مسرح العام ٢٠٢٣

لم يعد ثمة ما يجرب . لا شيء من ذلك . هذه واحدة من سمات العام ٢٠٢٣ . لم ينهض أحد بعد ، لم يرتفع أحد بعد كما يفعل اليويو إلى مستوى يقال عنه مستوى ، بعد هبوط كورونا على الجمهور الواسع . ومواصلته محاولة احتلال العالم . لم يعد ثمة من يعكف على الإستعداد على محاولة أخرى . المحاولة الأخرى ، مواجهة المآزق والخروج منها بمشقة قوام ، بمشقات قوام في المسرح والسينما والتلفزيون والفنون التشكيلية والرواية ، وما يقف معها على الطريق . تغيب المشقات في غياب القدرة على قيام نطام إبداعي على الأصوات العامة . الكلام كلام يرتبط بالإنتقال من الحالات

أنطوان ملتقى : واحد من أبرز الغائبين

الفردانية إلى الحالات الجمعية . لن تنفع المناشدات ، لأن النافع لا يعود إلى التطلب . إنه يعود إلى التحقيق . من الإضطراب السحري إلى النظام السحري . هذه هي المعادلة . النظام مصنوع من الجهد في حالات الإبداع ، لا من مزعجي السلطات . إنها قضايا أخلاق عامة . كلام على الأخلاق لا علاقة له بالأخلاق المصحوب بالتعقيدات السلوكية . إذن ، ثمة مناشدة للدعم والحماية والإبداع . ثمة من يدعو للوصول إلى زوايا من زوايا المدينة ، إذا لم يتحقق الوصول إلى كافة الزوايا . تخفيض السقوف من تخفف العالم من جدياته ، من أشواقه . ذلك أن لا شيء قابل للترجمة . لن يؤدي الإصرار على الإبتكار للوصول إلى المبتكر . التوجهات المتعمدة ، تؤدي إلى منتج متعمد . هذا أسوأ الأشياء . لا نزال نتكلم على غياب عوامل الإنتقال من مرحلة إلى مرحلة بعد استهلاك المراحل القديمة تماماً ، مرحلة بعد مرحلة . الحيل لا في اليد ولا في العقل . إذ أن ثمة أعطال في المسارات العالمية ، لا المحلية وحدها .كأن العالم فقد حاله الذهنية ، أمثاله الجماعية . الأهم أنه فقد تسلسله التكويني . فقد لبنان التسلسل هذا . وهو أبرز صفات أخصب المراحل في التاريخ الثقافي في لبنان . لن يحقق العام المقبل ما لم يحققه العام السالف .كما لم يحقق العالم السالف ما لم يحققه عام سابق . لا علاقة للأمر بالماتيماتيك . أو بالعمليات الحسابية ، إثر فقدان المحفزات والروافع والفرضيات . لا نزال نراوح . لأن العالم لا يزال يراوح . لا شيء سوى التحيز للنفس . لا شيء سوى التصنيع . تصنيع لا صناعة . ثمة حركة انسحاب في التصنيع . ثمة حركة هجوم في الصناعة . تصنيع لا صناعة ، في واحدة من العمليات العكسية في واقع يومي لا يزال يتأزم أكثر كلما مر يوم . كل كلام على تقدم ثقافي في غياب هز العادات الإجتماعية خرافة . ثمة علاقة بين الإثنين . العالم في عاداته الإجتماعية ، عادات لا تظهر شكوكاً على أي مستوى أو صعيد . من المهم أن نزعج هذه العادات . ولكن أحداً لا يفعل في هذا الستاتيكو المدمر . ستاتيكو بأدوات لا بمسارات . لا مدارات إذن . هذا زمن التعذر . هذا زمن الأعذار . لا زمن القيم . القيمة في

