فلسطين القضية .. الابعاد وألأهداف

حوار مع السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط

 يوم تفرد ،ولم يكن له مثيل مع سائر الأيام ، ،ولايزال محل جدال وخلاف ،ترتفع معدلاته ،مع ارتفاع اّثاره في المنطقة وجدانيا وسياسيا واقتصاديا وانسانيا، هذا من ناحيه، ولكن من جانب اّخر ترتفع اهتمامات الأخرين به من خلال مراعاتهم للمصالح المتعدده التي يتطلعون اليها ،وعلى رأسها التحالفات السياسية او  الأستراتيجيه، ،ثم فوق كل ذلك ،طرأت عوامل جديده ،تتمثل في طوفان الدهشة البالغه ان لم تكن الصدمة المروعه للملايين من البشر،حين تكشفوا وبجلاء لا لبس فيه ، مدى ازدواجية المعايير  في تطبيق شعارات الحرية والاّخاء والمساواه، و كم حجم الصدق في المبادئ المعلنه ،حول عدم التمييز العنصري ،وحق تقرير المصير ،وحق المقاومة الشعبيه لأي شعب يرزح تحت الاحتلال ،بعد ان اصبح واضحا وجليا ،في مدى التباين في الالتزام بها أو الأصرار عليها ، ثم في عالمنا العربي، وأحزانه المتراكمه ،وهو يتلفت بحثا عن قيمنا في معاني النجده ، خصوصا بحكم روابط الجغرافيا والتاريخ واللغة ،وهي العناصر الحاكمة على وجه الدوام . أنه السابع من أكتوبر من العام الماضي 2023 ،يوم ان استيقظ العالم فجأه على خبر،يتناول اقتحام المئات من عناصر تنظيم جماعة (حماس) وهي احدى تنظيمات حركة المقاومة الفلسطينيه لما يسمى بمستوطنات (غلاف غزة)،وقام بأسر اعداد من بعض القيادات العسكريه الأسرائيلية  أو اعتقال بعض العناصر من المجتمع المدني الأسرائيلي .يمثل ذلك اليوم بركانا سياسيا وعسكريا قد انفجر في المفاهيم العامه التي طالما رددتها الماكينه الاعلاميه الصهيونيه حول قوة اسرائيل ،ثم الألتزام

السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط

الغربي بسلامة اسرائيل و ضمان أمنها منذ البيان الثلاثي عام 1950 بين امريكا وبريطانيا وفرنسا . في هذا الأطار جاء دور السفير الفلسطيني  حسام زملط في المملكة المتحده ،في قيادة العمل السياسي بمفهومه  الدبلوماسي على الساحة البريطانيه ،يمسك بدفة القياده ،ويعبر بقاربه وسط انواء ورياح عاتيه ،تتسقط اشارة ،أو تمسك بعباره أو تسعي الى موقف ،يبني عليه الخصوم أو المتربصون في الترويج للعنف ،أو الحض على الكراهية أو الأستعداء  من خلال الشرح او التنويه. استطاع ان يعبر اياما اشتد فيها الهجوم ،وتكالبت فيها الكثير من الأهواء للنيل من موضوعية الطرح ،وعلمية التحليل، والوعي الكامل بالألتزامات الواجبه لرجل الدوله ومسؤولياته المحدده في خدمة قضية بلاده، مما جعله يكتسب جماهيرية ملحوظه ،سواء بين العرب في بريطانيا أو بين المتابعين في العالم العربي، فهو يجمع بين اليقظه في الاستماع ،أو في الكفاءة في التناول  . كان ذلك الموقف ومدى مصداقيته حافزا لمجلة الحصاد ان تأخذ وقتا بين شواغله ،وان تتطلب مساحة من الوقت للأنصات له ،وسط التزاماته وارتباطاته ، ولم يبخل الرجل ،بل كان كريما ومعطاء ، وكنا معه بعد ان تحدد الموعد الأربعاء 24 يناير الماضي في الثانية عشر والنصف ظهرا .حضرت السيده ابتسام اّوجي رئيسة تحرير (مجلة الحصاد ) و الساده حسين حمود وأمين الغفاري من اسرة التحرير.

 تفاصيل الحوار

ابتسام اّوجي : الواقع العربي يمر بمرحلة دقيقه ،وتتسم العلاقات بين أطرافه لا اقول بالتناقض ،ولكن على الأقل ليست بالتجانس المطلوب ،بينما المطلوب من الجامعة العربيه واصدار قرارارتها ان تكون بالأجماع ، وهذا أمر شديد الصعوبة ،ويعقد الموقف ،ولذك رأينا الكثير من التصريحات التي تقول ( هذا القطر أولا ،ثم يأتي قطر اّخرليقول نفس العباره أنا أولا ،وهكذا مما يعني الكثير من التفكك ،وعدم الألتفات الى المصلحة الكلية للأمة العربيه ،كما ان هذا الأمر يعكس اّثاره على العلاقات بين اعضاء الجالية العربيه في بريطانيا، فلم يعد هناك التقارب المعهود والسابق في مرحلة ماضية ،ونحن نعيش في بريطانيا ،والمفترض ان يكون لنا الحد الأدني من التواجد والتعاطف،بما يمكن ان يشكل  التأثير الذي نعمل عليه . فلسطين بالنسبة لنا هي القضية الأم ،نتفاعل معها على الدوام ،وكان لموقف جنوب افريقيا اثره وتقديره البالغ . اسألك وانت تمثل الحكومة الفلسطينيه ،ماذا قدمت الحكومة لغزه في اطار الحصار الذي تعانيه ؟

