لا قراء في هذا المبنى الضخم

المكتبة الوطنية بين الكونت دي طرزي وجيرار خاتشاريانعبيدو باشا

لعل أبرز إنجازات جيرار خاتشاريان ، الكفاح من أجل إخراج المكتبة الوطنية من جسد النسيان ، لكي تعود قوية ، متوهجة ، شجاعة . ذلك أن الصفة الأخيرة ضرورة من أجل الكمال في البساطة . بساطة لا تبسيط . أضحت المكتبة جسداً مرئياً من جديد بعد أن ابتلعتها الحرب الأهلية اللبنانية ، حيث ظهر خسران المكتبة ( موقعها في الوسط التجاري أولاً) كخسران كلية . صحيح أنها نهبت من المليشيات . نهبت بالأخص ، المقتنيات النادرة . مخطوطات بشكل أساسي . ولكن استمهال الرجل ، وهو من المعروفين بعدم التعجل وبالدراية الماتيماتيكية أخرج ما تبقى من يد الخطر . ثم ، راح يضيف مؤلفاً وراء مؤلف . فرد واحد يقود السفينة . رجل واحد على دفة السفينة . رجل واحد يقدم أفكاره وعواطفه لفكرة عودة المكتبة الوطنية . لقد أخرجها من التبعثر . بعدها ، أخرج قوته الموجودة في داخله في صالح التحرك . التحرك لا من خلال التحرك وحده ، من خلال التجدد والتطور . كأنه شعر بما شعر به الأسلاف . وحين فعل وجد أن من واجبه أن يضيء انطلاقة المكتبة الجديدة ، بتجاوز الأليات والأفكار القديمة . من الكونت

مبنى المكتبة الوطنية في منطقة الصنائع

فليب دي طرزي بالعام ١٩٢٠ . بعضهم يؤكد أن تأسيس المكتبة وقع بالعام ١٩٢١. بكل الأحوال ، نحن أمام شخص استثنائي واصل عمله لهدف نبيل ، لغاية نبيلة ، هي رفع الذراع أولاً. ثم ، رفع الذراع بعد إسدالها في الغرق في ماء المسلحين . مسلحو المليشيات ، من يفضلون تعليق الكتب على الأشجار بدل رؤيتها في الأيدي أو على الطاولات .

شغل الرجلين شغل صاغة . لامبالغة . سوف يتخلى الواحد منهما عن أناه وهو يحكم على صداقته للعلم والمعرفة واستيقاظهما بعيداً من أفكار هرب الأفكار . لم يسمح جيرار خاتشاريان سرقة جزء من دم المكتبة . بالأخص قانون الإيداع. سمع صوت المؤسس الأول . تبعه كمؤسس آخر ، بعد أن ودع الغيوم المستوية في سماء الحرب . لم يقل شيئاً على الطريق . لأن الرجل رجل ثمار . لا رجل فصول . هكذا ، أعاد تشغيل قانون الإيداع ، وهو قانون يفرض على الناشرين إيداع نسختين من كل إصدار جديد في المكتبة الوطنية . لا علاقة للأمر بالمشي بقدم مستعارة . وقف ووجهه للبحر . لم يدر وجهه للبحر وهو يرفع رفوف الكتب مع فريق من الإخصائيين في مبنى المكتبة في منطقة المرفأ، قبل أن ترفع المكتبة رفوفها إلى مبناها الجديد في منطقة الصنائع. هذه نعمة من نعمه. لأنه قاد أخطر العمليات. العمليات المالية في المقدم . هذا اختصاصه . هذه نجمته . نجمة واحدة تنادي بعيداً من الإلهام الأسود . فرح وهو يسمع صوت المكتبة يعلو صوته . إذ أدرك أنه قام بالضروري . باليقيني . لم يهمه ما يقال على الطريق . حيث وجد أن نجاة المكتبة نجاة لقطاع ، لشريحة واسعة من الناس . المثقفون ، الفنانون ، الباحثون ، الصحفيون ، القراء، طلاب الجامعات . كأنه ارتبط بمنتجه برباط الدم. لم يترجل عن صهوته ، إلا حين مات . وحين مات ، أحس الناس أن المكتبة لم تولد بعد ، بعد انفصام العرى بينه وبين المكتبة . بعد انفصام العرى ، إثر الخروج من المعطى التطوعي إلى المعطى المادي . لا هواية بعد . الإحتراف ضرورة . ولكنه سوف يولد صراعات بين الأعراق. وهذا واضح في تراجع الواجب ، تراجع الدور ، تراجع الهدف . لم يعد ثمة من منتصب قامة في المكتبة سوى المبنى بعد وفاة الرجل حزيناً على ما آل إليه وجه المكتبة . وجه حزين ، لم يعد يحدق في عرض البحر إذ يراح يحدق في المباني المجاورة وهو يغض الطرف عن توهج المتصارعين في المكتبة ، حيث التحموا في قلبها . لم يلتحموا فيها . التحموا عليها ، ما أوقع دورها في الخجل ، حيث راحت تتفتح هاويات الظلام .

