شهداء ودلالات

معن بشور

سياسي مخضرم أبدى خشيته أن يعيش لبنان لفترة طويلة بدون حكومة رغم وجود رئيس للجمهورية كما عاش 18 شهراً بعد أيار 2014، بدون رئيس جمهورية رغم وجود حكومة…

نأمل أن لا تكون خشية هذا السياسي في محلها، وأن يدرك المعنيون ضرورة استعادة مناخ الوفاق الوطني الذي حكم البلاد منذ بداية العهد الجديد…

شهداء ودلالات

1 في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1956، استشهد في الساحل المصري البحار السوري جول جمّال بعد أن استقل زورق طوربيد واقتحم به مدمرة فرنسية )جان بارت( كانت تشارك في العدوان الثلاثي على مصر في 29/10/1956، مجسداً بذلك وحدة النضال العربي ومؤكداً أن العروبة هوية نضالية جامعة وعابرة للأقطار والطوائف والمذاهب والأعراق.

2 في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 1982، استشهد المقاوم أحمد قصير بعد أن قام بعملية استشهادية أدّت إلى تدمير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور في أول عملية استشهادية كبيرة واجهت المحتل الإسرائيلي بعد ستة أشهر على غزوه للبنان 1982، أدّت إلى مصرع 141 قتيلاً صهيونياً وعشرة مفقودين بينهم الحاكم العسكري نفسه، مما جعل المقاومة الإسلامية )حزب الله( تعتبر 11/11/ يوم استشهاده، يوماً للشهيد يحتفل بإحيائه كل عام، فكان استشهاده أول ضربة موجعة تلقاها جيش الاحتلال بعد هزيمته في مدينة بيروت واضطراره للانسحاب منها مذعوراً قبل ستة أسابيع من تلك العملية.

3 في الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2000، وفي مواجهات انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28/9/2000، استشهد الفتى الفلسطيني فارس عودة )15 سنة( على معبر كارني )غزة( بعد أسابيع من مشاركته البطولية في تلك المواجهات، وبقيت صورته وهو يقف أمام مدرعة صهيونية حاملاً حجارته رمزاً مضيئاً لبطولة شعب يأبى، برجاله ونسائه، بشيبه وأطفاله، أن يرضخ للمحتل.

4 في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004، استشهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات )ابو عمار( مسموماً في المستشفى العسكري في باريس بعد أن رفض جورج بوش الإبن طلبات رؤساء أجانب وعرب، بينهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك، للضغط على شارون من أجل أن يكشف عن نوع السم الذي اغتال به ياسر عرفات لمعالجته بالدواء المضاد، تماماً كما كان الأمر حين ضغط الملك الأردني الحسين على تل ابيب إثر محاولة اغتيال خالد مشعل الرئيس السابق لحركة حماس في عمان بالسم في 25/9/1997.

وبرحيل عرفات انطوت صفحة من النضال الوطني الفلسطيني المعاصر حين كانت رصاصات فتح الأولى في 1/1/1965، إشارة الانطلاق للثورة الفلسطينية المعاصرة، فاستحق ابو عمار، رغم كل ما يمكن أن تتعرض له مسيرته من ملاحظات أو انتقادات، أن يكون قائداً للثورة الفلسطينية ورمزاَ من رموز حركة التحرر العربية والعالمية.

5 في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر 2005 استشهد المبدع العربي السوري مصطفى العقاد )مخرج فيلمي الرسالة وعمر المختار( في تفجيرات عمان الإرهابية التي أدّت إلى استشهاد العشرات من المدنيين الأبرياء المشاركين في عرس في احد الفنادق.

كانت تلك التفجيرات إيذاناً بما ينتظر بلادنا العربية من إرهاب وقتل وتوحش.

