مقامات دارين حوماني

يهتزُّ فيك شيء ما وأنت تقرأ مقامات دارين حوماني، لتعيش أبعاداً لا لحظة فيها.. كأنك تتمدد في انسياب عروقها الى عمرٍ سيلد معها بطغيانٍ أقل…

إمرأة لا تجرح الكلمات، لهذا تعتذر منها الحروف حين تناغشها، بذا، يبدأ الألم، فالخيبة، فالشعور بظلم الكوكب، وفداحة العمر الذي يقفز دون درايةٍ منّا…

تحاول أن تمسكه بأقل كلفة ممكنة، تستريح على وجعها لتقايض تعبها بالنكسات… فالكتابة لديها لا تؤخر ولا تقدّم… هي فقط تتكلم »عن نساءٍ مضين في سراديب خرقاء لا ترى الضوء«.

هكذا تمرر أفكارها.. وهي تعلم أن الرؤيا غير الرؤى.. وإن العلم غير المعرفة.. وإن الظاهر غيره الباطن.. فتُسعد نفسها بلحظات الكتابة.. وهي تقول »لا ترى الضوء«.. لماذا لا تستدرك دارين لتقول : »لا تعرف الضوء«.. فالعالم ليس ما تراه عيناك..

مدلول القصيدة عند دارين، يبحث عن سياقٍ معرفي، ليصبّ في تصوّرٍ ما للعالم..، كما أننا نكتب لنكتشف شيئاً ما، نظنّ أن الآخر لا يعلمه ولا يدركه ولا يعرفه… لكنه بالنسبة لنا سياق دلالي على صحة ما نعرف… وهكذا تبدأ الدلالة لتخيط انزياحاتها اللغوية نحو مشهدٍ مضاعف، هو غير الذي نلمسه وندركه، الى الحسّ المعرفي باتجاهاتٍ كثيرة وكثيفة…

هذه المرأة تُحسن التصرف… لأنها لبقة، تشير الى موجعٍ ما دون أن تخربط الحروف… وتكنّس بيت قصيدها برموش عينيها وحرقة المدامع التي تذرفها في غدير العمر…

هي شاعرة تكتب نصّاً يشبهها، دون أن تكذب على نفسها، ولا تستعطي موروثاً واهماً لتؤدلج قصيدتها… هي امرأة مدنية تعشق ما تهوى حتى الثمالة…

ليس من المغالاة أن نقرأ هذه الدارين حوماني… لأنها تفتح رؤيتنا على الزمن الممكن…