»دار الندوة« تكتب الشاعر البروفسور جورج طربيه

بدعوة من »دار الندوة« ـ »رابطة الاساتذة القدامى في الجامعة اللبنانية« »المجمع الثقافي العربي« ـ و»تجمع البيوتات الثقافية في لبنان«، أحيا الشاعر البروفسور جورج طربيه أمسية في »دار الندوة« ـ بيروت، مستذكرا اعلاما مبدعين راحلين لبنانيين وعربا واجانب في قصائد له فيهم، ومحاورات معهم، وفق التسلسل الآتي:

الشاعر سميح القاسم )فلسطين( ـ الشاعر الدكتور محمد الدناي )المغرب( ـ الناقد الدكتور عز الدين اسماعيل )مصر( ـ الوزير الدكتور ناصر الدين الاسد )الاردن( ـ الشاعر حافظ الشيرازي )ايران( ـ الشاعر الدكتور محمد الايوبي، والشاعر الرائد سعيد عقل )لبنان(.

حضر اللقاء نخبة شعرية وثقافية واكاديمية يتقدمها ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي العميد عبده صعب، الوزيران السابقان بشارة مرهج وادمون رزق، النائب الدكتور مروان فارس، النائب السابق عمر مسيكة، القنصل ابراهيم الحداد، القاضي الشيخ يحيى الرافعي، النقيب جان قسيس. كما حضره رؤساء هيئات ثقافية ومدنية اساسية وفاعليات.

بداية النشيد الوطني، فكلمة ترحيبية من رئيس الدار المضيف الوزير بشارة مرهج، فتقديم للشاعرة باسمة بطولي وفي ما يلي نص الكلمتين:

كلمة الوزير السابق بشارة مرهج:

جورج طربيه في شعره عبق الارز وحضور التاريخ ونسمات تنورين.

وفي بيانه سحر الكلمة وسمو المعنى ورجاحة العقل. اذا حكى أسَرْ، واذا استعاد تألق، واذا وصف سكب الضياء على جداول المياه.

قصائده لوحات انيقات تبعث الحياة في الاغصان المتعبة، وثمرات يانعات تحاكي الربيع ان اطل باكرا، وباقات زهر تتحدى الارض اليباب.

اذا عزف على الاوزان استجاب له الوقر وبث الحانا لم نعهدها من قبل.

آثر بعد ربه ان يتعبد للشعر ولبنان. كتب لبنان شعرا فانتشى الشعر بلبنان.

نذر نفسه للمعرفة والجمال فاستعار حبره في ندى الحقول، وشق الصخر بحثا عن قلم مسنون ينكسر ولا يخرج عن الخط المستقيم.

صدقني يا اخي: كلمات التكريم مهما تبحرت في إرثك الثقافي، ومهما أجادت في الكشف عن دُرِكَ المكنون. لن تتمكن من الاحاطة بالدائرة الخصبة التي تتوالد مع الايام وستعجز عن انصاف رائد حمل رسالة الكلمة طيلة عقود تنويرا وتعليما، فما زادته السنون إلا بحثا ونحتا وانجازا، حتى اذا تكاثرت عليه الالام طواها في صدره وتطلع الى القلم عنوانا للتحدي وبلسما للجراح. فالاستاذ الذي تجاوز بانجازه قدرة الفرد، حاضردائما للاستجابة وهو الصادق يخلف عهدا. والاستاذ الذي اتحد بالحرف صار كتابا بل موسوعة تنبض بالحياة، تتواصل مع طلاب العلم واعلام الكلمة فتغتني البيئة الثقافية وتتوهج في وطن يحار أهل الحل والربط فيه كيف يسلبونه خواصه وكيف يلطخون سمعته.

