الاجنحة المتكسرة تحلق في سماء بيت الدين

جاد الحاج

اكثر من مئة عام مرّت على نشر  »الاجنحة المتكسرة« لجبران خليل جبران ومنع الرواية من الوصول الى الجمهور العريض بحجة تطاولها على القيم السائدة والكنيسة… لكن ما قيمة الزمن امام شعلة العبقرية؟ يأتيك الجواب من بيت الدين، من الباحة الداخلية للقصر الشهابي، حيث قدم مهرجان السنة عملاً غنائياً ممسرحاً مستوحاً من قصة حب مستحيل عاشها جبران وهو في الثامنة عشرة لدى عودته من اميركا الى لبنان في مطلع القرن العشرين. حب اول مهيض الجناح يتحول الى صرخة مدوية لا يطفئها مرور الزمن، بل تراها انتشلت صوت جبران ونشرت قزحه الناري بين الغرب والشرق. هي صرخة روميو وجولييت، عنتر وعبلة، قيس وليلى، لورا وبيترارك… وكل حبيب وحبيبة وقف المجتمع ضد جماعهما.

شاهدت لندن النسخة الاولى من  »الاجنحة…« منذ سنة وانطلاقاً من اقبال الجمهور اجريت تعديلات اخراجية متطورة تتناسب مع المستجدات العصرية فيى الصوت والمشهد. واعتبر منظمو العرض أنّ لبنان لا بد أن يكون المحطة الأولى في جولة وشيكة على الشرق الاوسط والعالم. يؤدي نديم نعمان دور جبران في المسرحية والى جانبه مجموعة محترفين من محيط  »وست إند« في لندن، كعبة المسرح الانكليزي.

 قال نعمان (34 عاما) في بيت الدين:  »بالنسبة الي كشخص لبناني عشت في لندن، أرى تشابهاً بين غربة جبران وغربتي، وأفهم تماماً كيف يشعر المرء عندما يعيش في مكان بعيد عن مسقط رأسه ومهد طفولته، لكنه مع ذلك يتواصل مع واقعه… الأمور نفسها ما زالت تحدث الآن. كيف تشعر أن تكون مهاجراً وكيف تشعر حين مغادرة وطنك، كيف يشعر المرء بأن ينشأ في مجتمع يريد فيه شيئاً والتقليد يعني أنّه لا يمكنك الحصول عليه، وترتيب الزواج من وراء ظهور العرسان ومن دون الالتفات الى آرائهم، وكلّ هذه المسائل ما زالت تؤثر في العديد من العائلات، وهذا أمر لا يصدق حقاً ولا سيما كم كان يؤمن جبران بالمساواة للنساء وكم كان صوتاً علياً لحقوق المرأة«.

واكّد نديم نعمان أنّه  »لهذا السبب قدمنا العرض باللغة الإنجليزية مع مجموعة غربية أو دولية لأن هذا ما كان عليه جبران، لقد كان شاباً يسافر إلى جميع أنحاء العالم ويكتب بلغتين أخرى«.

اخرجت العرض الأيرلندية برونا لاجان، بعدما وجدت في الرواية المنشورة عام 1912 عناصر فنية وثقافية على مستوى الموضوعات الرائجة عالمياً، ما يمكن استشعاره والتفاعل معه أينما عُرض. وأشارت إلى أنّ  »القصة هي قصة لبنانية لكن الموضوعات عالمية، لقد عانينا جميعاً من الحب ووجع القلب والموت، وهذا البحث عن وطنك وهويتك، هذه الموضوعات العالمية تجعلها متصلة بالعالم«.

وأضافت:  »أن تكون هنا هو أمر ساحر تماماً، وأن تكون محاطاً بجدران القصر هذه وأن ترى ليلاً مجموعة من النجوم فوق رأسك وبجانبك تلال مليئة بالمنازل المتلألئة، عندها تعرف لماذا كتب جبران ما كتبه«.

 يعود إنتاج العرض الضخم الى اللبناني المقيم في لندن علي مطر، وهو يشعر بالفخر تجاه النتاج الأدبي لمواطنه جبران ويتطلع إلى مشاركته مع أكبر عدد من الجمهور حول العالم. ويقول علي:  »أشعر أنه من الواجب بطريقة ما إخبار الناس عن عمل جبران، وإظهار لبنان في ضوء جميل، وجبران يفعل ذلك بنا خاصة أولئك الذين يعيشون خارج لبنان«.

حظي العرض بإقبال واسع من جمهور مهرجانات بيت الدين، الذي صفّق طويلاً بحرارة صادقة.

العدد 96 – ايلول 2019