الاتحاد الاوروبي ومشاهد المستقبل حتى عام 2030

ا. د مازن الرمضاني*

في مقالنا السابق تم تناول مدخلات الضعف والقوة في الجسد الاوروبي المتمثل في الاتحاد الاوروبي. ويُعد معروفا على صعيد دراسات المستقبلات أن مخرجات هذه المدخلات تفضي إلى مشاهد مستقبلية تتماهى واياها. ا

في هذا المقال سنعمد إلى إستشراف مستقبلات الاتحاد الاوروبي خلال زمان المستقبل المتوسط الذي يمتد من الان أو من زمان افتراضي سابق على الان إلى عشرين عاما وذلك انطلاقا من السؤال المركب الاتي: كيف يمكن أو يحتمل أن تكون مستقبلات الاتحاد الاوروبي حتى عام 2030؟

وقبل تناول هذه المستقبلات من المفيد التذكير ان الاتحاد الاوروبي قد مر بمحطات كبرى ومهمة من التطور العمودي منذ بداية التأسيس حتى الآن.

  1. لمحة تاريخية

على الرغم من أن الجذور التاريخية للنزوع الاوروبي نحو التكامل تعود إلى ما قبل التاسع من ايار/مايو 1950 إلا أن هذا اليوم شهد قيام روبرت شومان وزير الخارجية الفرنسيه في وقته والاب الروحي لفكرة التكامل الأوروبي بوضع أول حجر في البناء الأوروبي عندما اقترح على المانيا بعد خمس سنوات فقط من استسلامها في الحرب العالمية الثانية تحقيق التكامل بين فرنسا والمانيا على صعيد الفحم والصلب في اطار منظمة لا تقتصرعليهما وإنما تنفتح على جميع الدول الأوروبية. لذا وفي18 شباط من عام 1951 تم ولادة الجماعة الأوروبية للفحم والصلب والتي جمعت بين فرنسا والمانيا وبلجيكا وهولندا ايطاليا واللوكسمبورغ. وبها اريد تحقيق التكامل القطاعي وتحرير تجارة الفحم والصلب وحمايتها من الدول غير الاعضاء. وستكون هذه الجماعة بمثابة النواة لقيام السوق الأوروبية المشتركة ومن ثم الإتحاد الأوروبي لاحقا.

وفي25 اذار من عام 1975 وجراء اتفاقية روما تم التوقيع على انشاء المجموعة الاقتصادية الأوروبية المعروفة تحت اسم السوق الاوروبية المشتركة. وبهذا السوق اريد مثلا تأمين التنقل الحرللاشخاص والسلع ورؤوس الاموال، والغاء الحواجز الكمركية بين الدول الاوروبية الست. وقد تبع الاعلان عن قيام هذا السوق انشاء مؤسسات رسمية أوروبية منذ مطلع عام 1958 صعودا: المجلس الأوروبي، والمجلس الوزاري، والمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومحكمة العدل، واللجنة الاقتصادية-الاجتماعية هذا فضلا عن ديوان المحاسبات. وتُعد مدينة بروكسل البلجيكية بمثابة المقر الدائم للمفوضية الأوروبية. أما مدينة ستراسبورغ الفرنسية فهي مقر البرلمان الأوروبي.

 كما تم التوسع التدريجي في عضوية السوق الأوروبية المشتركة ومن ثم الاتحاد الأوروبي لاحقا. فبعد دخول المملكة المتحدة إلى السوق الأوروبية المشتركة عام 1973 بعد رفع الفيتو الفرنسي ايام الجنرال ديغول على دخولها اليه وكذلك الدنمارك وايرلندا في العام ذاته استمرإنضمام الدول الأوروبية تباعا اليه ومن كافة ارجاء القارة الأوروبية حتى بلغ عدد الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي الان 18 دولة. وثمة دول أوروبية اخرى كالبانيا وايسلندة ومقدونيا ومونتيغرو وصربيا، فانها تنتظرعلى قائمة الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. اما موضوع قبول تركيا في هذا الاتحاد فمن المرجح ان يبقى مؤجلا إلى حين قد يكون طويلا. وإلى ذلك تدفع ثمة مدخلات مهمة ومنها الهوية الاسلامية للدولة التركية.

