الموسم السياحي في لبنان.. تحسّن أدنى من التوقعات

بيروت – هيثم محمود

يرزح القطاع السياحي اللبناني تحت ضغوط كبيرة ليس أولها تأخير تشكيل الحكومة ومقاطعة السياح الخليجيين عموماً والسعوديين والاماراتيين خصوصاً وليس آخرها استمرار مشكلات أهمها الانقطاع المتواصل للكهرباء وأزمة النفايات التي تحدث عنها الإعلام العالمي.

وواجه القطاع السياحي صعوبات خلال الصيف الجاري إذ ترافق مع موجة شائعات عن البيئة وأخرى تتعلّق بأسعار الفنادق والخدمات السياحية وغيرها من الامور التي تؤثر سلباً على القطاع السياحي ما استدعى من وزارة السياحة والفاعليات السياحية الرد وتفنيد الأمور الجاذبة للسياح والمقيمين. ورغم ذلك سجل الموسم السياحي اللبناني هذا الصيف تقدماً معقولاً بالاستفادة من قدوم السياح الأوروبيين الذين زادت أعدادهم ما ترك أثراً إيجابياً لكنه ليس كافياً لانعاش القطاع على النحو الذي كان متوقعاً.

ومع تسجيل وصول عدد كبير من السياح الأوروبيين، كان التعويل على السياح الخليجيين الذين لا يزال حضورهم إلى لبنان محدوداً نتيجة الحظر من قبل دولهم التي كانت قد أشارت معلومات إلى أنها تنتظر تشكيل الحكومة لرفع هذا الحظر، وهو ما لم يحصل حتى الآن. والفرق الجوهري بين السائح الأوروبي والخليجي أن إقامة الأول تقتصر على أيام معدودة، بينما العائلات الخليجية تمضي موسم الصيف بأكمله، مع ما يرافق ذلك من سياحة داخلية متنوعة تنعكس اقتصادياً على مختلف المناطق، ما ينعكس انفاقاً مالياً أكبر.

الازدحام في مطار بيروت يعزز الحاجة لتوسعته

وعكست أعداد الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي خلال شهر يوليو )تموز(، التي سجلت ارتفاعاً لافتاً، بعض التفاؤل بموسم صيفي واعد، لكنها لا تزال بعيدة عن طموحات القيمين على القطاع، وعن تلك التي سجلت قبل 9 أو 10 أعوام.

خطوات الوزارة.. مؤتمرات ومهرجانات

تسعى وزارة السياحة الى استعادة مرتبة لبنان كوجهة سياحية أولى في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أكده وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال أواديس كيدانيان في اكثر من مناسبة، وباشرت الوزارة بمشاريع سياحية يمكن ان يبدأ تطبيقها في حكومة تصريف الاعمال او في الحكومة المقبلة.

ولأن القطاع السياحي قادر على ان يشكل الحافز الاساسي لتنشيط الحياة الاقتصادية في لبنان لا بد من تشجيع سياحة المؤتمرات والسياحة الدينية والثقافية والبيئية، من هنا طمأن كيدانيان الى ان في فترة 3 سنوات سيكون للبنان اسواق اضافية وارتفاع في الحركة السياحية في لبنان، في حين ان نسبة النمو في العام 2018 في القطاع السياحي بلغت 3 في المئة على رغم عدم قدوم السياح الخليجيين هذا العام الى لبنان.

كما أكد »ضرورة تنويع السياحة في لبنان من خلال التركيز على اصناف معينة من السياحة التي يمكن ان تساهم في استقطاب عدد اضافي ليكون مقصداً، ليس فقط للسياحة الترفيهية المهمة والاساسية، لكنها تشغل البلد في موسم محدد، ونحن نعمل لتكون السياحة في لبنان على مدار السنة بفضل التنوع الكافي لاستقطاب السياح على مدار السنة ارضاء لاهتماماتهم«.

قال كيدانيان: »أطلقنا السياحة الدينية التي اصبحت من اهم انواع السياحة التي تجذب الناس، نظرا لغنى لبنان بالمواقع الدينية وكذلك نحاول اعادة مجد لبنان في السياحة الطبية، حيث كان لبنان يشكل مستشفى الشرق الاوسط بفضل قدراته وخدماته الطبية المتطورة.

