أحمد الزين: “المعلّم عبدلله” الإنساني

الرياض – رنا خير الدين

الشهامة في طبع “المعلّم عبدلله” ليست خاصيته وحده بل هي إحدى صفات المبدع الكبير والصديق أحمد الزين، الذي قدّم أداءا مبهراً قريباً للقلب في مسلسل “للموت” عن دور “المعلّم عبدلله”.  ناهيك عن طبعه الشهم وإنسانيته العالية، فقد بزر الرجل الطيب الكريم والحبوب بجميع مشاهده في المسلسل، فقد استطاع الزين- وهو أقل ما يمكنه أن يفعله – أن يشدّ المشاهد إليه رغماً عنه للمتابعة، وهو إضافة كبيرة للعمل. من الجيد دوماً الابتعاد عن الأداء المشحون بالانتقام، الكراهية والمكر فبعض الأدوار تتطلب العاطفة، والكثير من الأمل كتلك الجرعة التي أعطانا إياها “المعلمّ عبدلله” في مسلسل “للموت”، إن كان من خلال علاقته  بـ”الست حنان” أو مع جيرانه وأهل الحي، فهو كان يتعامل معهم على قدر كبير من المحبة، الأمر الذي أعطى للمسلسل روحية وديناميكية عالية، بعيداً عن الأجواء المشحونة بالانفعال، والمؤمرات الأخرى.

الاختيار الأفضل يقع دوماً على أصحاب الرؤية في التمثيل، فلا يكفِ أن يقدّم الممثل دوراً والسلام، لا بل يترك بصمة ترافق الممثل على مرّ السنين كما فعل الزين طيلة مسيرته، فمن “ابن البلد” إلى “المعلّم عبدلله”، يترافق اسمه بهذه الألقاب بعد نجاحها.

ابن بلدة شحور، ركنٌ من أركان الدراما اللبنانية والعربية، أسطورة في الأداء المقاوم، وحكاية من الأمل في زمن الصعوبات والانتهاكات والتعدّيات الدرامية وضعف الإنتاج. “الحصاد” كان لها حديث خاص مع الزين حدّثنا عن تجربته الأخيرة في مسلسل “للموت”، وتطرقنا وإياه إلى وضع الممثل في زمن كورونا.

لمحة سريعة                     

اشتهر بأدوار الحركة في مجموعة الأفلام التي تم إنتاجها في بيروت أثناء الحرب الأهلية، وأخرج الكثير منها يوسف شرف الدين، كما اشتهر بأدوار درامية عدة في مسلسلات كاملة أو سباعيات في تلفزيون لبنان إبان الحرب الأهلية. شارك في العديد من المسلسلات اللبنانية والسوريّة ومن أشهر أعماله “الغالبون” الذي يحكي قصة المقاومة اللبنانية والذي أدّى فيه دور الجنوبي الأبي في عامي 2011 و2012.

من أعماله: “البؤساء” عام 1974 في دور (ماريوس بون ميرسي)، “حول غرفتي” عام 1974، “الدنيا هيك” عام 1976، “الأمانة” سنة 1977، “عندما يبكي التراب” 2012، “كشف الأقنعة” 2011، “صايعين ضايعين” 2011، “الغالبون” 2011 – 2012، “ميمو والعم فرحان” 2011، “أنا القدس” 2010، “جبران” 2008، “أبو الطيب العربي” 2008، سيرة الحب 2007، “رسائل الحب والحرب” 2007، “رجل الانقلابات” 2007، “باب الحارة” 2006، “بنت الشهبندر”.

الأفلام التي شارك بها: “سيدتي الجميلة” 1976، فيلم “الانفجار”، “المغامرون” 1981، “فيلم الفاتنة والمغامر”، “الغجرية والأبطال”، “أماني تحت قوس قزح”، “ناجي العلي”، “الزوجة المفقودة”، “خلة الوردة”، “طيف المدينة” 2000.