وقد شكلت معاهدة ماسترخت التي تم التوقيع عليها في 7 شباط من عام 1992 ودخلت حيز التنفيذ في الأول من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1993 والتي افضت إلى الاخذ رسميا بتسمية الأتحاد الأوروبي بديلا عن تسمية السوق الأوروبية المشتركة. وتُعد هذه المعاهدة من اهم المنعطفات التي حددت مسيرة الاتحاد الأوروبي منذ بداية الاخذ بها سيما وإنها استهدفت تحقيق ثمة اهداف في غاية الاهمية أوروبيا. ومثالها تبني سياسة خارجية مشتركة والتحرك نحو اقامة نظام دفاعي وكذلك التحرير الكامل لتبادل البضائع والخدمات وانتقال الاشخاص ورؤوس الاموال، فضلا عن الانتقال إلى تبني عملة مؤحدة هي اليورو. وبهذا الصدد تجدر الاشارة إلى أن المملكة المتحدة والدنمارك والسويد هي فقط الدول الأوروبية التي اختارت الابقاء على عملاتها الوطنية، ولاسباب خاصة بها.

وانطلاقا مما تقدم من ايجابيات نرى أن بالاتحاد الأوروبي لم يرد به فقط أن يكون مدخلا للارتقاء بالفاعلية الداخلية الأوروبية، وبضمنه الحيلولة دون اندلاع حرب جديدة في اوروبا وتحقيق تكاملها على شتى الصعد وإنما ايضا أن يكون المدخل لفاعلية خارجية مؤثرة، ومن ثم السبيل لدور أوروبي ايجابي ومؤثر في تفاعلات السياسة الدولية. بيد ان هذه الايجابيات لا تلغي موضوعيا أن الاتحاد الاوروبي لم يكن بمعزل عن تتابع اندلاع ازمات اهيكلية عاشها والتي شكلت تحديات حقيقية له. فمن الازمة المالية الحادة التي عاشتها اليونان وايرلندا واسبانيا والبرتغال عام 2010 أثر الازمة المالية العالمية عام 2008، إلى أزمات مهمة اخرى ومثالها أزمة المهاجرين الممتدة وكذلك أزمة انسحاب المملكة المتحدة من هذا الاتحاد هذا فضلا عن أزمة انتشار فايروس كورونا وعدم الاتفاق الأوروبي على كيفية التعامل معه. إن هذه الازمات وسواها انعكست سلبا على النزوع الأوروبي نحو التكامل. إذ حدت مخرجاتها من الاندفاع الأوروبي نحوه في الاقل.

وفي ضوء هذه المسيرة الطويلة للاتحاد الأوروبي، والتي تخللتها مزيج من الانجازات والإنكفاءات نعود إلى السؤال الاساس لهذا المقال: ما هي المشاهد الممكنة والمحتملة التي قد يقترن بها مستقبل الاتحاد الأوروبي حتى عام 2030؟

  1. مشاهد مستقبل الاتحاد الأوروبي حتى عام 2030

ابتداء نقول إذا كان المرء لا يستطيع التنبؤ بما هو ممكن اومحتمل لان المستقبل لا يقبل الانغلاق موضوعيا على مشهد واحد وحتمي بيد أن المرء يستطيع مع ذلك استشراف المشاهد البديلة والمتعددة له سيما وان المستقبل يقترن بخاصية الانفتاح علي مثل هذه المشاهد. لذا نرى ان مستقبل موضوعنا أي الاتحاد الأوروبي ينفتح على ثلاثة مشاهد بديلة هي: اولا مشهدالإتجاه نحو ديمومة التماسك والإرتقاء. وثانيا مشهد الإتجاه نحو التراجع والتفكك. وثالثا مشهد الإتجاه نحو ديمومة معطيات الوضع الراهن.

1.2: مشهدالإتجاه نحو ديمومة التماسك والإرتقاء

يتأسس هذا المشهد على فرضية مفادها ان مخرجات الإنجازات الأوروبية التي تشكل قاعدة العمل الأوروبي المشترك هي التي تجعل الاتحاد الأوروبي منطقة محصنة في مواجهة تحدياته.