وعن خسارة السائح الخليجي رأى الوزير اللبناني الى أن ما يعوض خسارة السائح الخليجي، هو قدوم السياح الأجانب إلى لبنان بأعداد كبيرة من الدول الأوروبية وبالدرجة الأولى من فرنسا وألمانيا وبريطانيا حيث لوحظ نمو في أعدادهم والتي تتراوح بين 18 و20، وقدوم عدد لا يستهان به من البرازيل وكندا وأميركا وجميعهم من جنسيات أجنبية، وفي المحصلة العامة تشهد الأشهر الخمسة الأولى من العام 2018 تراجع بنسبة 30 بالنسبة لعدد السياح الخليجيين في لبنان، إلا أنه بشكل عام نشهد نمواً بما يقارب 2 مقارنة بالعام السابق أيّ أن السائح الأوروبي والأميركي يعوّض تقريباً نقص السياح العرب والخليجيين

حركة المطار.. ارتفاع ملحوظ

في تفاصيل أرقام حركة المطار، أوضحت بيانات رسمية أنها حقّقت ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الركاب خلال شهر يوليو 2018، إذ بلغت 1022467، بينما كانت حركة المسافرين من وإلى مطار رفيق الحريري الدولي قد سجلت في عام 2017 للشهر نفسه 975003، أي بزيادة بلغت 4.86 في المئة، أي أنها تخطت عتبة المليون راكب، بزيادة 5 في المئة عن الفترة نفسها من العام السابق، ما رفع المجموع العام للركاب من وإلى لبنان خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2018 إلى 4 ملايين و842 ألفاً و225 راكباً، بزيادة 8.32 في المئة عما سجلته في الفترة نفسها من عام 2017.

وللتذكير بأرقام حركة العبور عبر مطار رفيق الحريري الدولي ذ بيروت فقد ارتفع عدد الركاب منذ مطلع العام الحالي وعلى مدى أربعة أشهر بنحو 10 في المئة عن الفترة المماثلة من العام السابق.

وحققت حركة المطار إرتفاعا ملحوظا خلال الثلث الاول من العام 2018، اذ سجل مجموع الركاب خلال الاشهر الاربعة الاولى من هذا العام مليونين و459 الفا و688 راكبا مقابل مليونين و241 الفا و91 راكبا في نفس الفترة من 2017 اي بزيادة قاربت 10 في المئة.

كذلك سجل ارتفاع بعدد الرحلات الجوية التجارية بحوالي 3 في المئة في حين تراجعت حركة الطائرات الخاصة من والى لبنان بحوالي 12 في المئة وبحسب الاحصاءات الرسمية فقد توزعت حركة المطار خلال الاشهر الاربعة الاولى من العام 2018 على الشكل التالي:

تركيز كبير على المهرجانات لتنشيط قطاع السياحة

ارتفع عدد الوافدين الى لبنان منذ مطلع العام وحتى نهاية نيسان الماضي بنسبة 1154 في المئة وسجل مليونا و215 الفا و112 راكبا، كذلك ازداد عدد المغادرين بنسبة 806 في المئة وسجل مليونا و243 الفا و225 راكبا، وبلغ عدد ركاب الترانزيت 1351 راكبا بزيادة 1240 في المئة.

وكان شهر نيسان الفائت قد سجل زيادة في عدد الركاب من والى لبنان بنسبة 137 في المئة، ففي حين ارتفع عدد الوافدين بنسبة 647 في المئة وبلغ 374 ألفا و942 راكبا، تراجع عدد المغادرين بـ353 في المئة وسجل 355 الفا و313 راكبا.

ارتفع عدد الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية والعربية والاجنبية المستخدمة لمطار رفيق الحريري الدولي-بيروت منذ مطلع العام وحتى نهاية نيسان الفائت بـ287 في المئة وبلغ مجموعها 1976 رحلة، منها 9860 رحلة وصول الى لبنان )بزيادة 299 في المئة( و9857 رحلة اقلاع من لبنان )بزيادة 299 في المئة ايضا( وتراجعت عدد رحلات الترانزيت بنسبة 2625 في المئة وسجلت 59 رحلة.

واستمر تراجع حركة رحلات الطائرات الخاصة من والى لبنان خلال الاشهر الاربعة الماضية وبلغ مجموع هذه الرحلات 1551 رحلة مقابل 1761 رحلة في نفس الفترة من العام السابق اي بتراجع 1193 في المئة، وبلغ عدد الرحلات الخاصة الواصلة الى لبنان 736 رحلة )بتراجع 742 في المئة(.

والرحلات الخاصة المغادرة 742 رحلة )بتراجع 725 في المئة( والرحلات بالترانزيت 73 رحلة )بتراجع 56 في المئة(.

حرب الشائعات.. ودور الاعلام

من جهته تمنى رئيس اتحاد النقابات السياحية بيار الأشقر، في لقاء مشترك مع القيمين على القطاع السياحي، على الإعلام اللبناني نقل الصورة الإيجابية عن لبنان، وأنه بلد الأمان والاستقرار على عكس الصورة السلبية التي ينقلها الإعلام الغربي، لافتاً الى أن لبنان بلد صغير لكنه كبير بمقوماته السياحية وبتنوعها.