“للموت” محطة جديدة

من “ابن البلد” انطلق الزين إلى “المعلم عبدلله” في “للموت” من كتابة نادين جابر وإخراج فيليب أسمر،  شارك به إلى جانب كل من الممثلين ماغي أبو غصن، دانييلا رحمة، باسم مغنية محمد الأحمد والممثلة صباح الجزائري وآخرين، حيث يقول لـ”الحصاد” عن دوره في المسلسل: “المعلم عبدلله” شخصية شعبية، استثنائية موجودة في مجتمعنا، هذه الشخصية تمثل صفات الإنسانية، الرحمة والمساعدة، بحيث أنها تشبهني إلى حدّ كبير أي 80 في المئة، فأنا عايشتها من قلبي بجميع التفاصيل الصغيرة فيها، أحببت هذا الدور، فعلاً. والجانب الأبرز لقصة “عبدلله” علاقة الحب التي جمعته بـ”حنان” بعد 20 عاماً. هذا الأمر جديد طرحه في الدراما العربية، وهو حقيقة الحبّ واللقاء ولو بعد حين! فحيث الحب يكون لا مكان للصعوبات. تمكّنا من تقديم قصة حب لمست المشاهد إلى حدٍّ كبير، برز ذلك عبر تعاطف الجمهور وردور فعله. الممثلة رندا (حنان) التي أكنّ لها كلّ الاحترام، تجمعنا جاذبية مودة العمل والأداء، وقربها للقلب ساعد في إتمام المشاهد بينها وبين “المعلم عبدلله”.

من جانب آخر، طرح “للموت” قضايا اجتماعية وإنسانية تمثل الواقع، ما بين السرقة، التشرّد، زواج القاصرات، تعاطي المخدرات وغيرها من المشاكل التي تهم الجمهور عموماً والشباب خصوصاً.

مهنياً، وعن أجواء العمل قال: التعاون مع شركة “ايغل فيلمز” لاقى ثماره، ونجح في تحقيق الهدف من هذه الدراما وكانت أجواء العمل بين الفريق مريحة ومتعاونة.

وتجدر الإشارة، إلى أن الزين لم يحدّد ما اذا كان سيشارك في الجزء الثاني من المسلسل.

كورونا والفنّ!

لا بد من توارد طردي بين الوضع الجديد الذي فرضته جائحة كورونا والأعمال الفنية والدرامية، لكن ما لا يمكن توقعه أن يكون لكورونا وقعٌ جيد على الأعمال الفنية خصوصاً تلك التي عُرضت خلال شهر رمضان المبارك حيث ملازمة المنزل حثّت المشاهد على متابعة مسلسلات والأعمال المعروضة، الأمر الذي خلق جوّ تنافسي في الأعمال وخلق الأفكار الجديدة، وكيفية طرحها. وتشهد الأعمال العربية المشتركة طفرة إبداعية جديدة في الأداء والتحقيق، يعود ذلك إلى عدّة أسباب ومنها التوجّه العالمي نحو تقديم دراما قريبة للواقع والحياة اليومية بعيداً عن التوتر والقلق. وعن ذلك أشار الزين إلى أن الأعمال التي تُقّدم هي على مستوى عالٍ من الحرفية خصوصاً السيناريو والإخراج، واستخراج الأصعب، فلا بد أننا لاحظنا مثلاً في مسلسل “للموت” غلب التركيز على المشاهد العاطفية، العنيفة وأحياناً المضحكة، هذا القالب المتنوع يعطي للمشاهد راحة في المتابعة ويساعده على التوقع والاستنتاج. أشجع هذه الأعمال التي تشوّق الجمهور وتعطيه لمحة أمل من كلّ عملٍ درامي رغم كل المآسي أو الآلام.

أما عن الدراما اللبنانية فيقول الزين: الدراما اللبنانية بحال جيدة، رغم المواجهات لكنها تطرح قصص وقضايا دون التركيز على القشور، وهذا الأمر يترك انطباعات جيدة للعمل الفني، والابتعاد عن النماذج القديمة في الطرح يشدّ المشاهد كثيراً ويبعده عن تكرار الطرح أو الأداء في أي مشهد. فاليوم يعتمد الممثل في بعض الأحيان على الصمت، أو النظرة، الأمر الذي لا يحتاج إلى الكثير من التكلّف والتظاهر لنجاح المشهد. باختصار، يمكن القول أن لم يكن لكورونا تأثير سلبي على الدراما اللبنانية أو العربية.

إلى ذلك، يتابع أحمد الزين برنامجه “ابن البلد” على “إذاعة لبنان” أسبوعياً أيام: الخميس الجمعة والسبت الساعة الثامنة والربع صباحاً. البرنامج إعداد عماد عبد الساتر، وإخراج يحيى الحاج.

العدد 118 / تموز 2021