إثراء… القلب النابض للنظام البيئي والثقافي والإبداعي في المملكة

صنّف واحداً من أعظم 100 مكان يستحق الزيارة في العالم

البناء الهندسي الخارجي لاثراء

 يصنّف تقدّم أي دولة في العالم، منذ بداية القرن العشرين، على إمكانياتها في مؤشر التنمية البشرية والميزانية والدخل الفردي، أي معيار الجودة الاقتصادية الذي يضمن الحركة التصاعدية لتبادل السلعة أو الخدمة. وهذا المعيار يعطي قوة فعلية لدور الدولة العالمي، لكن مع ظهور التطور الاجتماعي السريع والتكنولوجي الحديث برزت قوة جديدة إلى جانب الوظيفة الاقتصادية، ألا وهي الجوانب الاجتماعية والسلوكية، المعلوماتية والتكنولوجيا، إضافة إلى النمو الثقاقي الذي أثبت مؤخراً قدرته على توظيف الإمكانية الحديثة للتطوير العملي والعلمي للمجتمع ككل. المعيار الثقافي لتصنيف تقدّم الدول يُحدث فرقاً في التغيير الفكري الحضاري والرؤية المنظورة كما أنه يدعم قوة الدول في تحقيق الريادة العالمية، ووفقاً لذلك تعمل المملكة العربية السعودية بشكل جدّي من خلال التجربة وتطوير المهارات والسعي للازدهار لتقديم خدمات ثقافية وفق النموذج الاستراتيجي التشغيلي للرؤية 2030 التي تدعم الاستثمار الرقمي والإنجازات.

لذا، في هذا التقرير سنوجّه الأنظار نحو مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي الملقب بـ”إثراء”، ونتعرّف على أبعاد هذا الصرح الثقافي في دعم اقتصاد المعرفة في المملكة وإسهامه في تطوير الأصعدة الثقافية والمعرفية كافة من خلال الانفتاح على مختلف ثقافات العالم، إضافة إلى ذلك سنتطرّق إلى البعد الحضاري والتراثي الذي يمثله “إثراء” كقاعدة ثقافية تعليمية ونقطة استقطاب من خلال برامجه المتنوّعة.

عن إثراء…

يمثّل مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي “إثراء” أحد أبرز المبادرات الثقافية المعرفية في مجال الإبداع والتطوّر في ظل التكنولوجيا والتنمية المستدامة، ويشكّل المركز نقطة ارتكاز مهمة في مجال الأكاديمي والمعرفي. يضمّ المركز العديد من البرامج الهادفة في حقول العلوم والهندسة والتطوير المهني والتعليمي من خلال النشاطات الدورية للكبار والصغار. تجدر الإشارة إلى أنّ “إثراء” مركز ثقافي تملكه أرامكو السعودية، ويقع المركز في الموقع نفسه الذي اكتشف فيه أول ينبوع للنفط في المملكة، الظهران.

كما أن المركز يتمتع بإمكانية عالية تجمع بين التكنولوجيا الرقمية والحضارة الثقافية المجتمعية تجعله نقطة استقطاب عالمية، إضافة إلى إقامة مسابقات كمسابقة “اقرأ” الداعمة لمحو الأمية، وموسم إثراء الإبداعي “تنوين” الذي يُعتبر فرصة جيدة لأصحاب المشاريع الناشئة، كما يسعى “إثراء” من ضمن سلسلة أهدافه إلى إتاحة المجال للطلاب والأساتذة في التفاعل والمشاركة عبر برامج ومؤتمرات متنوّعة.

يشتمل المركز على عدة مرافقٍ، وهي: المتحف، والمكتبة، والسينما، والمسرح، ومتحف الطفل، ومختبر الإبداع، والمركز التعليميّ، واستوديو الإنتاج، إضافةً إلى مطاعم ومساحات داخلية وخارجية للمهرجانات والمعارض والمؤتمرات والعروض.

من الناحية الهندسية يبلغ ارتفاع المبنى 90 متراً على مساحة 80 ألف متر مربع، ويعتبر المركز ظاهرة معمارية استغرق بناؤها عشر سنوات، تجمع بين التصميم والهندسة المعقدة مكوّنة من 10 أجزاء.

في حديث له مع “الحصاد” أشار مدير مركز “إثراء” عبدالله خالد الراشد إلى أن الفكرة في البداية كانت تتمحور حول بناء مكتبة عريقة تنافس غيرها من المكتبات العالمية، وبعد تفكير مضني لفريق التأسيس ولأن أرامكو دائماً ما تُدهش المجتمع وتثرية؛ تم التوصل إلى بناء مركز ثقافي متكامل يتكوّن من (مسرح وسينما ومكتبة ومتحف ومتحف طفل ومختبر أفكار وقاعة كبرى)، ليقدّم كهدية من أرامكو للمجتمع السعودي في الذكرى التأسيسية الـ75 لأرامكو، لتستثمر في إمكانياتها المبدعة وتقدم مساحة إبداعية مُلهمة للثقافة، والابتكار، والفنون.

رسائل إثراء

– نشر المعرفة ورعاية الإبداع و تعزيز التواصل الثقافي الحضاري مع العالم.

– إظهار الصورة المشرقة للوطن في المجالات الثقافية والفنية.

– تقديم المواهب المحلية في محافل عالمية، وتعزيز الجوانب الثقافية والاجتماعية.

– توفير فرص تطوعية بوصفه العمل الأساسي للمواطنة، ووسيلة لبناء المهارات الشخصية وتوفير الخبرات العملية.