صحيح أن القارة الاوروبية هي اكبر من ان تنصهرفي دولة واحدة خلال زمان المستقبل المتوسط، ولكن ايضا ان كل دولة اوروبية حتى وان توافرت على فاعلية داخلية رصينة هي اصغر من ان تستطيع منفردة مواجهة تحديات عالم يتغير على نحو غير مسبوق. لذا يبقى الاتحاد الأوروبي هو الكيان الأوروبي الوحيد القادر على الصمود والارتقاء باستجابته إلى مستوى هذه التحديات والاندماج مع المنظومة الاستراتيجية للقرن الحادي والعشرين.

 لذا تنتشر رؤية بين كثير من الدول الاوروبية تدعومضامينها إلى ان دعم الفاعلية الداخلية للاتحاد الاوروبي باعتبارها المدخل الاساس للارتقاء به وبضمنه احتواء الخطاب الشعبوي الأوروبي الداعي الى التجزئة والانفصال والعزلة. ومن هنا ينبع التوجه نحوعدم التمييز بين الدول الاوروبية الكبرى وتلك الصغرى او بين دول المركز ودول الاطراف الاوروبية. وفي هذا السياق ينبع الدور الالماني الداعم لديمومة الاتحاد الاوروبي. وبهذا الصدد تقول المستشارة الالمانية ميركل:  »اذا توقفنا فسوف تسحقنا الهياكل العالمية الكبيرة… ويجب على اوروبا اعادة اكتشاف دورها… وكلنا يرى ان العالم يعيد ترتيب نفسه«.

وقد سبق لنا تناول مشاهد السياسة الخارجية الالمانية حيال الاتحاد الاوروبي في مقال سابق نشر في مجلة الحصاد وقد ذهبنا فيه إلى القول ان المانيا لن تعمد جراء قدراتها الاقتصادية خصوصا إلى جعل اوروبا المانية وإنما إلى أن تكون المانيا أوروبية بمعنى انها ستستمر في تعزيز التضامن الاوروبي وتجاوز ما يؤدي إلى تراجعه سيما إنها كانت مع فرنسا من اوائل الدول الأوروبية التي دعمت فكرة التكامل الأوروبي. وبهذا الصدد يقول وزير الخارجية الالماني:  »اذا اردنا تجاوز ورأب الصدع في أوروبا (فإننا) لا نحتاج إلى اداء دور المعلم وإنما إلى تقديم عروض ذكية تحقق تكافؤ المنافع وتأخذ بسياسة أوروبية تجلب للناس الفوائد«. كما أن احتمال ان تكون المانيا دولة غير دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي خلال الزمان القادم سيفضي على دورها الأوروبي ثمة تاثير مضاف. لذا من غير المستبعد ان يكون هذا الدور أوروبيا اكثرمن ان يكون المانيا.

إن النزوع نحو الإرتقاء بالاتحاد الأوروبي لا يقتصرعلى المانيا الاتحادية وإنما يمتد ليشمل فرنسا ايضا. إذ اكد الرئيس الفرنسي ماكرون :  »إن التكامل الأوروبي هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الاوروبية والعالمية«. كما أن التعاون الثنائي الالماني-الفرنسي على ُصعد عدة يمكن أن يشكل مدخلا لتعاون اوروبي أوروبي اكثر شمولية. ومما يؤكد ذلك البيان الالماني- الفرنسي المشترك في حزيران من عام 2019 الذي حدد خطة لاصلاح الاتحاد الأوروبي على صُعد السياسة الخارجية والامنية وغيرها.

صحيح أن الاتحاد الأوروبي استمر يعاني من ازمات اقتصادية وجيوسياسية واستراتيجية متعددة بيد أن هذه الازمات لا تلغي أن الوعي الأوروبي بتاثير مخرجاتها على تماسك وقوة الاتحاد الأوروبي يدفع بالضرورة إلى تبني ثمة سياسات داعمة لهذا التماسك سيما وأن بداية انتقال مركز الثقل والتأثير الدولي إلى الشرق الاسيوي لابد ان يدفع باوروبا إلى العمل من اجل تعزيز قوتها ومكانتها من أجل المحافظة على حضورها الاستراتيجي وتجنب السقوط في الهامشية.

