اقتصاد القارة السوداء يصارع التعصب العرقي والديني وفقر المناعة المكتسبة 

بيروت ـ جاد الحاج

لوهلة تبدو القارة الإفريقية معلقة في فلك بعيد عن القارات الأخرى، فهي وحدها تعاني امراضاً مستعصية منذ زمن طويل. الجوع وسوء التغذية والعطش وبوار متسارع للمحاصيل، لا يخفف من وقعها فساد الحكام واستشراء الجريمة وتعاظم العصبيات الدينية الدموية على غرار ما تمثله منظمة باكو حرام. الى ذلك تعيش القارة السوداء نزاعات قبلية ذات تأثير سلبي عميق على اقتصاداتها وظروفها المعيشية، ما يدفع بأعداد كبيرة من شبابها الى النزوح الجماعي نحو القارة الاوروبية. ولا يرى معظم المراقبين الحياديين مؤشرات   تبشربحلول وشيكة لمعضلة البطالة التي باتت القاسم المشترك لدول القارة السوداء عموماً.

 في جنوب افريقيا تعرضت ولاية   جاكوب زوما الرئاسية لاختبار قاسٍ في الأيام الأخيرة من العام المنصرم ، فقد وجد حزب المؤتمر القومي الأفريقي الحاكم نفسه في مواجهة استحقاق حاسم، يتمثل في اختيار زعيم جديد للبلاد. على أن هذا التطور الطبيعي عادة يعتبر في حال صالمؤتمر الوطني الأفريقيش ودولة جنوب أفريقيا هذه المرة   نوعا من معركة بين مؤيدي رئيس الدولة المطعون في سلامة مواقفه وسياساته وسمعته و بين منتقديه، مع الإشارة إلى أن الفريقين يتحدثان بنبرة عالية وبصوت مرتفع وبالكثير من الضوضاء.

إلا أن عدم نجاح الرئيس زوما في تأمين الانتصار وضمانه لِمرشحه المفضل كان سوف يعد تطورا سلبيا قد يجعل رئيس الدولة يعاني الغرق والسقوط، حتى ولو أن من المقدر للمؤتمر الوطني الأفريقي في رأي جميع المراقبين أن يظل ممسكا بالسلطة بعد الانتخابات المقررة حسب البرنامج الزمني في العام الحالي.

لا بد في جميع الحالات أن ترخي عملية تخفيض المرتبة الائتمانية لِدولة جنوب أفريقيا   بثقلها   على استعدادات المستثمرين وميولهم   بالنسبة إلى التوظيف   في أكثر بلدان القارة  تقدما وتطورا من الناحيتين الصناعية والتقنية.

زيمبابوي

يبدو أن تحرك قيادة القوات المسلحة الزمبابوية   أمن الانتقال السلمي للسلطة من الرئيس روبرت موغابي )91 عاما( إلى نائب الرئيس إمرسون منانغاغوا، الذي كان مبعدا أو غائبا عن البلاد عند الإعلان عن عزل   موغابي في تشرين الثاني )نوفمبر( الماضي. كما عنى التحرك نفسه إبعاد عقيلة الرئيس موغابي، السيدة غرايس موغابي )70 عاما(،   عن التدخل الفوري العلني في عملية انتقال السلطة وخلافة الرئيس الطاعن في السن، وتأثيرها الفعال المباشر وغير المباشر في إدارة سياسة الدولة العليا وشؤون البلاد الاجتماعية الاقتصادية.

ومن المتوقع للاقتصاد الزمبابوي المتعطل عن العمل الفعلي والمثقل بعبء الديون أن يحرز مقدارا ضئيلا، ولكنه مقبول ، من النمو   خلال الأشهر المقبلة.

الكاميرون

يتبين من التقارير الإخبارية أن الرئيس بول بيا، الذي يتولى منصبه فارضا قبضة فولاذية على الكاميرون منذ العام 1982 دون انقطاع، سوف يسعى إلى الفوز بولاية رئاسية جديدة.   وسوف يؤمن ذلك النصر الحاسم الموعود عن طريق الانتخابات المرتقب إجراؤها حسب القانون قبل نهاية 2018.

على أن التسابق من أجل خلافة الرئيس المتقدم في السن ينتظر أن يشتد ويقوى بعد ذلك الانتصار الانتخابي ˜الحاسمŒ تكرارا، والمسجل للمرة الأخيرة في خانته. ومن المنتظر في هذه الأثناء رسم السياسة الاقتصادية المستقبلية للكاميرون تحت مظلة الاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي، وهو يركز على تقليص مستوى العجز المالي على صعيد الجباية، في مقابل العمل على إبقاء الدعم أو المساندة على الصعيد الاجتماعي إلى جانب السعي الدؤوب من أجل تحسين بيئة الأعمال ونشاط الشركات.