اما الكلمة التي تعبدت لها في هيكل المعرفة فقد بادرت بكل سموها الى تعيينك سفيرا فوق العادة الى البلاد العربية، لا بل الى العالم حيث سبقت اوراق اعتمادك افكارك الصافية وشهرتك الاكاديمية ومكانتك الادبية وماآثرك المشهودة ذودا عن اللغة الام باعتبارها إرثا عزيزا وامانة غالية ورابطا اساسيا لعروبتنا الحضارية الانسانية.

أحييك يا اخي العزيز البروفسور جورج طربيه.. ودار الندوة يشرفها حضورك وهذا الجمع الكريم الذي نعتزبه وبك.

والسلام لكم جميعا.

كلمة الشاعرة باسمة بطولي

من سوى الشعر قد يليق بعابدْ

في بخور الكلام يشبه مارد

خطوة في التراب لكن… كنسرٍ

ناطقِ… في مجرة الفكر رائد…

يشرد العمىُ في ضلالتهم وهو

مدى انجم الهداية.. شاردْ

حين نلقي مجاهدي الحرف قاموا

لجهاد… تجده بالنصر عائدْ

مثل ماءٍ في النشء… يروي وحينا…

كرودانْ… يرمي م الصخور الزوائد…

ان يكن في الاجيال نحات عقل

فلغمر الجمال ينحت ساعدْ…

كم تعلّى رسول شعر الى العرب…

ورجع التصفيق… ما زال شاهد

حاملا في جنانه فلذا.. تُسري

قشعريرة بصخرة حاسد…

صدفُ القول كيف يحوي بحارا…

من بديع… لسيد في الاماجد!

لم أحكي كأنه غائب وهو هنا…

بين سامعٍ ومشاهدْ

ومتى احتاجت الشموس وسيطا؟

ولإحداها الآن  موقع قائد!..

ـــــ هذه القصيدة ضمن كادر ـ

القدس

قصيدة للشاعر البروفسور جورج طربيه

… يا قدس يا حلما سماوي الرؤى

ما ارضك البيضاء ارضاً، بل سماء

يا صفحة بيضاء تسطع في الدجى

وسطورها الحمراء تكتبها الدماءْ

اني وقفت على تخومك ناصتا

للريح مقتفيا ظلال الاولياء

حيّوا ناوا، غابوا رسوما او رؤى

لخطاهم الخرساء وقع في الهواءْ

يا قدس اين صلاح دينك فاتحا

من سَلَّ من حقْويهِ مفتاح الرجاء

من قيَّد الحسناء عاريةٌ على

درب القوافل في سراديب البغاءْ

فتصيح بالبرَّاق علَّ اخاْ يرى

ذل الاخيّة بين ايدي الاشقاء

عبثوا بها ضربوا مفاتن طُهرها

بعصيهم، كتّمتْ اكفهم النداء!

من مزق القرآن في محرابها

ورمى محياها بماء التوتياء

من دنّس الاقصى اباح نساءها

سلب العروبة خير ما فيها: الاباء

أين الملايين التي ان ارعدت:

