عرض كتاب – مسيـرة تـحـرر – مذكرات محمد فايق

تكشف عادة المذكرات التي يكتبها ،المسؤولون السابقون في نظم الحكم المختلفة عن طبيعة تلك النظم وكيف كانت تدور فيها عجلة الحكم،كما تكشف ايضا عن وقائع تحمل في طياتها شرحا مسهبا لأحداث لم نعرف منها الا اطلالات،ومناطق لا تتناولها عادة السطور التاريخيه ذات الطابع الرسمي لتلك النظم

نقرأ ونعرف في شرح وتفصيل كيف تحققت الأنتصارات،وكذلك ماذا جرى وحدث  وراء العثرات .انها كشافات مضيئة لصفحات متعددة دونها جنود مجهولون في صفحات التاريخ الوطنيه،والتي قد نمر   عليها في عجالة،وعلى الأخص اذا كان صاحب هذه  المذكرات من الشخصيات ذات الباع العريض،أو  المساحة الواسعه، في الدور الوطني وكذلك  الأعلامي والثقافي .من هنا تكتسب تلك المذكرات التي    نطرحها الآن لمسؤول سابق اهميتها الخاصة. سبق ان صدر له كتاب (عبدالناصر والثورة الأفريقيه) وقد صدر له مؤخرا كتابا جديدا،قام بنشره(مركز دراسات الوحده العربيه) في بيروت،ويتناول في هذا الكتاب مذكراته،في عدة مراحل،كانت الأولى المرحله الناصريه،والثانيه في مرحلة الرئيس السادات،و  فترة السجن،ثم في مرحلة ثالثه وهي مرحلة  مابعد خروجه من السجن،في فترة الرئيس مبارك .أنه  وزير الأعلام المصري الأسبق في العهد الناصرى ( محمد فائق ) .

 جدير بالذكر ابتداءا ان وزارة الأعلام كانت الموقع الأخير والمعلن الذي يشغله محمد فايق في المرحله الناصريه ،ولكن مسؤولياته قبل ذلك كانت متعدده ،وأكثر من هامه . كان عضوا مؤسسا لجهاز المخابرات العامه في مصر،كما كان مسؤولا بعد ذلك عن المكتب الرئيسي للتعاون مع حركات التحرر الأفريقيه ثم الآسيوية ثم وزيرا للأعلام  ،وفي الحقبة الساداتيه تولى ايضا مسؤولية وزارة الاعلام ،ولكنه قدم استقالته منها،بعد خلاف مع الرئيس السادات  ،فتم اعتقاله مع المجموعة الناصريه التي عرفت اعلاميا بمجموعة ( 15مايو) 1971 .قضى في السجن عشر سنوات متصله أثر محاكمه استثنائيه أمام (محكمة ثورة) يصفها بأنها كانت (مهزلة)،ورفض عرضا من الرئيس انور السادات،ان يفرج عنه مقابل التوقيع على رسالة يلتمس فيها الأفراج عنه، وقال لرجل المخابرات الذي حمل العرض ،لو كتبت لك ما يريد الرئيس السادات ان أكتبه له ، وخرجت من السجن ،فسوف اخرج بعد ان فقدت نفسي ، ولكن اذا امضيت فترة السجن الباقيه وهي خمس سنوات فسوف أخرج ،وانا أحمل معي كبريائي و كرامتى ،وسوف اجد نفسي ، وعلى ذلك أمضي فترة السجن كاملة وهي عشر سنوات . وبعد خروجه من السجن بثلاثة شهور عاود الرئيس السادات اعتقاله من جديد في اطار حملة الأعتقالات الشهيرة في أول سيتمبر 1981 ،ولم يخرج من السجن الا بعد رحيل السادات أثر عملية اغتياله في 6 اكتوبر 1981،حيث تم الأفراج عن المعتقلين وقام  الرئيس الراحل حسني مبارك باستقبال الكثير من القيادات التي تم اعتقالها ،متطلعا الى فتح صفحة جديده مع القوى الوطنيه ،وكان منهم محمد فايق وفتحي رضوان وفؤاد سراج الدين والكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وغيرهم  . خرج من السجن لتعاود حركته دورانها من جديد لآفاق أخرى، في عالم الثقافه وفي دنيا حقوق الأنسان ،وقضاياها الملحه وأبعادها المتشعبه .أنه محمد فائق طاقة متفجرة من العمل ،وجهد يتحرك على الدوام ،وراء بوصله اسمها الخدمة العامة ،وابتسامة دائمه ترتسم على وجهه،مع كل من يلقاه، تفتح الطريق امامهم الى تعاون مثمر وعالم جديد خلاق .