المونودراما الكاسحة

القيم . لا مدارات ، لا من عدم القوة على التوقع . من قوة الأحداث وابتساماتها الساخرة من يمدون أيديهم محاولين الخروج من الغرف الضيقة ، بدل من الدوران فيها ، بأخذ التوقع من النقص إلى الإكتمال آلى الدعم لا الزعم ، إلى الحماية بانتظار التغير في العقلية على الإحتياجات الشخصية والعامة العميقة . العالم ٢٠٢٣ عام من أعوام الدوران . لن يسمع حتى صوت تنفسه، لم يسمع صوت تنفسه وهو يدور كدرويش دفن في داخله كل عوامل النقاله مع العامل الخارجي . لم يقدر على ذلك ، لأنه بقي بجانب نفسه وهو يدور في نوع من اللامبالاة بعيداً من القدرة على التقاط الإشارات . لأن الإشارات لا تزال عاجزة عن توسيع مناطقها وسط الإنكماش العالمي والمحلي . لكي يفيض عالم الإبداع بالحيوية والسعادة ، يفترض الأمر الخروج على ملاحظة القديم ، على الضعف أمامه ، على رثاء الذات ، المناشدة من أجل المستقبل ، الغضب . الغيظ. فك الأنشوطة على عنق المدينة . ذلك أنها لا تزال تعود منذ أعوام إلى روح العلاقات الزراعية . لم يعد ثمة مايميز المدينة عن المستعمرة . الأخيرة مدينة ما قبل المدينة . جرى ترييف المدينة ، وقع ترييف المدن . وقع الأمر منذ الإنتقال العنيد إلى العولمة . لن تستخدم الإخيرة الخيال لتريف المدن . لأن كلامها واضح . كلامها صريح . وهي تؤدي وعودها بتحويل العالم إلى قرية . هذا كلام لا يقع بلا هلالين . ذلك أن الثقافة مدينية . لا ثقافة بعيداً من نظام وخطط المدن . لن نرى العالم بطريقة جيدة بعد وهو يخوض في العولمة مريفاً العالم ، بحيث يظهر وهو ينتمي إلى الماضي لا المستقبل . أول ما فعله الفن ، فعله في المدينة . هذه نقطة جوهرية في مرواحة الثقافة والفن في نوع من التكافؤ المروحي. لا علاقة للأمر بعلماء النفس السلوكي ولا بالعلوم المساعدة . لقد خرجنا على المعيارية مذ خرج العالم عليها . لأن بلادنا جزء من العالم ، يقتبس منه أو يقدم لنفسه كيفياته ومحاولاته الخاصة أو تفضيلاته الشعرية والواقعية في سلوك لا يخضع للتجسد المحض على ابتكارات مدن الحرية أو جزر الحرية . مستوى المشاركة من مستوى الظروف .انقلب الأمر تماماً ، منذ فقد العالم مقاييس التوقيت . لا ضرورة لإجراء البحوث حول ذلك . ذلك أن علم الجمال بدأ كمشروع علمي ، لأنه قام بعيداً من التفسير . وقع في التفسير القاتل ، مع السقوط في الآحادية الكونية . عودة إلى العولمة . امتلاك جزء من أجزاء الصراع ضرورة لقيام عالم خاص . لم يعد عالم الثقافة والفن المحليين ملتزماً الأمر . عالم خاص، عالم جديد . إذ أن حصر العالم بالمراوحة بالقديم وغياب الطاقات المدفونة لن يؤدي إلى تجسد التفاعل ، حتى في حضور مزيج الحواس والموسيقى والملابس والكلمات والألوان والحركات والصوت . إنه عطر الإيهام في المسرح الحاضر ، التشكيل الحاضر ، السينما ، القص ، الرواية، الشعر . لا علاقة للأمر بستانسلافسكي . قام المسرح وازدهر كمثال ، على فوائد الصراع بين قطبي العالم القديم ، الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية ، قام على فوائد الصراع وتوظيفها في النظريات الدرماتورجية والأعمال ذات المعنى . الأخيرة مخلوق التجارب . لم تعد موجودة اليوم ، من غياب التواصل والإتصال الحي . بعد غياب حياة منحت التقنيات الحياة . منحت التقنيات حياتها . لأن الآحادية أودت إلى نهاية الصراع الفكري . لا دراما بلا صراع . هكذا ، حين أنهار الإتحاد السوفياتي والمنظومة الإشتراكية نقل الإنهيار العالم إلى بداية قرن جديد وهو لا يزال في قرنه . نقل من القرن العشرين آلى القرن الواحد والعشرين ولا يزال العالم في القرن العشرين . خضع الإتحاد السوفياتي لخرابه . هو من ما ساهم في تأسيس الأطر العلمية والعاطفية للتجارب المدوية . سقط سقوطه المدوي . لسوء الحظ وقف التدفق العالمي ما أحدثه الصراع والتصارع على العالم ،ما جعل وعي المبدعين المحليين يعتمد على بيئاتهم حيث وجدوا . النتيجة وعي مضمر. أو ضمور في الوعي . أو لا وعي . إذن ، سيجري تقديم ما لا نفكر به . سيجري تقديم عناصر الذات الملاحظة القديمة في منهج اختزالي . جرى اخترال الكلية