ثلاثة أعوام ، على انسلال الرجل من المكتبة حيث تحولت إلى كهف . ذلك أن المكتبة خرجت من يد الجميع ، بعد ترميم مبناها بمنحة قطرية بلغت خمسة ملايين دولار . أولاً ، لأن جماعة من الموظفين لم تستعمل بعلم فراسة الدماغ سوى من ناحية توهج الأجور وتحويل الظلال إلى أشكال منفوخة . إذ بدأ الشبه واضحاً بين المكتبة وبين أية مؤسسة رسمية أخرى . مؤسسات بيروقراطية يرتدي موظفوها ملابس المتسولين ، من صمموا على البقاء لأطول الأوقات بدون مناقشة الخطوات المقبلة . ثم ، أن الوضع لم يستقر. على وضع مريح ، من نتوءات التنظيم والقصص الشديدة الغرابة في علاقة الوزراء ومستشاريهم بطاقم المكتبة الحاكم . ثم ، ظهر كأن الوضع أخرج قطعة معدنية من جيبه ورماه في الهواء . لا شيء هنا على سبيل القص ولا القصص. لأن ثمة من لم يعد على قيد الحياة . لا أتكلم على غياب جرار خانشاريان وحده. أتكلم على غياب الآف المواطنين مع

جزء من المكتبة . لقطة من الداخل

وقوع كورونا على رأس الجميع ،لن يستطيع أحد تجاهل هذه المرحلة. إذاك ، تم الإقفال ، من الأروقة إلى الصالات. تم إقفال حتى الشوارع المؤدية إلى المكتبة. ضربة قاضية . بالأخص لأن أحداً لم يقضٍ وقتاً في المكتبة . لم تفتح أمام طالب مجلة أو كتاب أو وثيقة . انتهت لهفة البقاء . لأن أحداً لم يفتر عن ابتسامة أمام هذا المبنى . مبنى لم يرفع التحية لا لمواطن عادي ولا لمواطن عبقري . قصة مُرَّة .

انتهى أماني ما قبل الموت عند السيد جيرار خاتشاريان من تواطأ بعضهم على سلطته وحكمه ، بحيث أجبر على توقيع استقالته بتهم لا أساس لها من الصحة . هكذا ، خسر هذا الصرح من لاحق المؤسسات المانحة الأوروبية لكي تكتب قصتها من جديد . لم يسمح بأن تظهر وهي تعيش في الذاكرة . هكذا ، خسر الصرح عملاق الغاية. الغاية العملاقة . خسران عملاق الغاية والغاية العملاقة . خسارة مزدوجة . وهي خسارة ثلاثية الأبعاد ، بعيداً من المضي في الجهل . حيث أن خاتشاريان فرد في جماعة