إن استعادة هذا الشريط من الشهداء الممتد على أكثر من ستة عقود، وما تخلله من جرائم ومعارك وحروب وعمليات بطولية، ليس فقط للتأكيد على أن أبطال الأمّة لا يموتون بل هم أحياء عند ربهم، وعند شعبهم يرزقون، بل للتأكيد أيضاً على أن مسيرة المقاومة مستمرة على امتداد الأمّة، ولها رموز وقادة شهداء لا يغيب الواحد منهم حتى ينبت الف مقاوم جديد…

قال مرة القائد الخالد الذكر جمال عبد الناصر »لا يمكن تصفية قضية فلسطين إلا بتصفية شعب فلسطين«، واليوم نقول ونحن نعيش أجواء ما يسمى »بصفقة القرن«، انه لا يمكن تصفية قضية استقلال الأمّة ووحدتها ونهوضها إلا بتصفية إرادة المقاومة في الأمّة وحركاتها وثقافتها وهو أمر مستحيل التحقيق مهما تجمعت قوى لتحقيقه…

في ذكرى رحيل أبي عمار

بسطار وجنة

كثير من الكلام قلناه وما نزال في ذكرى رحيل الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي اختلف معه كثيرون، لكن أحداً لم يختلف على رمزيته وشجاعته وتفانيه وبساطة عيشه واستقلالية قراره وحبه اللا محدود لوطنه فلسطين…

كنت واحداً من الذين عايشوه عن قرب خلال وجوده في لبنان، وواجهت معه قصف الطيران الإسرائيلي مرات في العرقوب ومخيم النبطية ومحلة الفاكهاني في بيروت… وأشهد أنه خلال الحرب اللبنانية كان لا يفوت فرصة إلا ويسعى إلى إطفاء الحريق في لبنان، لأنه كان مقتنعا أن هدف الحرب، التي اندلعت في 13 نيسان 1975، الانتقام من فلسطين وثورتها ولبنان وشعبه الذي احتضنه، لاسيّما بعد أن وصل عرفات إلى منبر الأمم المتحدة، وألقى الرئيس الراحل سليمان فرنجية كلمة العرب من المنبر ذاته مدافعاً عن قضية فلسطين…

وما زلت أذكر كلمة لأبي عمار قالها في صيف 1976، وفي أوج الصراع السياسي والعسكري مع دمشق، وحين طرحت فكرة إرسال قوات ردع فرنسية لإيقاف القتال في لبنان بدلاً من قوات ردع سورية.

قال الرئيس الفلسطيني يومها: بسطار )أي الحذاء العسكري( الجندي السوري العربي ولا جنة الجندي الفرنسي…

الحرب هذه المرة مختلفة

في كل حروب الصهاينة على لبنان منذ عام 1978 إلى عام 1982 إلى عام 2005، كانت تل أبيب تتسلل من انقسام عمودي في لبنان في محاولة لتحقيق أهدافها في لبنان…

اليوم تدرك تل أبيب أن اللبنانيين رؤساء، ودولة، وقوى سياسية، ومواطنين، موحدون في رفض احتجاز رئيس حكومتهم في الرياض. ولديهم مقاومة أقوى من أي وقت سابق، وتستند إلى محور كبير. عربي وإقليمي ودولي، وقوى شعبية عربية وإسلامية ما زالت تعتبر فلسطين بوصلتها والكيان الغاصب عدوها الرئيسي.

وتدرك تل أبيب أيضاً أنه مهما تلقت أموالاً لتمويل حربها، فإن كلفة تلك الحرب المادية، ناهيك عن الكلفة البشرية وحتى الوجودية، تفوق الأموال الموعودة…

لا بل إن مراكز القرار العسكرية والأمنية والسياسية في واشنطن تدرك أن مثل هذه الحرب »مغامرة غير محسوبة« وتهدد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والعالم…

لبنان ليس الحلقة الأضعف، خصوصاً في ظل الانتصارات الميدانية التي تحققها قوى المقاومة في المنطقة…

المنطق يقول أن لا حرب قادمة دون أن ننسى أن بعض أصحاب القرار في تل أبيب وحلفائها لا يتصرفون وفق المنطق…

يمن الإنجاز والألم

يزن خيري… خير اليمن حين يفيض رغم الجراح… فائزاً للمرة الثانية بالميدالية الذهبية في ماراتون بيروت 21 كلم… التفوق اليمني هو الذي يخيف الغارقين في فشلهم وأحقادهم… أغلقوا على اليمنيين كل الأبواب فجاءهم الإنجاز من ميدان الرياضة في بيروت مواكباً لإنجازت الصمود والبسالة في ميادين الدفاع عن اليمن بوجه أبشع وأشرس عدوان…

حمى الله عراقنا

معن بشور

12/11/2017

حمى الله عراقنا الحبيب بعربه وكرده وتركمانه من زلازل الطبيعة، ومن تداعيات كل الزلازل التي مرت به، خصوصاً زلزال الاحتلال الأمريكي وآثاره المستمرة.

