المنتدى الاقتصادي الاجتماعي

معن بشور

بتعنته ورفضه التدقيق المالي الجنائي لحسابات البنك المركزي الملتبسة ضيع الحاكم السيد رياض سلامة فرصة ثمينة على لبنان لإخضاع كل حسابات الدولة للتدقيق والمراجعة بما يكرس الشفافية ويعيد قدراً من الثقة لمؤسسات الدولة، ويفتح الباب للاستفادة مما هو متاح من مساعدات وقروض ميسرة على الصعيد العربي والدولي.

وهذا التمرد المفضوح على قرار مجلس الوزراء كان من الطبيعي ان يلاقي الدعم والمساندة من قوى سياسية ومصرفية ترفض الإقرار بمسؤوليتها عن هدر المال العام، واستنزاف أموال المواطنين وودائعهم، وترفض أي شكل من أشكال المساءلة تنصلاً من المسؤولية وتهرباً من إعادة الأموال المنهوبة والمهربة.

وهذه المساندة الفاجرة التي لم تفاجئ أحداً نظراً للفساد المعشش في أوساط المنظومة الحاكمة تتحول اليوم الى نشاط محموم لطي صفحة التدقيق الجنائي وكل تحقيق أخر يستهدف كشف الخلل والهدر في الإنفاق العام بغية طمس معالم الجريمة الكبرى التي ارتكبتها هذه المنظومة الحاكمة والعاجزة عن الخروج من شرنقة التخلف والفساد والسير في طريق الإصلاح وبناء الدولة  الديمقراطية الحديثة.

لقد توفرت فرص عديدة أمام هذه المنظومة للنهوض والتصحيح ولكنها رغم مطالبة المجتمع اللبناني والمغتربين وقادة الدول اختارت الإمعان في غيها وتجاهل آلام الناس وحاجات المجتمع ومتطلبات المرحلة مما ينذر بمعركة كبرى تشنها على قوى التغيير والديمقراطية حفاظاً على مصالحها وسطوتها وسيطرتها المستقبلية.

ان هذا التعنت الذي يبرز بأسوأ صوره اليوم على سطح الأحداث يرتب على القوى الديمقراطية الحية في الدولة وخارجها التضامن والتعاون فيما بينها لمواجهة هذه المنظومة الفاشلة ورفع تسلطها عن الدولة والاقتصاد الوطني.

وفي هذا الإطار يدعو المنتدى النواب اللبنانيين الى التجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية وسن القوانين اللازمة للحفاظ على أموال الدولة والمواطنين والتأكيد على ملاحقة المرتكبين كمقدمة لا بد منها للسير في طريق التصحيح والانقاذ .

وإذ يرفض المنتدى تأجيل التدقيق الجنائي وتمييعه وربطه بتشكيل حكومة جديدة ينبه الى الأمور الآتية:

1- رفض استنزاف الاحتياطي الإلزامي من قبل البنك المركزي قبل اجراء مراجعة شفافة لعمليات الدعم الحالية، التي يستفيد منها الأغنياء قبل الفقراء، والتركيز على تنمية واردات الدولة وتحريرها من سطوة الفساد والاحتكار والتهريب.

2- دعوة الهيئات العاملة في لبنان للضغط المتواصل باتجاه استعادة الأموال المهربة والمنهوبة بالاستناد إلى المواثيق الدولية المكرسة دستوريا لاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين المكملين له.

كما ندعو في هذا الاطار كل الدول المعنية في العالم للمساعدة عبر الوسائل القانونية لإعادة  الأموال اللبنانية التي دخلت أسواقها ومصارفها متخطية المعايير والأعراف الدولية المعتمدة.

3- الاحتكام إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها التعديلية التي تجيز شكاوى الأفراد وصلاحيات طلب التحقيق حول الرشاوى والاختلاسات وإساءة الأمانات وصرف النفوذ وهدر الأموال المحولة إلى الخزينة اللبنانية بشكل هبات أم قروض ميسرة من أي من دول المجلس الأوروبي، وذلك لارتباط الأفعال الجرمية الموصوفة أعلاه وما قد يظهر لاحقا بسبب الأوضاع الكارثية التي يعانيها الشعب اللبناني بجميع فئاته .

4- مباشرة النيابة العامة التمييزية تحقيقاتها لملاحقة كل من ارتكب أو حرض أو اخفى او سهل أو كتم الجرائم المتعلقة بهدر ونهب أموال الشعب لغرض وضع اليد على أموال وممتلكات بشكل غير مشروع وملاحقة مرتكبيها وفقا لما نص عليها القانون رقم 2015/44.

5- المباشرة في أقرب وقت لإجراء التدقيق المحاسبي الجنائي بواسطة هيئات لبنانية قضائية ومحاسبية موثوقة. فوزارة المالية عن طريق مفوض الحكومة لدى البنك المركزي قادرة على تجميع كل المعلومات اللازمة عن حسابات البنك المركزي يما فيها الهندسات المالية وسواها من الفضائح . كما يجب الاستفادة من خبرات ديوان المحاسبة المولج قانوناً بمراقبة حسابات الدولة اللبنانية بما فيها حسابات البنك المركزي، كما يمكن الاستفادة من جمعية المحاسبين القانونيين التي تملك المؤهلات اللازمة للقيام بالتدقيق الجنائي المطلوب.

الهيئة التأسيسية للمنتدى الاقتصادي الاجتماعي (حسب التسلسل الابجدي)

أ. أمين صالح ـ أ. بشارة مرهج ـ د. بشير المر ـ د.بطرس لبكي ـ د. جورج قرم ـ د.حيان سليم حيدر ـ د. زياد حافظ ـ  د. عصام نعمان ـ أ. عمر زين ـ  د. غالب أبو مصلح ـ أ. معن بشور ـ  د. نجيب عيسى.

العدد 112 / كانون الثاني 2021