انقلاب المسرح اللبناني من حجمه الأول إلى حجم شجرة عملاقة . إنه من صناع البدايات الصعبة في تجربة المسرح.مقدام على منصات المدينة.ثم،مقدام على “مسرح المدينة ” . رجل من رجال دفن الشك بأن المسرح اللبناني لن يستطيع إلقاء نظرة على نفسه . ما فعله مهم ، من خلال شغله على تشريح الأسباب والوظائف . حتى أن الرجل طفش في شوارع بيروت لمي يبيع البطاقات . دق على أبواب المنازل . وافق حراكه حراك المسرحيين الآخرين . أصدقاؤه. رأى كما لم يرَ الكثيرون . وقف في وجه المشقات مع روجيه عساف ونضال الأشقر وجلال خوري ورضا كبريت وعشرات اللاعبين على الفكرة الرئيسية . أن المسرح مهم . هام . أنه مساحة ، لا فزاعة . شيء من شخصية مقاومة. لأنه قاوم معامل انتاج حجز مواقع لإسرائيل في المؤسسات الدولية . ذلك أن الرجل شوهد في باريس يعترض تمدد الوجود الإسرائيلي في المؤسسة الدولية للمسرح . Iti. حدث الأمر منذ خمسين سنة ، حين رفع الرفاق عقيرتهم في مواجهة ارادة مسؤولي المؤسسة تزكية وجود إسرائيل. وجود مقعد مخصص بها ، بلا انتخاب . هاجم المؤسسة ، هاجم فكرتها مع جلال خوري وأسامة العارف في مقر المؤسسة بالعاصمة الفرنسية ، بوصفهم أعضاء في الهيئة الإدارية في فرع لبنان في iti.

(٢)

جيرار خاتشاريان واحد من من لعبوا أدوارهم بجعل المسرح بالغ الصلابة في مجتمع وجد فيه ما لا يتمم حياته . إنه قلب نزعه أطباء محليون من جسد الحضارة الأوروبية . لصاحب السنين البارزين بمقدم الفم دور مكثف ذي أهمية بالغة ، في تقديم المسرح كشكل بسيط لا تحكمه الأشباح . شكل لا علاقة له بالإعاقات الذهنية . إنحاز ، أن تقنع الجمهور أن المسرح صديق طيب في بيئة معادية . لا أوهام لدى الرجل المتخصص بالعلوم المصرفية . غير أنه لم يغلق على نفسه داخل غرف المصارف . إذ قام بوضع علومه لصالح المسرح ما حوله إلى مساحة معشبة من خلال ضبط ميزانيات الفرق . تفهم لا يضأل . تفهم يشارك فيه الأخ أخاه في السير في الشارع الواحد . فتح دروب من خلال مواصلة الحديث بين الاختصاصات . مناضل يوزع الحلوى على المسرح وأبطال المسرح ، بدون أن يذوق حلواه . ترك حصته للمسرح لا لنفسه . مصرفي لا كبائع قمصان . هكذا ، أفهم المسرحيين ضرورة ارتباط المسرح بالإقتصاد . لا مسرح عظيم بدون اقتصاد عظيم . أتاح من خلال ما قدمه التصديق على بياناته بعيداً من التفليك. الإقتصاد في كل مكان حولنا ، هذا ما سمعه من جلسوا لمناقشة وجهات نظرهم في المسرح وعلاقتها بالحياة الدنيا . جد ، لا مزاح . لا مزاح عند من اختلف مع الجميع ، لكي يقدم المكتبة الوطنية في نسختها المحدثة بالجوهر لا من خلال ما يمكن الوصول إليه والإكتفاء به .

