رحلة في بحار انطوان رعد العميقة.. بأمواجها المتلاطمة وشلالاتها الهادره

01
انطوان رعد

ان كان صوته يجهر برأي أو يعبر عن فكرة، فهو يدخل بنبراته الى العقل غزوا واقتحاما، وان كان يترنم بقصائد العشق والغرام، فان صوته يتسلل الى ألأذن عذبا ونقيا يملأ القلب وجدا وحنانا ويغمر المشاعر حبا ودفئا. باختصار هوعنوان كامل للصدق والوضوح الذي يحكم بيانه ومفردات الكلمات لديه ومايعتلج داخل الصدور . لهذا اتفق معه الى ابعد الحدود، أو اختلف معه الى مالا يحصى اويعد من الوان الأختلاف، ولكن في كلا الحالين عليك احترام شواغله وقناعاته وايقاعاته قدر مايتسع لديك الصدر أو الفكر، ان كنت حقا من المؤمنين بالأختلاف وتعدد الرؤى والأجتهادات، ولست حبيس جدران ثقافة الأنغلاق والتحريم ورفض المخالفين.الشعر لدى انطوان رعد عشق مبرح للكلمة الرفيعة يغزلها بريشة الفنان المطبوع، ويرسم مفرداتها بخطوط المتيم الولهان، فهو الشاعر الذي يذوب حبا في جمال الحرف الذي ينحته من ثنايا الوجدان، وان كان قد احترف الشعرأو امتهن صناعة الكلمات فلأنها في البداية والنهاية وسيلة تعبير تكتسب الكثير من المعاني، وتسبح في عمق الأقناع والتأثير. الجمال في تكوينها لايقتصر على الشكل أوالقوام بمعنى حبكة النظم وقوافيه، ولكن يتعداه الى الجوهرأوالمضمون من حيث عمق المعنى ومرماه. كان انطوان رعد ضيفا على العاصمة البريطانية في الشهر الماضي، وأسعد جمهور الحاضرين في أمسية أقامها له نادي )حديث الأمة( كانت قاصرة في احيائها على وجوده، وانتشى جمهورها بسماع ألوان متعددة من قصائده، وبين جمال النظم وحرفيته وعمق المعنى وجلاله، وسحر الالقاء وترنيماته مضى وقت لايحسب طوله او زمنه بقدر ما اغتنت المشاعر وارتوت من عطش وظمأ برح بها من زمن طال مداه .تعالوا معنا نسبح سويا في بحار انطوان العميقة، بامواجها المتلاطمة، وشلالاتها الهادرة، وكذلك بنسماتها الرقيقة ولمساتها العطوف الحانية، يقول عن بغداد عاصمة الرشيد التي سطرت في عصرها الذهبي مجدا وشموخا يشهد له التاريخ، وتسطع على صفحاته ألوان من الضياء، ثم هي على نحو آخر عاصرت نكبات يدون المؤرخون تفاصيلها، وقد كتبوها وأرخوا لها فصولا عديدة من الأحداث، انتقالا من التدمير الى سفك الدماء وازهاق الأرواح تارة من الزمن على يد التتار في عصرهم القديم، وعلى نحو آخر في عصرالتتار الجدد في عهدهم الحديث ودمارهم للأخضر واليابس، وللبشر كما للحجر وضرب عراقة الأصل بمحو التراث وصولا الى محاولات تمزيق الوحدة الوطنية على الأرض الطيبة، وشق الصفوف بين المواطنين خلال عهد بوش وبلير وسلاطين آخر الزمان في ايران .يقول الشاعر عن بغداد

بـغـــــــــــــــداد

 أدمنت حبك في سري وفي علني يانجمة القلب ياعصفورة الشجن

ان خــــان عهدك عشاق سماسرةأنا على العهد يابغداد لم أخن

لبنان أرضعني حب الوفاء وفي قارورة الشعر صفاني وقطرني

هل يسأل الطير اذ يشدو على غصنمن علم الطير ان يشدو على الغصن

بغـــــــــداد ياأمنا ياتاج أمتنايانخلة جذعها أقوى من الزمن

ياغادة أحرقوا ليلا ضفائرهاياحرة عذبت دهرا ولم تهن

ياوردة الشعر ورد الحب أقطفهمضرجا بصباباتي ويقطفني02

ماكل ما يتمنى المرء يدركهتجري الرياح بما لاتشتهي سفني

عشتار صلي لأفراخ بلا زغبتحت الحصار وفي دوامة المحن

لان الحديد وقلب الصخر رق لهميزفون في العش من جوع ومن وهن

هذا فريسة داء راح ينهشهوذاك لف صباح العيد في كفن

صلى فصوتك صوت الحب يذبحنيحنان صوتك صوب الله يحملني

لعل ترنيمة بالحب مترعةتهز هزا ضمير العالم الوثني

يابيدر الخير ان غاض الحنان وانشح الوفاء وجفت دمعة المزن

فالقلب سنبلة صفراء مثقلةبالحب والحب دين الحب اثقلني

أفتها بيدي فتا لتنقذهاعصفورة عضها الحرمان في الوطن03

دأبه المغامره وبيته الخطر

ثروة الشاعر خياله، وفراسته هي عقله، وقلبه هو قلمه، وشعره نفحات من وجدانه، وكلماته هي عصارة فؤاده، هكذا نرى انطوان رعد شاعرا يحلق بك في عوالم يصنعها ويحكي من خلال صورها اساطيرا لها في وجداننا مكان، وفي عقولنا مغزى وبرهان .منها أسطورة السندباد الذي دأبه المغامرة وبيته الخطر، ولكنه دائما يصل ذ بالأراده وشجاعة الأقدام المحفوفة بالخطر – الى شاطيء الأمان .سندباد اسطورة تملأ الخيال، ومازالت تتناقل فصولها اجيالا وراء اجيال، ولكن انطوان رعد يجدد صياغتها بطلاوة الحديث وجمال التكوين، وسرد وحبكة المفردات .

