رئيس التحديات الحاسمة… وعاد الجنرال الى بعبدا

 جاد الحاج

تحققت امنية القائد الاسبق للجيش اللبناني، العماد المنفي طوعاً الى فرنسا، والنائب اللاحق لكسروان ، ومعه جزء قد يبلغ نصف الشعب اللبناني ان لم يكن اكثر او اقل بقليل… انه الرئيس المصنوع على نار لبنانية حامية مئة بالمئة، بل هو الرئيس الاكثر اثارة للجدل منذ الاستقلال، بسبب شخصيته العصية على اللين والسهولة ناهيك بالسلاسة والسياسة كما يفهمها اللبنانيون – سلالاً وتوافقات مصلحية، وحفلة زجل موضوعها الاساس: حكلّي بحكلّك!

يقول العارفون الواقعيون ان السياسة في لبنان مبنية حجراً بعد حجر على تبادل الخدمات بين ذوي الشأن ابتداءً من وظائف الحجّاب والكناسين وانتهاء بالوزراء والمدراء العامين وقادة المواقع الامنية، وبصرف النظر عن الكفاءة والجدارة والنواحي المعنوية كالاخلاق والقدرات الخلاقة، فهي آخر ما يجري تداوله في عملية الحك العتيدة. يضاف الى ذلك كوتات الحصص التي يقتطعها السياسيون نهاراً جهاراً من مشاريع الدولة ومناقصات الشركات الكبرى… تلك اولى عقبات الحكم التي سيواجهها عون في رأي أولئك العارفين.

الا ان العقبة السياسية الابرز والاكثر حاجة الى المراس والحنكة لا بد ان تكون موقف الدولة اللبنانية الجديدة من الحرب في سوريا. يتكلمون عن »الحياد«…أي حياد والجنرال الذي استطاع وهو في المنفى ان ينتزع قرار الامم المتحدة بمحاسبة سوريا على بقاء عسكرها، على رغم انتهاء الضرورة، في لبنان. وكان مناصروه في طليعة المتظاهرين المطالبين بخروج »السوري«، طوى تلك الصفحة وزار سوريا وبات حليفاً لرأس حربتها في لبنان »حزب الله« . بل أي حياد يمكن الركون الى نتائجه في ضوء التفجيرات الاجرامية التي ارتكبها محسوبون على المعارضة السورية ضد لبنانيين مدنيين وضد اهداف تشوه سمعة الدولة اللبنانية امنياً وديبلوماسياً؟ لن يكون هذا الامتحان سهلاً على العماد الرئيس، خصوصاً ان سعد الحريري تورّط مادياً ومعنوياً في دعم المجموعات المقاتلة ضد النظام في سوريا ، والواضح اليوم ان تلك المجموعات تتهاوى وتتشتت، ولن تكون خسارتها مفاجأة على ضوء التوقعات الراهنة.

ثم كيف سيصلح عون ذات البين بين الشيخ سعد والسيد حسن وهو غير »مدعوك« في دهاء سياسي بهذا الحجم؟

هل واجه اي رئيس للجمهورية في لبنان تحدّيات تاريخية حاسمة كالتي تقف في وجه الجنرال؟

ضده، علناً ومن دون ذكر الاسباب لأنها واضحة، معظم سلاطين الإقطاع، قديمه و جديده، الذين يفرضون الجعالات ويستثمرون المشاريع جتى قبل ان تنجز، ويسلحون الانصارويمنحونهم رخص حمل السلاح، ويملكون ترسانات، ويتمتعون بحصانات امنية ومالية من الداخل والخارج. كيف يتخلى هؤلاء عن مكاسبهم لو تعرضت للمجهر الذي ينوي عون تسليطه على جمهورية الفساد الممتازة؟

قيادة الجيش عقدة اخرى. المخيمات الفلسطينية عقدة العقد منذ سبعين سنة. زراعة المخدرات والإتجار بها وتورط العديد من »النافذين« في سككها. انتشار الدعارة على كل مستوياتها. معضلات الكهرباء والماء والنفايات. وماذا عن قانون الانتخابات التاعس الذكر؟ هل صحيح ان الجنرال سيخضع لتمرير قانون الستين مرة اخرى بخلاف كل المواقف الرافضة من قبله وقبل »القوات« وغيرهما ؟

ما ذكرناه بعض من كل

لكن ميشال عون إما ان يهدم الهيكل على صيارفة الوطن ولصوصه، او يصبح آخر رئيس مسيحي للبنان. لا منطقة رمادية بين المصيرين.