مونودراما ، مونودراما

القديمة في أعمال بلا فروق. لن أتذكر ما قدمه المسرح جراء الأمر . لم يبق أثر . لأن ما قدم افتقر آلى اللغة . أو وضع الإحساسات والمجزيات العقلية ، المؤلمة وغير المؤلمة في الأجهزة العصبية . لن يتذكر الفاعلون في المسرح ما قدموه في العام ٢٠٢٣، لأنه يعود إلى ما تم استكشافه ، بشراسة متأرجحة ، في القرن الماضي. الطقوس نفسها ، السرديات ، العواطف ، ما رآها العالم تنبؤات الثقافة والمثقفين ، الفن والفنانين في القرن الماضي ، لا تزال هي ذاتها قارة القرن جديد في دلالاتها النهائية . دلالات نهائية في بدايات لم تمتلك بواعثها الجديدة . أشياء قديمة في قرن جديد .إنه المجال المتاح ، بالتزام العالم جنساً واحداً وطبقة واحدة وجدت مراجعها في مواجع ومسرات القرن القديم .هذا منتوج وقوع فقدان السببية التاريخية . ما جرى البناء عليه قديماً . لن يتغير العالم بالتقييم . كل ما جرى ويجري عمليات تقييم لم استدعها نصوص العروض ولا حلولها على المنصات . بما تحتويه الحلول بما يمكن أن نراه . لا نزال هناك . لا نزال في الماضي في الطواف بالحاضر . معضلة لا شفاء منها . أن تبقى مرتبطاً بالإعتقادات القديمة . أن تبقى في نشر المعنى بعد تحديده من الآخرين . لا من نفسك . لا من ذاتك . لا طريقة في الممارسة حين تعتمد على النسق الوثيق الصلة بالآباء المؤسسين.برامجهم ، مناهجهم ، أساليبهم ، تميزاتهم،إشاراتهم ، كوداتهم ، معطوفاً على جروح التصنيع . عودة إلى التصنيع . إنه تطبيق . نحن في قرن التطبيق ، بعيداً من الفروق بين المركزية في قرن والعروض الخاوية في قرن . كز الـرسوم التخطيطية ، بعيداً من البحوث العصبية والصياغات الفارقة وجوهر البنيات . لا ظلم في الكلام على عمليات تدوير . تدوير فقط . استدعاء ما هو مخفي في غيبه وإعادة صناعته بعيداً من مفاهيمه الدراماتورجية ، بعيداً من مفاهيم دراماتورحية حديثة . أو محدثة في حد أدنى . صناعة آنية مصنوعة . لا آنية غير مألوفة ، جَسَّدَها الوعي في اتصال مستمر بين الأنساق البيولوجية والكيميائية والمادية والروحية ، المتداخلة الواحدة بالأخرى . كأنها دق الدقة بالدقة التالية ، في نوع من الميكانيكية . لا أحب أن أقول أننا في الهاوية . ولكننا فيها . إدراك الفروق لن ينجي بغياب نقاط الحاجة . غيابها من غياب الفرضيات . الفرضيات تدفع إلى توسيع معاني المصطلحات . غياب الفرضيات من غياب الصراع ، من التصورات البعيدة من الحواس الخمس ، مع تغول العالم الرأسمالي .رأسمالية وحشية ، كشفت وحشيتها في اندفاعها في سباق تسلح مدمر ، على حساب كل ارتباط بالشؤون الإنسانية . هكذا ، وجد العالم نفسه عارياً أمام كورونا، يميز بين الشاب والعجوز في تحديد من هو أولى بأجهزة التنفس في حين أنه يمتلك مخازن أسلحة تكفي لتدمير العالم على من فيه سبع مرات .