تقديم المذكرات

تولى التقديم لتلك المذكرات أستاذ مرموق في عالم الأبحاث والعلوم السياسية وهو الدكتور أحمد يوسف أحمد،وتقول سطوره في بداية التقديم ( محمد فايق) واحد من القلائل في التاريخ المصري الذي تنوع عطاؤهم مابين الكفاح المسلح وطنيا وافريقيا ،والعمل الاعلامي والدبلوماسي والسياسي في مصر على اعلى مستوى ،والحركة الحقوقيه من اجل حقوق الانسان على الصعد كافة وطنيا وعربيا وافريقيا وعالميا ،وذلك كله دون أن تشوب سيرته شائبة واحده ،فقد عاش حياته مهتديا بمنظومة أخلاقية رفيعه ،لم يحد عنها يوما ،وهو في هذا مطابق في سلوكه للزعيم الراحل جمال

الكتاب الأول وتناول
الكثير من قضايا التحرر الوطني الأفريقي

عبدالناصر الذي اختاره ليكون واحدا من رجاله الأساسيين ،وأوكل له مهمات جسيمه في النضال المسلح والاعلام والدبلوماسية نجح فيها جميعا باقتدار يشهد به التاريخ). ذلك تلخيص شديد التركيز لحياة حافله شديدة الخصوبه والأنجاز،يصفها استاذ تميز بكل الموضوعية في ابحاثه ودراساته.

النشأه والرحله

تتعدد الفصول داخل هذا الكتاب ،ويروي كل فصل الكثير من التفاصيل ،عن الكثير من الأحداث التي عايشناها من حيث وقائعها،وشهودها،واسرارها،وهي تتدرج في مراحلها ،لتعاصر المؤلف من حيث نشأته و  هواياته الى دخوله الكليه الحربيه،ثم تعرفه على الشخصية المحوريه التي تركت تأثيرها في حياته،ثم رشحتها الأقدار لتترك تأثيراتها الأكبر والأوسع في تاريخ مصر والعالم العربي ،بل وتتخطى ذلك كله الى ترك بصماتها على العديد من قضايا العالم بصفتها واحده من ابرز قيادات حركة التحرر العالميه وهو بلا اي القاب (جمال عبدالناصر). يقول عن نشأته أنه ولد في مدينة ( المنصوره) التي عرفت بأنها (كوزموبوليتان) أي متنوعة الثقافة والحضاره،ولا تختلف عن الأسكندريه كثيرا مع فارق تعداد الجاليات الأجنبيه فيها لكونها مدينة صغيره تجمع بين الريف والحضر،وكانت اهم هذه الجاليات الجاليتان اليونانيه والايطاليه ،وكانت لهما نواديهما المفتوحه ايضا للمصريين .عن علاقته بجمال عبدالناصر يقول عام 1951 كنت طالبا في مدرسة الشؤون الاداريه العسكريه ،ادرس فيها من أجل التأهل للترقيه الى رتبة (اليوزباشي) اي (النقيب) ،وكان عبدالناصر مدرسا لعلم التحركات العسكريه ،وتعددت اللقاءات والمناقشات وتناولت الاوضاع العامه متحررة من القيود التي تفرضها قاعات المحاضرات ،وتوثقت واستمرت بلا اي انقطاع . يقول في مقدمة كتابه ( رغم المناصب الكثيرة التي شغلتها وتوليت فيها حقائب وزاريه ،وما اسند لي من مهام أو التي كلفت بها من الأمم المتحدة كأمين عام مساعد لهذه المنظمة الأمميه ،أو في الأتحاد الأفريقي مفوضا لحقوق الأنسان الا أن أكثر ما اعتز به في حياتي العمليه موضوعان :أولهما أن أسند الى منذ بداية الثورة ملف ( أفريقيا) واندمجت اندماجا كاملا في حركات التحرير الأفريقيه ومع زعمائها ،حتى أصبح تحرير أفريقيا واستقلال جميع دولها بمثابة الرسالة والحلم الذي كنت أعيش من أجله ،وبطبيعة الحال كانت هذه رسالة الدولة الرسميه ،وقد أطلقت يدي للعمل في هذا المجال بحرية وثقة وتشجيع من الرئيس جمال عبدالناصر الذي قاد المسيرة ودعم كامل من الدوله.الموضوع الثاني الذي اعتز به وشغل تفكيري وحياتي بعد خروجي من سجن دام وجودي به عشر سنوات هو قضية حقوق الانسان وحلمي ان اصنع لبلدي مستقبلا بوجه أكثر انسانية ،يتخذ من حقوق الانسان طريقا لتحقيق نظام ديمقراطي سليم .