لولا جيرار خاتشاريان لمات العديد من المسرحيين من زيادة السكر أو من زيادة الملح في فواتير مسرحهم . لا أنس أمام الفاتورة . كل فاتورة إستحقاق . لأن الفاتورة وحدها لا تكذب . الفاتورة أرقام . الفواتير جدوال بيانية لا يستغنى عنها . هذا ما قاله ومارسه بعد حياكة نسيج جديد ، يقوم على فهم الأمور المشتركة بين الإقتصاد والمسرح . لاحظ . ثم ، وضع الأرضية . بدون ذلك سوف يضحي المسرح جسداً مهدداً بالموت . سوف يتحول المسرح إلى جثمان . جيرار موضب ممتاز . مجرة لم تهدد الأرض بالفناء بالإصطدام . الفاتورة صور الرجل . رصاصه الخلبي . الفاتورة عمق المسرح . الفاتورة عنوان المأسسة الأول . بدون مأسسة سوف يراوح المسرح في الهواية. إعاقة. المأسسة راية. وحين التقى الرفاق على الأمر هذا ، حاك التاريخ نسيجه . حمى خاتشاريان المسرح بالاقتصاد وأدواره ، بالقوة واللطف . حمى الرفاق بذلك، فب محترف بيروت للمسرح أولاً. ثم ، كرت السبحة مع جلال خوري وأسامة العارف ونضال الأشقر وبعض من وجدوا في انضباطهم نطقهم اللازم . لم يسطل المسرحيين بعلومه المصرفية، حين وجد المسرحيون أن لا مسرح في نحو من الأنحاء باختلافه مع مناطق الإقتصاد . مناطق جميلة ، لم يفهم فيها المسرحي إلا بوقوفه على منعطف جيرار خاتشاريان . إذ أن جميع من عملوا مع خاتشاريان لم يجدوا دم مسارحهم على أكمامهم . أزالة دمامل المسرح عن جسد المسرح. هكذا ، أمضى المسرحيون أوقاتهم وهم يدلون بأصابعهم إلى هذا الرجل الغارق في الإقتصاد . راحوا يقول الواحد للآخر ، إذهبوا إلى جيرار ، إسألوا جيرار . لأن من يذهب إلى جيرار لن يندم ، لا بالأيام ولا بالأسابيع ولا بالأشهر ولا بالأعوام . قالوا ما قالوه ، وهم يلحظون تعامله معهم كممرضة لا ترى نصيبها إلا في إنقاذ المرضى سواء في مستشفى أو مستوصف .

لم يعانِ الرجل من شدة ، لأنه لم يتعلم التعب . لم يحيي لا الحركات السريعة ولا الحركات الهشة . أوغل في الإنتهاء وهو لا يزال في البدايات . السعادة من نصيب المسرحي لا من نصيبه . السعادة نصيبه بطرق لا مباشرة . إنه على أول السطر . عقلاني ، حسي ، علمي ، لا تسعده العاطفة .يصعد الأدراج بالفهم . حين يلمس الأشياء ينهض الآخرون عليها ، في المصرف ، في المسرح ، في المكتبة الوطنية .. قاس ، عادل . لأنه لا يريد أن يرى المسرح غارقاً في الحداد . وأن تقف المكتبة على وجه الدقة . المسرح مطبخ ، المصرف صالون عنده . بداية النهار للمصرف، بداية المساء للمسرح . هكذا: ثبت أقدامه بالحياة وسط الزوابع وهو يضبطها في أنفاقه .

صحيح أن لا سابق معرفة بين جيرار خاتشاريان وبين جريان الدم في شرايين المكتبات . ولكنه دخل فيها بدون مقدمات . لا على نحو فظ . دخل بأناقة ، تشبه أناقته الداخلية . اناقة خاصة ، بأرمني لم يستهل كلامه يوماً بالأرمنية. لغته العربية رفيقة طفولته ، لا رفيقة صباه . المعنى هنا . الرسالة هنا . هذا خياره في ظلال الظروف الراهنة والظروف العادية . يقرأ بالفرنسية كما يقرأ بالعربية . ثم ، أنه فقرة لا يمكن القفز فوقها في ذاكرة المسرح اللبناني . ما عرفه ، لم يعرفه أحد . لن يعرفه أحد . لأنه حين لازم ، لازم وحيداً. وحين انتهى ، انتهى وحيداً .