وبعد ما فتل شاربيه

والتمع الحنان في عينيه

أشعل جدي النار في الموقد

أشعل في قلوبنا الاثاره

وقال في حراره

أنتم مع البحر على موعد

لأنني أود ياأولاد

أود أن أحكي لكم حكايه

عن سيد الرحلات سندباد

وننتقل الى تلك الأبيات:

بكل ماتفننت بغداد

في صنعه أبحر سندباد

من مرفأ البصره

وقال باسم الله

رب الكون والعباد

تنطلق السفرة

وكان في صندوق سندباد

مجموعة من انفس العقود والأساور

وأجود الحرائر

فهذه قلائد مذهبه

وهاجة مثل المجرات

فوق عباءات مقصبه

انعم من عشب البحيرات

 تزهو بها احلى الأميرات

وننتقل الى تلك الأبيات

واذا أنا في غمرة الذهول

أزاء لغز يدهش العقول

تمددت غمامة هائلة

أطفأت الشمسا

حطت على القبة في تمهل

طامسة بياضها طمسا

فخفت وارتعدت

وعنهما ابتعدت

لكنني ادركت بعد آن

اني ارى معجزة الزمان

فطائر الرخ هو الغمامه العظيمه

والقبه التي احتوى بيضته اليتيمه

وننتقل الى تلك الأبيات

بغداد ياعصفورة الحنين والتعله

يانجمة عاشقة

تسهر كل ليلة

على ضفاف دجله

تاركة شعرها

على النخيل خصلة

ترى متى اعود ؟

اليك يااميرتي

اليك ياحبيبتي

ياتحفة نادرة

في متحف الوجود

ترى متى اعود ؟

اليك يابغداد ياخاتما افركه

فتحضر الأعياد ..!

المملـكة السعيــده

قصائد للصغار

الطفولة مرحلة عمريه، أشبه بقصيدة شعر انسانية تسير على قدمين، قصيدة لم تكتمل حين تضحك كأنها عصفور يشقشق، أو أنها رتم لحن لم يكتمل، ويأخذنا انطوان رعد الى البسمة الصافية والعيون البريئة والعواطف النقية ، يأخذنا الى عالم الصغار، ودنيا الزهور التي مازالت براعم تتفتح .

وعندما اسالها

بنيتي مااجمل الأزهار؟

بنيتي تحار في أمرها

تحار أي زهرة تختار

عندئذ أحضنها أضمها

من ولهي أشمها

أقول يابنيتي مهلا

فأنت عندي الزهرة الأحلى

يازهرة تحرسها الزهور والأقمار

يازهرة تغار منها كل الأزهار …

مــــــــرايا حــــــــواء

المرأة والمرايا يتخطيان التشابه في الحروف الى حد التوأمة في الألتصاق، وتتساءل أيهما يعشق الآخر ويداهنه، لاسيما ان تدخل طرف ثالث هو الرجل وعيناه مرآة حاكمة وعلى صفحات ديوان كامل تتفجر عواطف لتكشف خبايا القلب والمشاعر حيث تتسلل الى عالم الأسرار .

اي وجه هو وجهي ؟ يالوجه

قد تماهى الصدق فيه بالخداع !

حارت المرآة في امري فلا تدري

أهذا الوجه وجهي أم قناع ؟

لاتسلني ياشعرها كم أعاني

أنت أدرى مني بما قد دهاني

تحفة أنت حاكها في حنان

مبدع الكون فوق نول الأماني

فتدليت في دلال وغنج

فاتنا مذهلا كذيل الحصان

وعدتني بلؤلؤ تحمله

من جزر نائية تغرق في النسيان

وعدتني بألف عقد وتاج

ماحاجتي الى عقود الدر والمرجان

وقلب من يحبني من زجاج

أنطوان رعد بحوره زاخرة بكل انواع الجواهر من لؤلؤ و ياقوت ومرجان فكل اشعاره سبائك منحوتة من قلب لايعرف سوى الحب والصدق والوفاء . بحوره عميقة، وبيوته شاهقة، وشواغله ثمينة ومعدنه رقيق وصاف وشفاف .

أمين الغفاري

الشاعر انطوان رعد

بحوره عميقه وبيوته شاهقة وشواغله ثمينه

ومعدنه رقيق وصاف وشفاف .

اسطورة السندباد

دأبه المغامرة وبيته الخطر

مرايا حواء ) المرأة والمرآة(

يتخطيان التشابه في الحروف الى التوأمة في الألتصاق