ورأى ان إطلاق الشائعات في بدء كل صيف أصبح معروفاً وكأن هناك حرباً على وجود لبنان ومنارته السياحية في الشرق من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون عن التلوث في البحر والجو، مع العلم أن السائح يأتي إلى لبنان لمناخه وبيئته. ولفت الى وجود زيادة في عدد السياح، ولكن مع تراجع النفقات السياحية، وشدد على أن لبنان اهم وجهة سياحية في دول المنطقة ولدينا كل الامكانات والمقومات السياحية، ونتمنى التكاتف والتضامن لأن اللون الأسود يقابله لون أبيض أيضاً، ولذلك نطالب بالإيجابيات حرصاً على القطاع السياحي.

موسم بطيء.. النتائج والتوقعات

في اللقاء ذاته، وصف الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية في لبنان جان بيروتي الموسم السياحي بـ«البطيء« إذ أن النتائج كانت عكس التوقعات، مشيرا إلى أن الآمال كانت معقودة على عودة السياح العرب والخليجيين إلى لبنان لكن الاتكال اليوم هو في أغلب الأحيان على العنصر اللبناني المغترب مع عدد قليل من العرب مصريين وأردنيين وعراقيين.

ولفت إلى أن التمنيات كانت أن يكون العام الحالي يشبه بمعدلاته العام الفائت، إلا أن عدّة عناصر أثرت على السياحة مع تأخر قدوم موسم الصيف إضافة إلى هطول الأمطار ناهيك عن بدء المونديال

كما رأى بيروتي أن الإجراء الذي اتبع عبر خفض تسعيرة تذاكر السفر إلى لبنان على الخطوط الجوية الألمانية والفرنسية ساهم بعودة الأسواق الأوروبية التي تنشط في موسم الربيع والخريف إنما هذا الإجراء يجب تعميمه على مدار السنة بأن تكون تذاكر السفر مخفضة، فارتفاع الأسعار هو السبب الأساسي لتباطؤ النمو السياحي.

وأوضح أن لبنان كان في العام 2017 ارخص وجهة سياحية، والاوروبي يزور لبنان بشكل كبير، وهذا العام زادت نسبة الفرنسيين بـ 19 في المئة عن العام الفائت، ما يدل على ان لبنان يمكن ان ينافس في اطار جذب السياح، وشرح ان في العام الماضي زار قبرص، 780 الف سائح روسي، في حين ان لبنان ليس بعيدا عن قبرص، لافتا الى انهم لا يأتون الى لبنان لأن قبرص سوّقت لنفسها في روسيا لخمس سنوات ودفعت حوافز للشركات وهذا ما ينقص لبنان اليوم، ولكننا وضعنا مشروعا كاملا في هذا الاطار، ولا نحتاج لدعايات ترويجية في الخارج بل العمل مع الشركات السياحية التي تملك شبكات تواصل اجتماعي مع زبائنها ترشدهم بواسطتها الى الوجهة التي يمكنهم ان يقصدوها.

الإنجازات أقوى من السلبيات

من جهته، قال نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي طوني الرامي نحن قيّمون على القطاع السياحي وعلى الإضاءة على الإيجابيات، وإذا كانت هناك سلبيات فنعمل على تحويلها إلى إيجابيات ولفت إلى أن القطاع السياحي وخصوصاً قطاع المطاعم حقق الكثير من الانجازات وآخرها في العام 2016 عندما تم اختيار بيروت المقصد الأول للطعام في العالم، متفوقة على عواصم العالم في الشرق الأوسط.

وأكد الرامي أنه في مقابل النجاح، هناك شائعات سلبية تجب معالجتها وخصوصاً أنه بين 2011 و2018 لم يتغير أي شيء من المقومات السياحية والبيئية وحتى الاقتصادية.

نشاطات برعاية الوزارة

من نشاطات وزارة السياحة يمكن الحديث عن »ليلة المتاحف« التي أقيمت في 14 نيسان 2018 لزيارة 13 متحفا في المناطق اللبنانية مجانا.

رعت الوزارة افتتاح العديد من المهرجانات الدولية والنشاطات الترفيهية وهي على الشكل الاتي:

المهرجانات القروية حيث تعمل القرية واهلها على تنظيم المهرجان وحضوره وليس للدعاية والتسويق للخارج ويمكن منح40 او 50 مهرجان في قرى لبنان تقريبا.

مهرجانات تدعمها الوزارة للجمعيات بمساهمة 150 مليون ليرة لبنانية )100 الف دولار( كحد اقصى شرط ان تكون الجمعية التي تقوم بالنشاط غايتها الانماء السياحي ولا تتوخى الربح.

المهرجانات الاربعة اللبنانية صور وبعلبك وبيت الدين وجبيل وتم تصنيفها نظرا لاماكن اقامتها التاريخية في قلاع سياحية مهمة في لبنان. وقد ساهم حلول شهر رمضان المبارك في شهر أيار، في الإعداد لافتتاح مبكر للمهرجانات التي انطلقت في حزيران على ان تختتم في آب الجاري.