وفضلا عما تقدم من الصعب التفكير ان الدول الأوروبية لا تدرك التبعات السلبية الخطيرة لتفكك وانهيار الاتحاد الاوروبي عليها وعلى العالم ايضا. فاضافة مثلا الى هذا التفكك والانهيار قد يفضي إلى بروز تكتىلات جغرافية تجمع بين دول أوروبية أكثر تماثلا وتقاربا وكذلك الى اعادة تقسيم القارة الأوروبية وعودة الصراعات الأوروبية- الأوروبية مرة اخرى وهي الصراعات التي اريد بالتكامل الأوروبي ان يكون الحائل دونها فضلا عن تهميش الدور الدولي الاوروبي على صعيد التفاعلات السياسية الدولية قد يؤدي هذا التفكك والانهيار الأوروبي ايضا إلى تبعات دولية مهمة كانهيار بورصات مالية عالمية مرتبطة بمنطقة اليورو والغاء اتفاقيات اقتصادية وتجارية بين ثمة دول وتكتلات اخرى والاتحاد الاوروبي ناهيك عن التاثير السلبي في حركة التجارة الدولية وغير ذلك كثير.

وعلى الرغم من أن الاثار السلبية الملموسة الناجمة عن انتشار وباء كورونا قد تفضي إلى تأجيج أزمة أوروبية متعددة الابعاد إلا إن الحديث عن تفكك الاتحاد الاوروبي بسببها يتميز بالمبالغة ويفتقر للمصداقية. فالذي يتحكم في العلاقات بين الدول ليس ردود الافعال النفسية المؤقتة على ثمة أزمات وإنما مصالحها العليا. لذا أن الادراك الأوروبي بفداحة الخسائر الناجمة عن مشهد الاتجاه نحو تفكك الاتحاد الأوروبي وإنهياره اللاخق هي التي ستدفع إلى الاخذ بمشهد الاتجاه نحو ديمومة التمسك والارتقاء.

  1. 2 مشهد الاتجاه نحو التفكك والانهيار

يتأسس هذا المشهد على فرضية قوامها أن غلبة المعطيات الأوروبية التي تفضي مخرجاتها إلى تفكك الاتحاد الأوروبي وانهيارة على تلك التي تأخذ به إلى التماسك والإرتقاء هي التي ترجح أن يكون المستقبل الأوروبي انعكاسا اتجاهيا للمعطيات الاولى.

يتوافرالاتحاد الأوروبي على الكثير من المدخلات التي تؤهله على أن يكون قوة دولية مؤثرة إلا إن هذه المدخلات لا تلغي أنه استمر يعاني من مخرجات تحديات مختلفة لم تؤد به إلى أن يبدو وكأنه اضحى فاقدا لذلك النفس الطويل الذي كان يميزه لدى انطلاقته الاولى والذي كانت تحدوه طموحات عالية في التحول إلى قوة دولية مؤثرة فحسب وإنما جعلت تأثير الاتحاد الاوروبي في العموم يقع ضمن حدود وحجم المصالح الخاصة للدول الاعضاء على حساب المصالح العليا للاتحاد الأوروبي. فالعديد من هذه الدول صارت في العموم تعيش حالة اهتزاز في ظل تنامي التوجه الوطني بين الاوروبين وصراع المصالح بين الاقطاب الاوروبية وغياب الانصهار في سياسة خارجية وامنية واقتصادية موحدة الامر الذي جعل أوروبا تبدو وكأنها عبارة عن مجموعة دول ذات سيادة ومصالح تكاد تكون متباينة.

