القاصة السعودية فوزية الشنبري: الكتابة الإبداعية وثيقة تدل على أننا أحياء

يتوافق أهل الأدب على ماهية النسيج الأدبي المكوّن من العاطفة، المعنى، الأسلوب والتخيّل، حيث تتماهى هذه المكوّنات ويختلف استخدامها من نصّ إلى آخر ومن كاتب لآخر وفق متطلبات الحبكة والقصة، أو وفق ما اذا كان النصّ شعرياً أم نثرياً. ولكن في النصوص النثرية فنجاح الرواية مرتبط بعدّة عوامل، منها تماسك الحبكة، ترابط

روايتها على جباه الرعاة

الأفكار والتشويق والأسلوب السلس القريب من القارئ، الذي يُبعده عن التكلّف والتعسّر. هذه العوامل وغيرها كشفت عنها القاصة السعودية فوزية الشنبري في روايتها “مكتوب على جباه الرعاة” كما أجادت الانسجام والاتساق في “لعبة نزقة”.

ومن هذا النسق عينه وسط موجة السوشيل الميديا التي تخطو فيه الكلمة أشكالا عديدة وتطغى الصورة عليها تقع على الكاتب اليوم مسؤولية أكبر في تحقيق الاعتبار الأدبي وشدّ الرغبة نحو المتابعة والقراءة، والكتّاب اليوم لديهم مقدرة أوسع على الظهور من خلال تعدّد منصات التعبير والتواصل. ومن هنا، كان لـ”الحصاد” اهتمام واسع بحال الأدب والأدباء بكافة مساراتهم طيلة الأعوام السابقة، لذا نتطرق اليوم في أدب الروايات لدى القاصة السعودية فوزية الشنبري التي مرّت مسيرتها بنجاحات عديدة في كتابة الرواية العربية.

فوزية حسين الشنبري حاصلة على بكالوريوس كيمياء دبلوم صيدلة. كتبت مقالات متنوعة في صحف محلية، وصحيفة آراء الالكترونية. لها مشاركة خاصة في اليوم العالمي للقصة القصيرة بنصوص متنوعة في إصدارات القصة القصيرة السعودية .

أطلقت روايتها “لعبة نزقة” عام 2017.

أما مجموعتها القصصية “مكتوب على جباه الرعاة” عام

حيث تتناولت مسألة التحديق والفضول، لرجل تحاصره أسئلة وجودية حول واقعه، يطمح للرؤية عبر منظار ويبحث عن بقعة مناسبة يحدق منها في الحياة عبر منظاره الذي يمكنه من اكتشاف أسرار كثيرة حوله لتكشف له سرّه هو

لعبة نزق

الكامن في أعماقه المطحونة بالعادات والفروض اليومية…

عن بدايتها مع الكتابة تقول الشنبري: لا أعلم إن كنتُ ابتدأتُ أساساً أم ما زلت أطرق أبواب الأدب باستمتاع قرائي الذين يجرونني أحياناً كثيرة إلى خلق عوالم أكثر واقعية من الواقع نفسه او بالخلط المحبب بين الواقع والخيال فأكتبه لذاتي ثم تنسلٌّ فجأة إلى دار نشر توهمني بتصديق حالاتي المتناقضة المكتوبة في وقت واحد..