لا يستبعد المراقبون والمحللون تسجيل احتجاجات لافتة متكررة من قبل الأقلية الناطقة بالإنكليزية في غرب الكاميرون، وذلك في الوقت الذي يعتبر التمرد العنفي بل والدموي المقلق لحركة بوكو حرام السلفية الجهادية المتطرفة تهديدا جديا وخطيرا للاستقرار والسلم في شمال البلاد.

كينيا

 أمنت عملية إعادة الانتخابات الرئاسية  في   النصف الأول من تشرين الأول )أكتوبر( الماضي، فوز الرئيس أوهورو كينياتا المتربع على سدة الحكم بولاية رئاسية جديدة. وحدث ذلك   بموجب حكم صادر عن المحكمة العليا التي طعنت في شرعية الانتخابات السابقة   في وقت باكر من العام المنصرم نفسه .

إلا أن استعراض استقلالية القضاء الكيني وحرية عمله سوف يشكل حدثا يتميز برجعه وصداه القوي المؤثر، الذي ينتظر أن يتردد عبر القارة الأفريقية وحولها طوال العام الجديد، وحتى في الأعوام اللاحقة. لعل في ذلك ما قد يحفز بعض الدول الأفريقية، التي طالما اشتهرت بقضائها المستقل وتأثيره الإيجابي على القرارات الحكومية السياسية وغير السياسية، حتى تعود إلى سابق سيرتها في احترام القضاء وتعزيز نزاهته واستقلاليته، والتقيد بأحكامه.

في ولايته الرئاسية الجديدة، سوف يعمل الرئيس كينياتا على الدفع قدما بعملية التشجيع على توظيف الاستثمارات المستخدمة لتعزيز البنية التحتية وتفعيل التكامل التجاري، كما هو متوقع من قبل جميع المراقبين والمعلقين وحتى العديد من المحللين الاقتصاديين داخل كينيا وخارجها.

نيجيريا

يخضع الرئيس الحالي، والجنرال السابق محمد بخاري، لعلاج يستهدف مرضا غير محدد الطبيعة والنوع ولكن من المفترض أنه مرض خطِر يستحق الاعتناء المكثف، وفق الافتراضات والتوقعات السائدة.

أما في حال ترك الجنرال بخاري منصبه، فإن انتقال السلطة إلى نائب الرئيس ييمي أوسانباجو ينتظر أن فضي الى الفوضى، نظرا إلى انتقال السلطة وقوة النظام من شمال البلاد إلى جنوبها والبلاد  منقسمة جيوسياسيا. كذلك سوف تعمل حال البلبلة والارتباك وعدم اليقين على مفاقمة التمرد الإسلاموي، أو السلفي الجهادي الدموي، الذي تخوضه حركة بوكو حرام في شمال نيجيريا، والنزعات الانفصالية في شرق نيجيريا )بيافرا سابقا، وتحديدا على مدى الأعوام 1967 إلى 1971(، واندلاع  الاحتكاكات الطائفية والمذهبية في وسط البلاد.

في جميع الحالات، يسجل المراقبون بارتياح انتهاء حال الركود الاقتصادي وبدء انطلاق حال الانتعاش في الاقتصاد النيجيري، ويأملون تحسنه بشكل أوضح في   العام الجديد.

زامبيا

تعبتر زامبيا اقل الدول الافريقية توتراً واكثرها جذباً للسياح. لكن السياحة في زامبيا تتطلب معرفة مسبقة بحالة الطقس،  وافضلها فى الفترة الواقعة بين ايار/ مايو حتى تموز /يوليو،  اي  فصل الشتاء محليا  حين  تكون درجات الحرارة   مناسبة ومتوسطها بين 20-25    درجة مئوية .    يذهب السياح الى تانزانيا للقيام بالسفارى ومشاهدة الحيوانات المتجمعة حول الأنهر، وتأمل الشلالات المذهلة، والمشي المحفوف بالمخاطر في الادغال … أما في الصيف، فدرجات الحرارة مرتفعة جدا   وأحيانا  تهطل الأمطار الاستوائية بغزارة.

وفي الأونة الاخيرة ارتفع معدل التوقعات الاقتصادية في زامبيا،  لكن العديد من سكانها  لم يتقاسموا مردود تلك التوقعات، إذ يعيش 64 في المائة من السكان على اقل من   دولار واحد يوميا. أتخذت الحكومة تدابير تقشفية فيما يتعلق بالتضخم والانضباط المالي، مما أعاق  أيضا تقديم الخدمات الاجتماعية. وابتلت زامبيا بفيروس نقص المناعة البشرية / الايدز ؛ وبلغ معدل انتشار المرض بين البالغين أكثر من 16 في المئة.  وتفيد منظمة يونيسيف ان ثلاثين الف طفل يولدون في زامبيا مصابين بنقص المناعة البشرية / الايدز كل عام كنتيجة لانتقال العدوى من الأم إلى الطفل.