كما أن اليمين الشعبوي المتطرف لم يتردد عن استثمار مخرجات سياسات اوروبية غير ناجحة للتشكيك في جدوى مشروع الاتحاد الأوروبي. وقد تبلورت نتيجة هذا الاستثمار في اقناع غالبية سكان المملكة المتحدة بجدوى الخروج من الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أن تحديد الاثار الحقيقية لتبعات هذا الخروج في الوقت الحاضر سواء على المملكة المتحدة و/أو الاتحاد الأوروبي لازال مبكرا لا مبالغة في القول أن الاتحاد الأوروبي لم يمر سابقا بمثل التحدي الذي نجم عن تجربة البريكست.

ويرى البعض ان هذه التجربة قد شكلت البداية لانفراط الاتحاد الأوروبي لاحقا سيما وان هناك ثمة دول أوروبية اخرى قد تعمد هي الاخرى إلى الاخذ بها وخصوصا اليونان وايطاليا والسويد وهنغاريا وجمهورية الشيك والدنمارك. ومما يساعد على ذلك انتشار الحجة بين دعاة الشعبوية في دول اوروبية مثل ماري لوبان في فرنسا وفيكتور اوربان في المجر والتي تفيد أن الاتحاد لم يُعد قادرا على التعامل الكفوء مع الازمات الأوروبية ومن ثم صارمشروعا فاشلا. ومن هنا ذهبت رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية ماري لوبان إلى الإشادة بالخطوة البريطانية. إذ قالت:  »إن الشعب البريطاني قد اختار حريته عندما قرر الخروج من الاتحاد الأوروبي«.

إن كيفية تعامل مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع أزمة إنتشار كورونا التي لم يكن مثل سواه مستعدا للتعامل معها بكفاءة لان استعداداته المسبقة كانت على صُعد اخرى دفع إلى تشبيه مخرجاتها بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس أي بدالة الازمة العاصفة التي أنهت ما تبقى من أمال للحفاظ على الاتحاد الأوروبي.

إن الإجراءات التي تم تبنيها من قبل الاتحاد الأوروبي لم تكن بمستوى تحدي هذه الازمة لا إنسانيا ولا إقتصاديا. فالدول الأوروبية راحت إلى الاخذ بانماط من السلوك طغت عليها الخاصية الحمائية وتقاطعت مع الدعائم التكاملية للاتحاد الأوروبي الذي بدوره لم يستطع الاتفاق على خطة وقائية موحدة. لذا وجدت دول الاطراف الأوروبية نفسها وحيدة. ويفيد بكاء الرئيس الصربي جراء ذلك بخيبة امل كبيرة لدى هذه الدول.

وقد وجد الشعبويون الأوروبيون في مخرجات هذا التعامل فرصة لطرح مدى جدوى مواصلة الدول الأوروبية المتضررة لعضويتها في الاتحاد الأوروبي. فمثلا يقول الرئيس الايطالي:  »يوجد خطر من أن يفقد الاتحاد الأوروبي سبب وجوده… وعلى غرار أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو في عام 2010 عاد الشرخ القديم للظهور مجددا بين دول الشمال الأوروبي المانيا وهولنده وبين دول الجنوب الأوروبي ايطاليا واسبانيا«.

إن ادراك دول الجنوب الاوروبي مدعومة من قبل ثمة دول في وسط وشرق اوروبا ان الاتحاد الاوروبي لم يعد يحقق لها مصالحها المنشودة قد يؤسس لإتجاه ينمو لاحقا وبمخرجات داعمة لمشهد التفكك والانهيار.

  1. 2 مشهد الإتجاه نحو ديمومة معطيات الوضع الراهن

يتأسس هذا المشهد على فرضية مفادها ان تفاعل استمرارية ثمة معطيات أوروبية على حالها مع أخرى تدفع إلى التغييريفضي إلى اقتران الاتحاد الأوروبي بمشهد يجمع بين معطيات الارتقاء والانكفاء.

وتفيد معطيات الواقع الأوروبي وكما عبرت عنها مضامين المشهدين الاول والثاني في اعلاه إنها تؤكد مضمون هذه الفرضية. لذا نرى وبأرجحية احتمال عالية أن معطيات الوضع الأوروبي الراهن، بإيجابياتها وسلبياتها ستبقى ممتدة إلى عام 2030.

*استاذ العلوم السياسية ودراسات المستقبلات

العدد 104 – أيار 2020