بقي خاتشاريان على الإيقاع الحلال على الدوام . لا يصرف قرشاً إلا بيدين مرتجفتين ، بيدين راعشتين تزحفان إلى القرش بالإعتذار على صرفه . لا علاقة للأمر بالبخل . ذلك أن الرجل وجد ما وضع بين يديه أمانة . وهي ثقيلة على من يعرفها ، من لا يقرأ عنها . خياره في المكتبة خياره في المسرح . يتذكر لا لكي يوسع الألم . يتذكر لكي لا تضيع أجزاء من الراوية. لكي لا يبقى تاريخ المسرح سكراناً. لم ينكسر لسانه العربي، كما لم تنكسر قامته . ملابس بسيطة . تلازمها قبعة. هذه أمور حدثت ، بقيت تحدث إلى أن مات ، منذ ثلاث سنوات . لم يتكلم كصاحب سمو وهو يروي

جيرار خاتشاريان: مدير المكتبة الوطنية

أمامي ذكريات المسرح الأولى في واحد من مكاتب مشروع النهوض بالمكتبة الوطنية ، حيث أدار المشروع وهو يحاول أن يلطف العُجمات في مؤسسة دارت وصاية وزارة الثقافة عليها ، بدون سؤال عن الأسباب . هناك لم يجد وزيراً حليفاً. لأن الوزراء ميالون إلى النمامين لا إلى أصحاب الفضيلة . صلف ٌ، وجده الوزراء. حين راح الكثيرون من من دعسوا في خطواته لا يلتفتون إليه إلا بالمكر . سكنتهم فكرة إطاحته من شقوق مشروع دل الآخرين إليه ، حين وجد أن مشروع النهوض بالمكتبة على شفير الإفلاس. إنصهرت عظامه بأعمدة طوابق المشروع في مبنى السوق الحرة في مرفأ بيروت . حين أدرك أن عرس المكتبة ومشروع المكتبة عند النهايات . أخافه الأثر الطالع من النهاية . لأن من رفع المشروع بأصابعه المفتوحة ، لم يلبث أن وجد أن ثمة من يصادر المشروع بأصابعه المعقوفة والسلوك المعكوف والسياسيات المزغولة. إنتهازيون وانتهازيات .وإذ شاهد الصعاليك من الذكور والإناث يصادرون المشروع على عمى المسؤولين . إذ شاهدهم يصادرون مشروعه ، مات جزء منه. مات جزء بمرض كريمته. حول مرض إبنته حياته إلى حياة بلا أمجاد . مات جزء أخير ، بعد وقوع المسرح بالعطل إثر استنفاده قهقاته القديمة . كل الإفتراضات أضحت واقعاً، حين شغل من جاء بهم إلى المكتبة ، حين شغل هؤلاء أمواسهم بلحمه وجلده . سلخوه كما تسلخ معزاة. لم يستطع الرجل مذاك أن يعيد السعادة إلى وجهه ، حتى بوضع مكياج خفيف . هذا زمن السكرتيرات والمستشارات ، هذا زمن الغلو ، قال ما قال ومات ( ثمة الكثير مما يروى حول إقصاء خاتشاريان من رأس مشروع النهوض بالمكتبة الوطنية ، بعد أن نقل المشروع إلى الصنائع . مكتبة في مساحة لا تحتاج عشرها . غياب المشروع من غياب المنهجية ووقوع المشروع في تمارين الهواة ، من يظنون أن الكلام المنمق والكلام بالعربية المذوق ببعض الفرنسية رغوة الحياة الدنيا. مات جيرار خاتشاريان ، حين أبلغ بأن لا مطرح له بمطرحه. لا في باريس أو جنيف. نظر إلى المصائد ، نظر قبل أن يموت ، دخل بالمصائد حتى لا يتعثر بالجثث. مرحلته الأخيرة ، مرحلة إجترار السكاكين توجه إلى من لم ينس شؤونه. لا العكس. ما لازم المكتبة مذاك ، أنها فقدت دمها . أنها كثانوية ، لا يسعد طلابها أن يقصدوها . هذا ما حدث . ذلك أن مكتبة بلا من يقصدها ، مكتبة بلا قراء ، بلا باحثين ليست مكتبة . إنها لا تدعو إلى الدخول حتى اللحظة.