»الله أكبر« صدعت سور العداء

يا قدس هُبي بالصنوج وايقظي

الشرق المسجى في ضريح المومياء

لا كان شرق العرب شرقا إن ارت

أنواره الاجرام فيهم والغباء

نحن الاعزة لن نواجه امسنا

خدما نساؤهم استبيحت كالإماء

xxx

لا لن تضيع القدس، بيروت هنا

وهنا الجنوب الحر ارض الكبرياء

كرمى لعينيها المنية كوثر

فالموت والعيش الذليل لنا، سواء

عسل كؤوس الموت يعذب مُرّها

صبي لنا ما شئت كاساتِ الفناء

من حولك الشعراء داروا خشعا

كل يصب دماه عشقا في اناء

لبنان والجولان فيك تنافسا

هذا الذي شاؤوه، ذاك السيف شاء

فكلا لك الوطن الصغير مقاوما

واقمت عرسك فوق ساحات الفداء

ما أروع الاعراس في ساح الردى

وعلى تخوم الموت كم يحلو البقاء

نمشي على الاشفار ترصدنا المدى

ونعلّ في عجل هنيهات الهناء

نشوى بنار الحقد في »قانا« الإبا

والغير منهمكٌ بخمر ونساء

عرب البلاغة في الخطاب، زئيرهم

رعْد وآن الحرب صوتهم مواء

ولعل ابلغ ما استحقوا صمتنا

لنْحلّ عن ذكر الصغار، ولو هجاءْ

يا قدس كم فتنت لحاظك موطني

وسقى رباك الارز دمعا ودماء

ورعتك بيروت الابية طفلة

وعذئك من ندي الامومة والعطاء

فجرحت بالناب المسمم ثديها

وبنوك كم هدموا، وشعبك كم أساء

وأراك يا قدس المساء شريدة

العوبة في الريح عاث بها القضاء

ختمت جراحي يا جميلة ادمع

ثكلى تذكرني بأيام الصفاء

فهرعت ارسم جرحك القاني على

وجهي صليبا دافعا عنك البلاء!

في البال من قدسي الجريح مرابع

نسمات عشق كلما عاد الشتاء

ورفاق درب في النضال اذا دعا

الداعي وآهات لفيروز الغناء

يا اقدس الاقداس دنسك الألى

جعلوك سوقا للنخاسة والبغاء

نحروك اضحية وباعوك على

خضر الموائد في الصبيحة والمساء

يا قدس كم لبست قناعك أرقم

حمر، وخانك عند حاخام، مراء

قد حبانا الله ارقى لغة

في الارض فاخترنا التكاذب والرياء!

يا ما احيلى الجاهلية ان يكن

إسلامنا نحرا كأن الناس مشاء

واخا يخون أخاه يهتك عرض من

ربوه في الاحضاء إذ عز الوفاء

فاسترجع القرآن يا رحمن ، ديـ

نك بت ارهابا وظلما واعتداء

أو فارمِ بالكبريت والنار الآلى

عبثوا بآيات التسامح والاخاء

وانصر سراة الحق لا كانت نهى

إن انكرتنا القدس، او ضاعت هباء!

أما محاوره طربيه لرئيس المجمع الملكي الاردني، وزير الثقافة المفكر الكبير الدكتور ناصر الدين الأسد، فقد تمت في اطار مؤتمر عُقد في عمان )فندق هوليداي إن( بين 12 و14/12/2002 بعنوان: »دور المثقفين في الوطن العربي وديار الانتشار في نهضة بلدانهم ودعم القضايا العربية«. وقد دعت اليه في حينه »اللجنة الوطنية العليا لاعلان عمان عاصمة للثقافة العربية 2002 !« و»المجمع الثقافي العربي«. اما مساهمة طربيه التعقيبية على محاضرة الاسد فتمت في الجلسة السادسة، وقد ادارها  الدكتور سلمان العسكري رئيس مجلة »العربي« الكويتية. وقد ركز طربيه على انتشار لرجعية اسلامية عالمية. سنية ـ شيعية تتحدد في المنعطفات الحاسمة ما هو الاسلام، ومن هو الحكم، وميز بين العصية البناءة والتعصب الهدام، منتصرا للأولى، متصديا للثاني، وذكر بموقف الدكتور الاسد الرافض لهذا الطرح باعتبار ان الاسلام ليس فيه سلطة عربية، ودعا طربيه »دار الندوة« الى متابعة هذا النقاش واضعا وقائع المؤتمر العماني في تصرفه وفق ما نشر في موسوعة »تجمع البيوتات الثقافية في لبنان«، والملتقى الثقافي للمؤتمر اللبناني  العالمي، في الجزء الثالث عشر من الصفحة رقم 37 الى الصفحة 63.

كلام الصور

01

المكرّم الشاعر البروفسور الدكتور جورج طربيه

02

 مشهد من الحفل في »دار الندوة«

03

ـ البروفسور طربيه يتوسط الوزير بشارة مرهج والشاعرة باسمة بطولي