حين امتلك العالم الرأسمالي وحده ما أسميه المستقبلات ، كسر علاقة الواحد بالآخر . رأسمالية وحشية تقشر العالم . قشرت مخه . وهاهي تقشر جسده . ثم ، فصلت بين الرأس والذراعين والقدمين والصدر والظهر . أضحى العالم بيكاسوياً من دون بيكاسو . لا يكتمل أحساسه بعدم اكتمال جسده . لن يؤلف الأمر مستقبلاً. حيث تحول العالم إلى عالم فوتوغرافي . الفوتوغرافية شخصية العالم في خلاصات المراقبة. عالم يصور الشيء على ما مر عليه . ثم ، يصور ما صوره على ما هو عليه . وهكذا . لن نسجل حركة في عالم مراوح . صحيح أن في المراوحة حركة ، ولكنها حركة خاوية من الروح ، من الطقوس . المراوحة حركة متطرفة . المراوحة موت . لا حاجة إلى عمليات موضعية مجهرية أمام موت العالم . الآحادية موت .

مجموعة كهربا / مجموعة طليعية ، خفت وهجها

انتهى التنوع والتعدد . لذا ، انتهى الفن ، انتهى الفكر ، انتهت الثقافة . انتهوا في صور لا تمتلك إشارات العرض . لم يعد العالم في مركز الإثارة الثقافية ، كما حدث في القرن العشرين. انتهت الكوسموبوليتية العالمية. بانتهائها ، لم يعد أحد يميز الفروق بين نقاط الإتصال ونقاط الإشتباك . انتهى الأخير . وهو على غير ما يشي . ذلك أن الإشتباك أحد محركات الإتصال ، بعيداً من التبسيطات الدارجة. امتلكنا عشرات المفكرين سالفاً، المئات ، من أصحاب الأطوال المختلفة . من ماكجيل إلى نايس ، من تورنغ إلى الآن ريان إلى سارتر . لا نملك اليوم سوى فوكوياما المحذر من نهاية التاريخ . أو العودة إلى الإشتراكية . وهانتنغتون المشغوف بصراع الحضارات لا بحوار الحضارات ، كما يجري في فلسطين ، حيث يقع تسجيل الأخطار في أبعادها المللية، بالإنحياز إلى ملة المعتدين . استعمار على استعمار . شيء مخيب . ولكن جمع العمليات يؤدي إلى ما يؤدي إليه جمع العمليات في الأيام هذه . تحويل موجات الضغط من جزء إلى جزء بدون وجه حق. الغرب على درجة جيدة في ذلك . أميركا أولاً . إذن ، كيف ننتج ثقافة تنوع في غياب التنوع في العالم وانحيازه إلى نفسه بعيداً من التحولات الواقعية والحسية .

ما قدم في العام ٢٠٢٣ ، أشياء في الهواء ، مع احترام أصحابها . وهم مناضلون يحاولون التوافق مع الواقع بدون نجاح . لأن الواقع نفسه لا يتوافق مع نفسه . ذلك أنه فقد شروط الحياة بعد أن ركع أو انحنى.أولها الإبتعاد من تلمس التكرار . لأنها لا يقود سوى إلى التحديد لا الإبداع .