المذكرات وقضاياها المتعددة

تتناول المذكرات فصولا متعددة منها التطورات التي حدثت في السودان بعد المفاوضات مع الانجليز والاتفاق على اعطاء السودان حق تقرير المصير،سواء الوحده مع مصرأوالاستقلال.الى العلاقه مع اثيوبيا،وانشاء منظمة الوحده الأفريقيه،وجعل اثيوبيا مقرا لها،الى تكليفه بالتعاون مع حركات التحرير الأفريقيه ،ثم اضيفت لها الآسيويه ،الى دوره في حرب عام 1956 والعدوان الثلاثي وتنظيم حركة الدفاع الشعبي،ودخوله الى مدينة (بورسعيد) في ثياب تنكريه،وهي تتعرض للقذف مع مجموعة من الضباط اللذين تعاونوا في تنظيم المقاومة الشعبيه،وتجهيزها بالسلاح،

مع عبدالناصر ووفد افريقي

ومقاومة العدوان الثلاثي ،الى مقابلاته مع ارنستو جيفارا في كوبا وعلاقاته مع الثورة الجزائريه خصوصا مع هواري بومدين ،الى تفويض عبدالناصر له بسلطات رئيس الجمهوريه لمساعدة نيجيريا في مواجهة أزمة (بيافرا) ،في ضوء ان ( القاهره) اصبحت قاعدة التحرر في افريقيا .

العلاقه الكارثيه

عبدالناصر وعبدالحكيم عامر

يقوم محمد فائق بالقاء الضوء على تلك العلاقه التي قامت بين عبدالناصر وعبدالحكيم عامر، ،والصداقه الوطيده التي قامت بينهما ويصفها ،بالكارثية سببت لكل منهما الكثير من المصاعب والآلام ،وانعكس تأثيرها الكارثي على حرب 1967 على نحو كبير. فهو اول من بدأ معه تنظيم الضباط الاحرار،و يعدد الكاتب المراحل التاريخيه التي مرت بها مصر،والتي برزت من خلال دورانها عدم كفاءة عبدالحكيم عامر، في القيادة ،ولكنها في نفس الوقت جذرت مكانته لدي القيادات العسكريه  المحيطه به والتي قربها منه،وحاول عبدالناصر تصحيح تلك الاوضاع 1962،ولكن عامر اعترض ،وامتد اعتراضه الى معاونيه،حتى بدت حاله من التذمر .هنا ادرك عبدالناصر خطورة الموقف حيث ظهرت قدرة عبدالحكيم على تحريك الجيش وولاء القيادات العسكريه له شخصيا ،ولذلك كان الخيار امام عبدالناصر، اما التراجع عن القرارات التصحيحيه ،وأما الاحتمالات الكبيرة في الدخول الى صراع مسلح، وقد تراجع عبدالناصر،وقتها لتجنب البلاد صراعا يمكن ان يتحول الى انقلاب ،واّملا في ان يتمكن من معالجة الموقف على نحو اّخر ، وقد بقي عبدالناصر بعد احداث عام 1967 يعاني عقدة الذنب في انه لم يحسم الموقف في حينها بعدما رفض عبدالحكيم عامر قرار مجلس الرئاسة في عام 1961 واعلن في 3 اغسطس عام 1967 انه اخطأ عندما ترك الاشراف على الجيش بعد عام 1961 اي بعد حصول الانفصال السورى وما ظهر من قصور بين في المهارات القياديه .