– تقديم تجارب تفاعلية تهدف إلى تحفيز الأفكار وتوسيع الآفاق بالمعرفة والثقافة والفنون.

برامج وأكثر…

بالحديث عن “إثراء” لا بد من التطرق إلى برامجه المتنوعة التي لا تُعدّ ولا تُحصى، فهي دائمة التجدد والتطور، بحسب متطلبات الجمهور والزوّار والمتطوعين وتتلخص أبرز برامجه بموسم الإبداع “تنوين” الذي يضمّ حزمة من الندوات والنقاشات والمعارض الفنية والعروض المسرحية وورش العمل، برنامج القرءاة “اقرأ” لمختلف الفئات العمرية، برنامج دعم الإنتاج السينمائي السعودي لصناعة الأفلام، إضافة إلى جائزة إثراء الفنون ومبادرة إثراء المحتوى لدعم المواهب المحليّة، كما يضم إثراء أكاديمية أطلقت عام 2021.

كيف يحافظ اثراء اليوم على مكانته العالمية؟

وعن سؤاله كيفية حفاظ “إثراء” على مكانته العالمية أجاب الراشد: يعدّ المركز أيقونة معماريّة ووجهة سياحية مميّزة تفتح أبوابها للزوار من حول العالم بالإضافة لكونه مؤسسة ثقافيّة رائدة في القطاع الثقافي.

حيث حصد المركز أكثر من 30 جائزة محليّة وعالمية كما تم تصنيفه من قبل مجلة التايمز كأحد أبرز 100 مكان للزيارة حول العالم.

منذ افتتاح إثراء، تم التعاون مع مؤسسات ثقافية عالمية رائدة مثل متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون ومركز بومبيدو وسميثسونيان وناشيونال جيوغرافيك، وتم جلب برامج عالمية المستوى إلى المملكة لأول مرة لتقديم تجربة عالمية المستوى لجميع الزوار ، منها:

  • معرض ليوناردو دافنشي: مخطوطة أتلانتيكس
  • معرض مونك “مفازات الروح”
  • فان جوخ
  • لا سكالا
  • أوركسترا مارينسكي السيمفونية الروسية
  • أوركسترا فيينا تشامبر.

كما يحرص “إثراء” أن يكون متواجدًا في المحافل العالميّة كمنصات للتبادل الثقافي كمركز ثقافي عالمي من خلال تقديم محتوى محلي وعالمي عالي الجودة بالإضافة لإبراز المواهب السعودية في المشهد العالمي.

 أكاديمية إثراء

تقُدم أكاديمية “إثراء” تجربة تعلمية فريدة من نوعها عبر التركيز على مسارات محددة لتقديم أبرز الممارسات العالمية، وذلك بالتعاون مع خبراء وشركاء محليين وعالميين؛ لينتج عن هذه التجربة التطبيقيّة مهارات أو منتجات إبداعية طُوِّرت باحترافية. وتأتي أكاديمية “إثراء” تحقيقًا للهدف الاستراتيجي لـ”إثراء” في تطوير المواهب، حيث تهدف الأكاديمية إلى بناء القدرات وتطوير المهارات والمواهب في القطاعات الإبداعية والثقافية؛ لإتاحة الفرصة للمشاركين لاكتشاف قدراتهم الإبداعية وتنميتها من خلال سلسلة من البرامج التدريبية المتخصصة ضمن 6 مسارات، وهي: الأدب، الفن والتصميم، العلوم والتكنولوجيا، القيادة الإبداعية، الأفلام والفنون الأدائية والموسيقى.

ومن دورات الأكاديمية مؤخراً: دورة مبادئ الخطّ العربي، دورة تطوير الأفكار باستراتيجيات إبداعية وفنّ صناعة القصة المصوّرة وغيرها من الدورات التي تمكّن أكبر شريحة من الخبراء لبناء القدرات في القطاعات المختلفة.

يضمّ مركز إثراء مرافق أصبحت وجهات بحدّ ذاتها، فالمكتبة باتت واحدة من أهم المكتبات العامة على مستوى العالم تضمّ 300 ألف كتاب، ومقصداً لكثير مـن الزوار من مختلف أنحاء العالم، كما يفخر المركز بوجود أول متحف للطفل في المملكة يقدّم برامج متخصّصة ونوعية للطفل، كما يحظى المسرح بتصميمه الأوبرالي أهم العروض العالمية والمحلية على مدار العام وبأكبر نسبة تفاعل مع عروضه على مستوى العالم.

الريادة لا تقتصر على مكوّنات المركز؛ بل على ما يقدّمه من تجارب مبتكرة ولأول مرة للجمهور المحلي والعالمي حيث قدّم المركز أول ألعاب نارية نهارية في السعودية.

طموحات “إثراء”

يسعى المركز بحلول عام 2030 إلى :

  • الوصول إلى 15 مليون زائر لمبنى المركز ومرافقه وأقسامه.
  • تمكين 100 ألف متطوع متطوعة في مختلف نشاطات المركز,
  • تعزيز الحضور الرقمي والتفاعل الإلكتروني بتسجيل 70 ألف عضوية للاستفادة من برامج المركز ومزاياه.
  • أكثر من 5 ملايين متابع لمنصات المركز الافتراضية المختلفة.
  • أما في مجال صناعة الثقافة، فيعمل المركز على إنتاج 5000 منتج ثقافي وفني وإبداعي من شأنه إثراء المجتمع، وتقديم ثقافة المملكة محليًا وعالميًا، في مختلف مجالات الفن والثقافة والابتكار.