  • “الحصاد”: الإنتاج الأدبي اليوم يعيش صراعات التطور بأقصى قوتها، كيف يصمد، بحسب رأيك؟
  • فوزية الشنبري: التطور في موضوعات الأدب بحدّ ذاته دافع نحو الارتقاء به، والبحث عن صراعات جديدة متناغمة مع البيئة المحيطة وقادرة على استشراف المستقبل الأدبي بدقة فنية تمتلك أدواتها ولياقتها الخاصة.
  • “الحصاد”: الكتابة اليوم تعدّ متنفساً بعيداً عن الزحمة والضوضاء. كيف تنتج فوزية الشنبري إبداعها المكتوب؟
  • فوزية الشنبري: لا أحب كونها متنفساً بالدرجة الأولى عن كونها عملية معقدة ضرورية. الكتابة الإبداعية هي التعبير الأصدق والأعمق بل والأدق في فهم الرغبة في التحرّر من فضاء ما تراه العين إلى ما لا تراه العين وما يغفل عنه الزمن الراهن. هي مواجهة ناعمة يحقّقها المبدع مع واقعه بأدوات أدبية تحرره من عقدة النظام والطبيعة إلى فكرة (عندي حلم) أعني الأحلام التي لها القدرة على كشف الواقع وبناء واقع جديد متواطئ مع سلطة الخيال.
  • “الحصاد”: تميلين نحو رؤية الجمال من كل شيء مرئي وغير مرئي، لكن التجربة أثبتت أن الحزن والألم يولدان طاقة إبداع خيالية، أتوافقين على ذلك؟
  • فوزية الشنبري: لنتفق أولاً على أن الألم إما أن يستنزف طاقتك ويدمّرك أو يشحذها بهمة نحو خلق عالم مواز جديد وإنسان آخر لا تخطئه العين. لكن اِنحيازي إلى رفض الواقع المترهّل والرغبة في المقاومة هي الطاقة الكامنة التي صنعت مساحة حرب صغيرة تدور في مخيلتي لتحرر فهمي من فخ الطمأنينة بالحقائق التي لا أؤمن بها إلى فضاء أكثر اتساعاً وسحراً، عدا عن ذلك فالحياة مليئة بالخيارات الجميلة..
  • “الحصاد”: ما الذي يميز “لعبة نزقة” عن غيرها؟
  • فوزية الشنبري: لا أعرف، ربما لا يميّزها شيء! القارئ فقط من يستطيع الإجابة على هذا السؤال.
  • “الحصاد”: هل بات انتقاء الأعمال الأدبية اليوم من وسط الساحة الأدبية التي فتحتها المدوّنات ووسائل التواصل الاجتماعية أمراً صعباً، أم زادت فرصة الحضور والظهور؟
  • فوزية الشنبري: الفنّ متنوّع ومتاح للجميع، والذائقة العامة هي من تختار وتمنح الجائزة للأعمال بتداولها، والتداول هنا نوعي خالص. فالقُراء ليس لديهم طريقة جاهزة عن كيفية قراءة النص، ولكنها عملية تخصّ القارئ وثقافته ووعيه. والكتابة الإبداعية بأنواعها هي وثيقة تدلّ على أننا أحياء.
  • “الحصاد”: ماذا أضافت المجموعة القصصية “مكتوب على جباه الرعاة” لمسيرتك؟
  • فوزية الشنبري: يتردد إلى ذهني أن ما نكتبه هو زمن صافٍ خارج فوضى الزمن، أي زمن يخصنا يقع بين قوسين في جملة حياة كتبها أصحابها وترفّقوا بها إلى حيث كمالها الفني الذي تحضر معه أرواحهم ورؤيتهم الوجدانية وسكونهم وتأملهم مع الناس وقلقهم وأمنية أن تبلغ أقصى ما يمكن في الجمال والفنّ.
  • “الحصاد”: تقولين في إحدى المقابلات “إن مشروع الروائي لحظة قرار وغالباً فرصة خطرة يدركها المبدع بعد نضوج قرائي غزير”، برأيك هل هذا الأمر مرتبط بذاتية الكاتب أم بواقعه؟
  • فوزية الشنبري: تخصّ المايسترو الذي يستدرج ألحانه ومخطوطاته ولغته وأزمنته إلى منصة خيالية يحاورها بلا حياد ويشترك معها في مشاجرات فنية وقيميِّة وحدسية قد تصلح للتعاطي وقد تمكّن القارئ منه.
  • “الحصاد”: ماذا تلقت القصة الأدبيّة من هذا العصر؟
  • فوزية الشنبري: القصة ماضية وتتجدّد في أساليب كتابتها والتعبير عنها بعوالم تستنطق المتأمل وتحرّك السائد بحيوية ويقظة. وقد لاقت هوى وعشقاً في أنفس قرائها. ربما كان المعنى المستبطن من هذا السؤال هو مقارنتها بالرواية ووهجها الذي شاع بسبب انصراف الجوائز والمؤسسات الربحية إليها، وهو حديث واسع وشائك وغير مهم في ظني، لأن الفنون كلها حاضرة بتفاوت مغرٍ ورائع ولا تحدّها الكثرة بل القيمة.
  • “الحصاد”: كيف ترين وضع الكتابة والأدب اليوم على صعيد الفنون في المملكة؟
  • فوزية الشنبري: السؤال تخصّصي لمتتبعي حركة الأدب والنشر والثقافة منذ عقود قديمة، والمشهد الأدبي اليوم أعظم شاهد على نهوض وتطور التحولات الإبداعية المتنوعة، واستمرار الإنتاج بغض النظر عن الإمكانات أو محدوديتها يبلور إيقاع المستقبل الأدبي.