لغة الجمع والتمييز

اذا اردنا أن نتعرّف على وطن.. نسأل عن شعبه، عن ثقافته، عن حضارته، عن هويته التي تشكل الواجهة الحقيقية للانتماء الى الفكرة….

وقد تكون اللغة هي إحدى أبرز سمات الهوية، كما ينجلي عليه الواقع التاريخي لحضارةٍ ما وشعبٍ ما، باعتبارها الجامع والحاضن للتفاعل بين الناس ومركز التواصل مع اللغات الأخرى، فمن لا يمتلك لغته، من المعيب أن يجاهر بلغاتٍ أخرى على أرضه….

لهذا، يا أخوتنا منسّقي اللغة العربية في المدارس الرسمية في لبنان، يأتي تكريمكم اليوم من جمعية رمز العطاء الخيري، تجسيداً حقيقياً على بلاغة الفكرة التي ننشد، فإذا أصررتم على مواجهة التحديات الصعبة وتيار العولمة الجارف الذي يأخذ في طيّاته كل الاعتبارات اللغوية والإنسانية ، فلا يميّز بين لغته ولغة الحياة الانسانية، فيحاول هذا التيار أن يسحق لغات القوى الضعيفة على حساب الأمم الكبرى، دون أن يعني ذلك أننا ضدّ اللغات الأخرى، فها لبنان بتنوّعه الثقافي أرسى مكاناً لمعظم لغات العالم، ويقيناً يؤكد على احترامها جميعها، لأن فكرة لبنان قائمة على التعارف لا على الاجتياح.. فالقوي يريد أن يفرض علينا لغته بالقوة، وهذا ما لا نرضاه إذا كان هو يحاول إملاء لغته علينا ويرفض استعمال لغتنا…

إن تكريم اللجنة المشرفة على مسابقة بيروت في اللغة العربية يأتي ضمن مفهوم العزم والإصرار على متابعة شبابنا اللبناني العربي أولاً الذي نريد أن نحفظ له مكاناً آمناً للغد عبر السعي على تشجيع ودعم لغتنا العربية الأم…

ومن هذا المنطلق تأتي مسابقة الشعر والقصة القصيرة التي تجريها وزارة الثقافة كل عام لطلاب التعليم الثانوي في القطاعين العام والخاص… والتي تصرّ على إبداع شبابنا من شبّان وشابات على تحريك معنى التفاعل والتأسيس لذاكرة الغد عبر بناء مفهومٍ واضح للهوية الثقافية التي تؤسس لنظرتنا الجديدة الى الحياة والكون والفن…من هنا تأتي الدعوة للأهل ومدراء المدارس في لبنان الى تشجيع أولادهم على لغتهم والتعبير بها عن مشاعرهم، ونحثّهم على تحفيز أولادهم على المشاركة الدائمة في المسابقات التي تجريها وزارتا الثقافة والتربية الوطنية لإعادة تجديد الحياة الثقافية في لبنان…