سيّد العود فريد الأطرش

من عمق الشرق، خرجت آلة العود، رندحت، عزفت، فصّلت ووزعت حتى دعيت فريد الأطرش، موسيقاراً وعزفاً وألحاناً وأوتاراً…

وحين نكرّم الكبار، هذا لا يعني أننا نكرّم الماضي، وانما نكرّم أنفسنا بالحاضر، ونكرّم غدنا بأجيالنا المقبلة…

واذا كان العلم دائرة الخالق في الخلق، فالموسيقى هي فنّ وعلمٌ في آن، واذا كنا نسعى لترتيب مفاهيمنا ووظائف الحياة فينا، علينا أن نرتّب حواسنا ومشاعرنا وعقولنا على قدر انسانيتنا، فكلما بلغنا مرتبة الانسانية فينا، كلما حققنا وعياً مضافاً الى حركة الوجود ومعناه…

غلاف كتاب رينه بولس الحاج عن فريد الاطرش

وحين قال لي وليد خويص يجب أن تتعرّف على رينه بولس الحاج، لم أكن أنتظر مجلداً عن حبيب عمرها فريد الاطرش، كتاب من جزأين، بل كنت أبحث عن شغف أو احساس كبيرين في امراة مولعة بالفن والموسيقى عامةً، والموسيقار فريد الاطرش خاصةً، ودراسة لمراحل حياته وتقنيات اللحن لديه بدءًا من القصيدة وصولاً الى النغمة والصوت واللحن وتوزيعاته، اضافة الى الحس على حركة المعنى حين يتجسّد العالم في تخاطر ذهني حول جدوى هذا الكون دون موسيقى التي هي أساس الوجود ورؤياه…

قالوا: الفلسفة هي العلم الأول، قلت : الموسيقى هي الفن الأول، أولم يدرك الكون وجوده من خلال انفجار كبير كنا نحن فيه جزءًا من صوت، من نغمة، ثم تتالت من كلمة، فصورة، فلون، فحركة، فوظيفة لاكتشاف الخالق فينا؟

لا يسعى هذا اللقاء الى تكريم رينة بولس الحاج على عملها وانجازها فحسب، بل الى تعظيم القدرة في كل واحد منّا أنجز عمله بصدق وحب كبيرين، هذا هو سر النجاح لأي عمل يترك بصمةً ممزوجةً بالشغف والأمل في رسم الطريق نحو المعنى.. الله هو معانٍ وليس مبانٍ نرسم شكلها دون روح أو اتجاه…

على الاساتذة المحاضرين أن يتحدثوا إلينا عن سرّ رينه بولس الحاج مع فريد الاطرش، ولأني مغرمٌ بفكرة  »اْعطِ خبزك للخبّاز ولو أكل نصّو «، سأترك لذوي الاختصاص أن يأكلوا الخبز كله مناصفة في بينهم على أن يتركوا النصف الثاني لنسرين حميدان لتشبعنا طرباً في هذا الشهر الفضيل…

شكراً لبلدية الشويفات على مدينتها الثقافية لعام 2019، شكراً رينه بولس الحاج… شكرا لكم جميعاً…

 

العدد 94 – تموز 2019