سعادة السفير : أثرت موضوعات كثيره ،ولذلك فانني اقول حول التزاماتنا ،أنها متعددة ، ولابد من ان نلاحظ أن  اسرائيل منذ السابع من اكتوبر وهي تعمل على توظيف هذا الأمر على الشعب الفلسطيني بأكمله وليست غزة فقط ،وهي تعلن انها تريد القضاء على ( حماس) ،ولكن المخطط يجري على نحو اّخر،وهو استهداف فلسطين بأكملها ،وليست غزة،وليست حماس،واذا احصينا الضحايا واعدادها فهو يتخطي غزة ، كما ان غزة التي نعرفها لم تعد موجوده الآن  ، والمعلن عن عدد الشهداء هو رقم 25  الف شهيد ،ولكن ذلك الرقم لا ينسحب على الذين تحت الأنقاض ،وأغلبهم من الأطفال والنساء ،ثم علينا ان ندرك ان  هذا الحصر  لا يشمل اعداد ضحايا الجوع والمرض والحرمان من الدواء . علينا ان نعرف انه لأول مره يستخدم التجويع والحرمان من العلاج وقصف المستشفيات واغتيال الأطباء كأسلحه لتطويع الشعب على الهجرة . اصبحت (رفح)  مقصدا للتهجير ،تمهيدا  لاخراجهم بعد ذلك . انه نظام قائم على التطهير العرقي ،وضم اكبر مساحه من الأرض الفلسطييه لأسرائيل . ان المعركة تستهدف فلسطين نفسها .ثم ان المعركة لم تبدأ الآن ولكنها منذ وعد بلفور 1917 ،وكان هناك استعلاء استعماري،باعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين،وحولنا في فلسطين من ارض الحضارات ومهد المسيح،كما نفي عنا صفة الشعب،مع تعدد ثوراتنا وتاريخنا الطويل،وعلينا ان نتذكر ،أنه قد خرجت من رحم هذا الشعب حركات وطنيه مقاومه ثورة البراق 1919 والاضراب العظيم 1936 ، ولكن في المقابل هناك مخطط لابد لنا ان نواجهه وعلينا ان نعمل معا .فالمعركة هي معركة  مصير. ايضا التعليم ،وهو استثمار في الانسان. اننا لسنا اعظم امه في الارض ولكني لا اعرف اعظم من شعبنا .. بريطانيا حين نزعت منا صفة الشعب ،نزعت عنا كذلك صفة الدوله .   

ابتسام أوجي : نحن نعرف ان اسرائيل قد زرعت في المنطقه من اجل تحقيق مصالح معينه ،والعالم العربي في مرحلته الراهنه اصبح مكشوفا ،في نفس الوقت يجري العمل على القضاء العرقي على الشعب الفلسطيني ،ولا بد من الوقوف ضد هذا المخطط .

سعادة السفير : أولا هذا المخطط جرى الاعداد له منذ ان طرحت مقولة ( ارض بلا شعب ،وشعب بلا ارض ) وقد سقطت تلك المقوله ،وكانت تعتمد على انهاء وجود الشعب الفلسطيني ،في حين ان الشعب الفلسطيني انجب الكثير من القيادات العلميه والفكريه والأدبيه ، كان عطاؤه بلا حدود ،ومع ان اسرائيل قد انهت 70% من الشعب ،فان هذا الشعب جعل من 30% بذرة عطاء جديده ،والآن الشعب الفلسطيني موجود في حوالي سبعة ملايين نسمه موزعة بين الضفه وغزة والارض المحتله ،بمعنى انتجنا شعب متميز في عطائه ونحن بذلك انتصرنا ،ولدينا اعتراف دولي يبلغ 141 دوله ،والمنظمة هي الممثل للشعب الفلسطيني والجميع يقر بذلك باعتبارها المظله لكل الشعب الفلسطيني ,وحماس جزء  من النسيج الوطنى ،وسبق ان دخلت الانتخابات في غزة ،فكلنا في سفينه وطنيه وحين فازت شكلت حكومة بقيادة اسماعيل هنيه ،فالباب مفتوح للجميع بشرط الالتزام بالقواعد العامه وبمظلة المنظمة والالتزام بقواعد العمل المتفق عليها وتم النقاش حولها مطولا قبل التوافق والاالتزام بها .

امين الغفاري ،عاصرت في وجودك هنا تلك العاصفة الاتي هبت من خلال يوم السابع من اكتوبر، واشهد لك انك قمت بواجبك على اكمل  وجه ، وقد استمعت في  مظاهره شاركت فيها الى خطابك الذي القيته في نهاية المظاهره ،وكنت كما في احاديثك المذاعة مقنعا مباشرا ، لم تسمح لآي  اعلامي ان يستدرجك الى مالا تود ان تعرج اليه في  اطار اجواء مضطربه ،تتصيد اكثر مما يمكن ان تضيف..

