الدكتور إبراهيم الحريري
في عصر الاتصالات الحديثة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس، حيث تمكنهم من التواصل مع الآخرين ومشاركة المحتوى والأفكار على نطاق واسع. ومع زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت قضايا الأمن والخصوصية تشكل مصدر قلق للكثير من المستخدمين. فهل تتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بالأمان الكافي وحماية خصوصية المستخدمين؟ وما هي التحديات التي تواجهها في هذا الصدد؟ وما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على أمان وخصوصية المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي؟
أمن وسائل التواصل الاجتماعي يشير إلى حماية حسابات المستخدمين والبيانات التي يشاركونها على وسائل التواصل الاجتماعي من التهديدات الأمنية. تشمل هذه التهديدات الهجمات السيبرانية، مثل الاختراقات والاحتيال والتصيد الاحتيالي، والبرمجيات الخبيثة والفيروسات، والتجسس والاختراق على الخصوصية الشخصية للمستخدمين. ومن أمثلة وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدم بشكل واسع تويتر، وفيسبوك، وإنستجرام، ولينكد إن، ويوتيوب، وسناب شات، وغيرها.
على الرغم من المزايا العديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها تواجه تحديات أمنية جديدة ومتزايدة. فمع تزايد عدد المستخدمين وكمية البيانات المشتركة على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه البيانات عرضة للخروقات الأمنية وسوء الاستخدام. يمكن أن يتسبب الاختراق السيبراني في تسريب المعلومات الشخصية للمستخدمين، مما يؤدي إلى انتهاك خصوصيتهم واستخدام هذه المعلومات في غير الأغراض المشروعة، مثل الاحتيال وسرقة الهوية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتصيد الاحتيالي، حيث يحاول المهاجمون الحصول على معلومات حسابات المستخدمين الشخصية، مثل كلمات المرور، من خلال رسائل احتيالية تستخدم تقنيات اجتذاب الضحايا. كما يمكن استخدام الشبكات الاجتماعية للترويج للروابط التي تنشر البرامج الضارة، التي تهدد أمان الأجهزة الخاصة بالمستخدمين وتسرق بياناتهم الشخصية.
تتطلب وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا انتباهًا للتحديات المتعلقة بالخصوصية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تجمع وسائل التواصل الاجتماعي معلومات مفصلة عن المستخدمين، مثل تفاصيل الحسابات الشخصية، والتفاعلات والإعجابات، والمشاركات، وحتى الموقع الجغرافي. يمكن استخدام هذه المعلومات من قبل الشركات المشغلة لوسائل التواصل الاجتماعي أو الأطراف الثالثة لتوجيه الإعلانات والمحتوى المخصص للمستخدمين، مما يؤثر على خصوصية المستخدمين ويثير مخاوف حول استخدام البيانات الشخصية دون علم المستخدم.
ومن أجل حماية أمان وخصوصية المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن اتخاذ بعض الخطوات الوقائية. على سبيل المثال:
1-تأمين حسابات المستخدمين: يجب استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، وتفعيل خاصية المصادقة الثنائية إذا كانت متاحة، وعدم مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة على الشبكات الاجتماعية.
2-التحقق من خصوصية الحسابات والإعدادات الخصوصية: يجب على المستخدمين أن يتأكدوا من إعدادات الخصوصية على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديثها وفقًا لتفضيلاتهم الخاصة، مثل تحديد من يستطيع الوصول إلى محتواهم ومنع الوصول غير المرغوب إليه إلى حسابهم، وتقييد البحث والتتبع عندهم.
3-توخي الحذر عند المشاركة العلنية: يجب على المستخدمين أن يكونوا حذرين عند مشاركة المعلومات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. ينصح بعدم مشاركة معلومات حساسة مثل الرقم الوطني، والمعلومات المالية، والعناوين الدقيقة، إلا عند الضرورة، وفي إعدادات خصوصية محددة.
4-مراجعة السياسات وشروط الاستخدام: يجب على المستخدمين قراءة وفهم سياسات الخصوصية وشروط الاستخدام لوسائل التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها، والتأكد من موافقتهم على استخدام بياناتهم الشخصية وفقًا لهذه السياسات.
5-تحديث البرامج والتطبيقات: يجب على المستخدمين تحديث برامج وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي إلى أحدث إصداراتها، حيث تكون الثغرات الأمنية قد تم إصلاحها في الإصدارات الجديدة.
6-التحكم في الإعلانات: يمكن للمستخدمين التحكم في نوع الإعلانات التي تظهر لهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال إعدادات الإعلانات المخصصة، وتعطيل الإعلانات المختلفة إذا لزم الأمر.