حكاية من وحي الظروف

كان القائد الفلسطيني الكبير الشهيد كمال ناصر الذي اغتاله مجرم الحرب ايهودا باراك في منزله في محلة فردان في بيروت في 10 نيسان/أبريل 1973، مع القائدين الشهيدين أبو يوسف النجار وكمال عدوان والشهيدة أم يوسف النجار، يروي ضاحكاً القصة التالية… يقول: أيام اللجوء السياسي إلى لبنان من الأردن، حيث كان نائباً في البرلمان، طلب منه عضو القيادة القومية في حزب البعث آنذاك المناضل المرحوم فيصل حبيب الخيزران، أن ينقل منشورات حزبية إلى بعض البعثيين العراقيين اللاجئين يومها إلى دمشق، وكان التوتر في ذروته بين البعث والأجهزة الأمنية في دولة الوحدة، وكانت رواية تذويب القيادي الشيوعي الشهيد فرج الله الحلو طازجة…

ضحك كمال، المشهور بظرفه، وسحب جواز سفره من جيبه وقال لفيصل: »ماذا تقرأ هنا« فاستغرب القيادي البعثي السؤال ثم أجاب: »كمال بطرس ناصر«…

نظر كمال في عيني رفيقه وقال: »نعم… كمال بطرس ناصر مش عنتر بن شداد«… وذهبت الحكاية مثلاً في كل مرة يحاول الناس أن يجدوا عذراً لمن لا تسمح ظروفه أوشخصيته أن يواجه ضغوطاً تتهدد حياته أوحريته أو مصالحه…

بالوحدة ننتصر على الأعداء

جموع الفلسطينيين الضخمة التي خرجت في غزة ورام الله، أكّدت وفاء الشعوب لقادتها التاريخيين، واكدت على وحدة الشعب الفلسطيني رغم كل المعوقات.

تحول مسيرة الماراتون الضخمة إلى المطالبة بعودة رئيس الوزراء سعد الحريري تأكيد على أن الشعوب تنتصر لكرامتها وتتمسك بوحدتها رغم كل المكائد والدسائس.

إجماع العرب على الابتهاج بوصول أربع فرق عربية إلى مونديال روسيا 2018، أولهم مصر والسعودية، وآخرهم تونس والمغرب، تأكيد على وحدة الأمّة رغم كل خناجر التجزئة وسكاكين التفرقة…

بوحدتهم ينتصر العرب على أعدائهم الذين يمعنون تمزيقاً في جسد الأمّة…

في التشاؤم

سأل تلميذ أستاذه: عرّف لنا التشاؤم… سكت الأستاذ ثم قال: غداً أعطيك الجواب…

في اليوم التالي جاء الأستاذ وقال للطلاب: أمامكم الان امتحان مفاجئ…

وزع الأستاذ أوراق الامتحان مقلوبة على الطلاب، وقال لهم لا تقلبوا الأوراق حتى أعطيكم الإشارة…

أعطى الأستاذ الإشارة فقلب الطلاب الأوراق فلم يجدوا أسئلة بل نقطة سوداء في وسط الورقة البيضاء، فقال لهم الأستاذ: الآن اكتبوا ما رأيتم…

بعد أن تسلم الأستاذ الأوراق من التلامذة بدأ يقرأها عليهم ورقة ورقة، فإذا بها جميعا تكتب عن النقطة السوداء وكل ما خطر ببالهم من افكار حولها…

بعد أن فرغ الأستاذ من القراءة تطلع صوب التلميذ الذي سأله بالأمس عن التشاؤم… قائلاً: أعرفت الآن معنى التشاؤم… أنه موجود في أذهانكم فلم تروا في كل الورقة البيضاء سوى النقطة السوداء وبنيتم كل أجوبتكم عليها…

استقلال لبنان بوحدة أبنائه

كان اللقاء مع الرئيس ميشيل عون في القصر الجمهوري قبل قليل مطوقاً بأجواء استقلالية جميلة أحدثها وجود المئات من طلبة المدارس الابتدائية الذين انتشروا في صالات القصر وردهاته. الرئيس عون قال لنا في وفد تجمع اللجان والروابط الشعبية: »انها أجواء استقلالية بالفعل فكلما عزز اللبنانيون وحدتهم تعزز استقلالهم وكلما تعزز استقلالهم تعززت وحدتهم…