أود ان أسألك حيث اري ان تلك المشكله التي نحن بصددها لا تملك اسرائيل افقا سياسيا لطرحه، واهدافها المعلنة غير قابله للتحقيق على النحو الذي تتطلع اليه ،كذلك حماس ،ماهو الافق السياسي بالنسبة لها ،والعقده ان اليمين في الحالتين لا يبحث سوى عن حلول مطلقه ،واسرائيل لا تقبل حل الدولتين وكذلك حماس سبق وان اعترضت على اوسلو . فالمشكله ماهو الطرح السياسي ؟

الجانب الآخر لابد من القياده الموحده وكما ذكر ( مروان البرغوتي) ان وحدتنا هي قوتنا) فليست هناك حركة مقاومة قطاع خاص . يبقى الدرس المستفاد ان الثمن الذي دفعه الشعب الفلسطيني لا يمكن وصفه ،ويعجز الانسان عن تقديره فهو ثمن باهظ ، ولكن تقول ( حنكة التاريخ) ان الاوقات العصيبة تنتج في النهاية نتائج عظيمة فقد كانت التجربة بكل غلظتها تمكنت من طرح قضية فلسطين على شكل مدو وصارخ لفت انظار العالم بأسره. ثم السؤال ( اين  فتح )؟

سعادة السفير : منظمة فتح قامت باعتبارها ( أم الوطنيه الفلسطينيه ) أو كما يقولون عندنا ( أم الولد) قامت وانا عضو منتخب  في المجلس الثوري لمنظمة فتح ) وايضا عضو في المجلس الوطني ،ففتح موجوده بكل مخزونها وتاريخها وتسلسل قياداتها الرئيس عرفات والرئيس عباس ،وهي معنية بتقسيم الادوار والمراكز الهامه وتقوم في اطار فكرة المؤسسين الأوائل ، وشغلت نفسها بأن تكون في اطار المنظمة ان تجعل من تلك المنظمة وعاء يضم الجميع ،وقمنا مؤخرا بضم الدكتور ( مصظفي البرغوتي ) وحركة المبادره الوطنيه ،كما انها في اطار الشارع موجوده وتمارس دورها ،بالنسبة الى ( فتح) فهي موجوده ،واذا احصيت عدد المعتقلين في الضفة فسوف تجد اكثر من نصفهم  من فتح ،وكذلك من الشهداء ،فسوف تجد نفس النتيجه ،ويبقى لنا ان نراجع انفسنا دائما ونستفيد من اخطائنا

ابتسام اّوجي : شئ عظيم بالتاكيد عدم الأستئثار بالرأي ،أو بالقياده ،وانما تظل عملية التواصل بين الأطراف كلها ،ولذلك تعبيرك ان تكون فتح هي الوعاء الجامع ،ولكن في اطار التعدد ،وليس التفرد .

من جانب اّخر دخول اطراف اخرى في المعارك ،ولكن بفتح جبهات اخرى كما في العراق وضربلت بعض الميليشيات لبعض مثلا ،هل يفيد ذلك على الجبهة الفلسطينيه ؟

سعادة السفير : دائما في العمل السياسي وتشكيل الاحزاب او المنظمات لابد من البرنامج وهو الحاكم ثم لدينا منهج المشاركه وليس الاستبدال و كما اسلفت اننا نسعي الى المشاركه ،وليس الى الأستبدال ،ويجب ان تكون تلك هي القاعدة في علاقاتنا التنظيميه،مع الاستمرار في الحوار،ولكن في اطار المنظمه وبالأغلبيه،ثم في النهاية وحدة القرار من المنظمه، فهي الممثل للشعب الفلسطيني .وردا على سؤالك عن العمل العربي المساند فهو مطلوب،وفي حرب 1973 رأينا استخدام البترول في المعركه ،وذلك كان له دور كبير،فالقضية تحتاج الى رد فعل عربي موحد يساهم بشكل منظم ومدروس وعلينا ان نذكر ان الزعيم الخالد ياسر عرفات وهو يعلن عن الدولة الفلسطينيه قال( دوله عربيه فلسطينيه).

ابتسام اّوجي :اريد ان اسألك عن الشباب ودورهم ،وهل يمكن ان يقوموا بدور بخلاف المظاهرات ؟

سعادة السفير : الشباب العربي شباب واعى ،وقد ظهر ذلك جليا في الأحداث الأخيره ،فقد قدم دعما غير مسبوق ،وعليه ان يدرك تماما ان اسرائيل مشروع استعماري حقيقي ،وكما رأينا مؤخرا وزير الماليه الأسرائيلي سموتريتش وهو يعرض خريطه اسرائيليه تتضمن الأردن .أي ان الحلم الأاسرائيلي

يتخطى وجودها الحالي بكثير ،وعلى ذلك لابد من الوعي الكامل بالمخططات التي يجري رسمها من حولنا ، مما يستدعي كل عوامل اليقظه .