لا شيء الآن ، سوى نزق السكون ، بعد صخب الأجنحة وهي تغزل رقص المثقفين والفنانين في سمواتهم البعيدة . كل مسرحية حدث في الستينيات والسبعينيات . خصبت الحرب الأهلية أشكال التعبير في مسارات امتلكت تراتيلها الخاصة . كل مسرحية حدث في زمن الحرب . لأن الجميع سار فوق مياه اللوعة الهوجاء ، بعد أن جرى رصد ما يستحق التحية في تجربة المسرح العالمي . القطاف عظيم ، من بريشت إلى جان فيلار . من بروك إلى جوليان بك وجوديت مالينا في الليفنغ تياتر . من بيكت إلى بيرندللو ويونسكو ومايرخولد وغروتفسكي وماياكوفسكي وشحادة وفاختنكوف وجيرار فليب ودورنمات . عشرات الأسماء من من امتلكوا جهودهم الحسنة في جعل أيام المسرح أياماً سعيدة . تلك سيرة لم تتكرر . تلك سيرة لن تتكرر . بعد أن انفضّت الملائكة عن الفضاء المحلي بعد انفضاضها عن فضاء العالم . الإتصال مثال لا إشارة . لعب الإتصال دوراً حاسماً في تصويب طرق القوافل الشاردة إلى بحيرات ملح المسرح ، حيث استغرقت الأيدي الخشنة والناعمة في وضع الملح في الحمالات المحلية . الأحلام حافز . حتى أن المسرحي ظهر باستعداده الكلي للعمل وفق شروط الثورة البلشفية ، حين تقاضى المسرحيون البلاشفة اكياس حنطة مقابل سرحانهم في مسرح الثورة . ثم ، هناك القوة الإقتصادية والقشعريرة الإجتماعية والولائم السياسية . فقد المجتمع اللبناني كل ذلك . فقد الإتصال حين فقد قواه الإقتصادية . كما فقد حوامل الصراع بين المعسكرين . حرب ضروس بين الإثنين . بينها حرب الأفكار . ذلك أن لا أشكال في غياب الأفكار . لا شيء اليوم سوى العرج في تشابه الأعمال . لا شيء سوى العرج من سيطرة قوى الإقتصاد الجديدة على الفضاء المسرحي . الأن جي أوز . لم يبق سوى من يحكي عن غربته من المسرحيين المؤسسين من روجيه عساف إلى أنطوان ملتقى . ثم ، شكيب خوري . أخذ القسم الأكبر من المؤسسين لهاث الموت الأزرق . ريمون جبارة ومنير أبو دبس وجلال خوري وعاصي ومنصور الرحباني ونبيل الأظن وغيرهم . زياد الرحباني في مداره

حنان الحاج علي وروجيه عساف ، من الحكواتي إلى العروض الراقصة : إذا هوى

البعيد . كركلا يقتص من نفسه في نزيف لا حدود له مع فقدان الوله بالتجديد في صالح مسخ الشكل من خلال التنادم مع النجاحات القديمة . ثلاثي أضواء المسرح ، غدي وأسامة ومروان الرحباني يداومون مع عرافات الغيب . كسحت المونودراما المظهر الثقافي . لن يكتشف الشبان تفاصليهم في عروضهم .عروض تتمطى ليوم أو يومين على منصات المدينة . ثم ، تنقضي بدون أثر ، حتى أثر الحلازين . مسدودة الطرق المؤدية إلى النور . ذلك أن القوافي تتعب في الصدف ، من الصدف . لا شيء سوى الصدف اليوم . لا شيء سوى الإنصات إلى أصوات الممرات البعيدة ، وهي تتشكل على قهوتها البطيئة . لا شيء سوى قصص سلاحف خضراء تقف على جرف قار لايتاخم أصوات الموج البعيد . كلام على الأزمات الزوجية والمهابل والأبديات المجردة . صباح كهذا لا يستحق التحية . مساء كهذا لا يستحق التحية . ما يحدث أن ثمة من يهجم كجندي يائس . ثم ، لا يلبث أن يسقط كغبار بريء . ذلك أن الضالة لن تنوجد في هذا القبر العالمي، من يحنو على نفسه بشن العدوان على نفسه في الفيروسات والحروب الوارفة أو المكتومة . لن ندرك سر الفجوات ، إلا حين يدرك العالم سر فجواته .

(٢)

أبرز الأحداث قوة المهرجانات العربية على الإستمرار . مهرجان الهيئة العربية للمسرح ومهرجان قرطاج ومهرجان المسرح التجريبي في القاهرة ومهرجان الشارقة . آخر المساحات المشتركة في عواصم العرب . إنها تمتد كما يمتد الشفاء بعد مرض أو اكتئاب . مدارات، مزارات ، لا تريد أن يقف المسرح على منعطفات الذكرى . مئوية عاصي الرحباني لن تضيع في شوارع الوقت . فيروز في عزلتها الثمانينية وهي تلتقط أغانيها القديمة كما لو أنها من متاع الله . هذا ما يفعله الجمهور. مئوية سيد درويش . ولكن ، بشكل عام ، الصحن فارغ بعد أن نفذت مكرمات المسرحيين والسينمائيين والقصاصين والروائيين والتشكيليين والشعراء .