وفي يونيو/حزيران 2017، عين رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني، فايز السراج، قائد لواء حلبوص قائدا عاما لقواته في المنطقة المركزية العسكرية.

ويتبع هذا اللواء كيانٌ أصغر يُعرف بالفيلق 301. وكان اللواء مواليا للمجلس الرئاسي، لكنه انتمائه، مثل لواء ترهونة، أصبح الآن غير معروف.

فايز السراج

انتقل فايز السراج الذي ينتمي الى عائلة طرابلسية ثرية من قطاع الاعمال والمال الى معترك السياسة والحكم، ليجد نفسه امام تحدي توحيد ليبيا على رأس حكومة محملة بالوعود والآمال بعد سنوات من الخيبات المتتالية.

ويجد هذا المهندس المعماري المولود في طرابلس عام 1960 نفسه على رأس السلطة المدعومة من الامم المتحدة والمجتمع الدولي بعد عامين فقط من انطلاق مسيرته السياسية التي بدأت بانتخابه نائبا عن مدينته.

ويحظى السراج، صاحب الشارب الرمادي الذي يضفي صرامة على ملامح وجهه الهادئة، بتأييد واسع في طرابلس منذ دخولها قبل اسبوع في مقابل تشكيك واسع سبق وصوله حيال مدى قدرته على النجاح في مهمته بسبب قلة خبرته السياسية.

ويحمل السراج شهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني حاز عليها في العام 1982، وشهادة ماجستير في ادارة الاعمال تعود الى العام 1999.

وفي بداية حياته المهنية، عمل مهندسا في ادارة المشروعات في صندوق الضمان الاجتماعي حيث اكتسب خبرة في مجال انشاء المباني والاشراف على تنفيذ مخططاتها.

ويقول أصدقاؤه أنه  »رجل طيب جدا، ولطيف، ومهذب، ويستمع للآخرين بصبر واحترام«، ويضيفون أن  »طيبته لا تمنعه من أن يكون حازما وأن يعبر عما يشعر به«.

وتدير عائلة السراج مجموعة كبيرة من الاعمال التجارية بينها مكتبة السراج في وسط طرابلس كانت احدى أشهر المكتبات في المدينة قبل ان يقرر معمر القذافي اغلاقها بعيد وصوله الى الحكم، في إطار حملته لمصادرة املاك الليبيين.

وتمتلك عائلة السراج المحافظة المتحدرة من المدينة القديمة اراضي شاسعة في ضاحية طرابلس الغربية في منطقة لا تزال تعرف حتى الان باسم منطقة السراج.

وكان والده مصطفى السراج أحد مؤسسي الدولة الليبية بعد الاستقلال في العام 1951.

وفي بداية مسيرته السياسية عندما أعلن ترشيحه لمجلس النواب، ركز السراج برنامجه الانتخابي على دور المرأة في  »بناء دولة جديدة« وعلى تحدي الفساد.

لكن اسم السراج برز مع تسميته رئيسا للوزراء من جانب الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون في الاتفاق السياسي الليبي الذي وقعه برلمانيون.

وانبثقت عن هذا الاتفاق الذي يهدف الى انهاء نزاع على السلطة قتل فيه الالاف منذ صيف 2014، حكومة الوفاق الوطني.

ويشكك كثيرون في قدرته على قيادة البلاد نحو الوحدة بعد سنوات من الازمات التي تلت الاطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011.

اتفاق الصخيرات

نص الاتفاق الذي وقعه المشاركون في الحوار الليبي يوم 11 يوليو/تموز 2015 بالأحرف الأولى على تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، وتأسيس مجلس أعلى للدولة.

هل يتراجع الدور التركي في ليبيا بعد نكسة الانتخابات؟

 ووقع المشاركون على مسودة الاتفاق الرابعة المعدلة التي اقترحتها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية، في غياب المؤتمر الوطني العام بعد أشهر من المفاوضات.

 وحضر حفل التوقيع الذي جرى بمدينة الصخيرات المغربية وفدُ مجلس النواب الليبي المنحل بطبرق ووفد يمثل النواب المقاطعين لجلساته، وآخر يمثل المستقلين، وممثلون عن عدد من البلديات منها مصراتة وطرابلس، وحضره المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، إضافة إلى وزير خارجية المغرب صلاح الدين مزوار. كما حضره السفراء والمبعوثون الخاصون إلى ليبيا، إضافة إلى ممثل الاتحاد الأوروبي بليبيا.

 وتضمنت المسودة الأممية ثلاث نقاط هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، وتأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس أعلى للإدارة المحلية وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس الدفاع والأمن.

 وفيما يتعلق بالنقطة الأولى، نص المقترح الأممي على  »تشكيل حكومة الوفاق الوطني على أساس الكفاءة وتكافؤ الفرص. وتُكلّف الحكومة بممارسة مهام السلطة التنفيذية التي تتكون من مجلس للوزراء يرأسه رئيس مجلس الوزراء، وعضوين نائبين، وعدد من الوزراء، ويكون مقرها بالعاصمة طرابلس، ومدة ولايتها عام واحد«.

 أما الثانية، فتشير إلى أن السلطة التشريعية للدولة خلال المرحلة الانتقالية -التي لم تُذكر مدتها-تضم مجلس النواب المنتخب في يونيو/حزيران 2014 (برلمان طبرق).

 والثالثة جاء فيها أن المجلس الأعلى للدولة -وهو أعلى جهاز استشاري-يقوم بعمله باستقلالية، ويتولى إبداء الرأي الملزم بأغلبية في مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تعتزم الحكومة إحالتها إلى مجلس النواب، ويتشكل هذا المجلس من 120 عضوا.

 ويعني التوقيع بالأحرف الأولى عدم إمكانية إدخال تعديلات جديدة على المسودة الرابعة المعدلة التي اقترحتها الأمم المتحدة، وإرجاء مناقشة النقاط الخلافية الى حين مناقشة الملاحق المرتبطة بهذا الاتفاق، وذلك في جولات جديدة بعد عيد الفطر.

 وكان من أهم النقاط الخلافية بين وفدي برلماني طبرق وطرابلس تركيبة مجلس الدولة، حيث أوضحت الأمم المتحدة أنه  »سيتم معالجته تفصيلا بأحد ملاحق الاتفاق، ودعت كافة الأطراف إلى تقديم مقترحاتهم إزاء هذا الشأن مع مراعاة مبادئ التوافق والتوازن وعدالة التمثيل«.

وقال بيان رسمي صادر عن البعثة الأممية للدعم بليبيا إن  »قبول أحد الأطراف للاتفاق مع تقديم تحفظات محددة، أمر متعارف عليه ويحفظ للأطراف حقها في الاستمرار في التفاوض على تلك التحفظات حتى التوقيع النهائي وإقرار الاتفاق«.

ويوجد في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011، برلمانان وحكومتان، إحداهما بطرابلس والثانية بطبرق، وتدور يوميا بالعديد من المدن والبلدات مواجهات خلفت مئات القتلى منذ يوليو/تموز 2014.

* صحافي وكاتب سياسي لبناني

العدد 92 – ايار 2019