7-التحقق من مصداقية الروابط والمحتوى: ينصح المستخدمون بأن يكونوا حذرين عند النقر على الروابط المشتركة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتحقق من مصداقية المصدر قبل مشاركة المحتوى أو تنزيل الملفات.
بالإضافة إلى الخطوات المذكورة أعلاه، يمكن اتباع بعض النصائح الإضافية لتعزيز أمن وخصوصية وسائل التواصل الاجتماعي:
1-تأكيد هوية الحساب: يُنصح بتفعيل خاصية التحقق الثنائي (Two-Factor Authentication) على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الخاصية توفر طبقة إضافية من الحماية حيث يتعين على المستخدم إدخال رمز أو كلمة مرور إضافية لتأكيد هويته عند تسجيل الدخول.
2-التحكم في الإعدادات الخصوصية: يُنصح بمراجعة وضبط إعدادات الخصوصية على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن تشمل هذه الإعدادات تحديد من يمكنه رؤية المنشورات والمعلومات الشخصية ومن يمكنه التفاعل معها. يُنصح بتقييد الوصول إلى المعلومات الشخصية والصور الخاصة بنفسك والتحكم فيمن يمكنه رؤيتها.
3-تجنب مشاركة معلومات حساسة: يُنصح بتجنب مشاركة معلومات حساسة مثل رقم الهوية الوطنية، أرقام الحسابات المصرفية، ومعلومات البطاقات الائتمانية على وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن تُستخدم هذه المعلومات من قبل الأشخاص الضارين للاحتيال أو الاستفادة منها بطرق غير مشروعة.
4-الحذر من التفاعل مع الروابط المشبوهة: يُنصح بتوخي الحذر عند التفاعل مع الروابط المرسلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة إذا كانت غير معروفة أو تبدو مشبوهة. يمكن أن تحتوي الروابط الضارة على فيروسات أو تكون
مصدرا للاحتيال الإلكتروني. من المهم عدم فتح الروابط أو تحميل المرفقات من مصادر مشبوهة، والتحقق دائما من صحة الروابط ومصدرها قبل التفاعل معها.
5-عدم الإفصاح عن معلومات شخصية للغرباء: يُنصح عدم الإفصاح عن معلومات شخصية للأشخاص الذين لا تعرفهم على وسائل التواصل الاجتماعي. قد تكون هذه المعلومات مثل عنوان البريد الإلكتروني، رقم الهاتف، أو مكان الإقامة. قد تُستخدم هذه المعلومات من قبل المتسللين للاستفادة منها في أنشطة غير مشروعة.
6-مراجعة وسائل التواصل الاجتماعي المتصلة بحساباتك: قد تكون هناك وسائل تواصل اجتماعي متصلة بحساباتك الشخصية دون علمك، مثل تطبيقات الطرف الثالث التي تتيح وصولاً لحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك. يُنصح بمراجعة الوسائل المتصلة وإلغاء وصول أي وسيلة غير معروفة أو غير مرغوب فيها.
7-التحديثات الأمنية والبرامج الضد الفيروسات: يُنصح بتثبيت أحدث التحديثات الأمنية لأجهزتك وبرامج الأمان المثبتة عليها. كما يُنصح باستخدام برامج مكافحة الفيروسات والحماية الشخصية على أجهزتك للحفاظ على أمان حسابات وسائل التواصل الاجتماعي.
8-مراجعة النشاطات والإعدادات بشكل دوري: يُنصح بمراجعة النشاطات على حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بك بشكل دوري.
في الختام، تعد أمن وخصوصية وسائل التواصل أمرًا بالغ الأهمية. يجب على المستخدمين الاهتمام بحماية خصوصيتهم والتحكم في البيانات الشخصية التي يشاركونها على هذه الوسائل. ينصح بمراجعة الإعدادات الخصوصية والسياسات المتعلقة بالخصوصية على وسائل التواصل الاجتماعي واتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز أمن حساباتهم الشخصية وحماية خصوصيتهم على الإنترنت. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المستخدمين تعزيز وعيهم الرقمي والبقاء على اطلاع دائم على أحدث التهديدات الأمنية والتوجيهات للحفاظ على أمان وخصوصية معلوماتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.
يجب أن يكون الأمن والخصوصية هما أولوية للمستخدمين عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن توفر الخطوات المذكورة أعلاه نصائح وتوجيهات عملية لحماية الحسابات الشخصية والمعلومات الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. يجب على المستخدمين أن يكونوا على استعداد للتعلم والتكيف مع التغيرات المستمرة في مجال الأمان الرقمي والخصوصية، واتباع الممارسات الأمنية والخصوصية الأفضل للحفاظ على سلامة ومأمونية حساباتهم الشخصية ومعلوماتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.