علاقة محمد فائق بالرئيس مبارك

جمعت زمالة دراسيه بين محمد فايق وحسني مبارك ،في السنه الاعدادية من الكليه الحربيه ،وقبيل التوزيع في الدراسه حيث التحق مبارك بالطيران ،واستمرت اللقاءات في المناسبات العامه ،وبعد طخروج محمد فائق من السجن استقبله الرئيس حسني مبارك ،وبدأ قدر من التعاون ،كانت أكثر ملامحه هو استعانة الرئيس به في عودة العلاقات العربيه مع مصر بعد القطيعه التي تمت وتجميد عضوية مصر في الجامعه العربيه أثر توقيع

احدي ندوات حقوق الانسان

الرئيس السادات لأتفاقيات ( كامب ديفيد) عام 1979 .قام محمد فائق بواجبه وابتدأ بزيارة سوريا والجزائر ،واستمرت محاولاته ، وبالفعل عادت مصر الى موقعها ،وعادت الجامعة العربيه من تونس الى القاهره . كانت الخمس سنوات الأولى من حكم مبارك عنوانا للتقارب والتفاهم بينهما .قال له مبارك في تصريح خاص ( أنا ناصري يامحمد ولكنى لا استطيع الاعلان عن ذلك) كما قال له عن ثورة التصحيح التي قام بها الرئيس انور السادت ( أنا أعلم الحقيقه ،ولذلك لن نحتفل بها بعد الأن) ،وبالفعل اندثر الاحتفال بها ،أو حتى ذكرها أو الأشاره الأعلامية لها تماما .

محمد فائق ..

بين الثقافة والنشر،وحقوق الانسان

كانت رغبته في اقتحام عالم الثقافة والنشر، بعد خروجه من السجن الأول ،سببا في دخوله السجن من جديد ،فقد ذكر أحد الشهود المقربين من الرئيس السادات ،انه بعد ان علم برغبة محمد فايق بفتح دار نشر،انه قال (هو عايز يدخل عالم النشر،علشان يصدر كتب ويشتمنى )، ولذلك وضعه في قوائم الذين تم اعتقالهم في حملة الاعتقالات الشهيرة ،في حين ان دار النشر التي أنشأها لاحقا ،كانت نموذجا فريدا في العفة عن دخول عالم ( تصفية الحسابات) والتزم فيها بالخط الذي التزمه طوال مراحل عمله وهو الخط الناصري الواضح الذي يلتزم بالعدل الاجتماعي وقضايا الأمة العربيه وتعزيز عوامل التضامن العربي الى اّفاقه الممتده والعريضه . كانت الدار غزيرة في عطائها ،شامخه في انتاجها. من الأعمال الكبيرة التي اصدرتها (دار المستقبل العربي) اعداد موسوعة القرن العشرين لرصد المتغيرات

التي حدثت على النظام الدولي والعلاقات الدوليه ،ورصد الحروب التي حدثت في العالم ،ثم ماحدث للنظام العربي والصراع العربي الاسرائيلي في ستة أجزاء وصدرت  عام 2000. كما اصدرت دار المستقبل مجلتين دوريتين واحده باسم (أوراق عربيه) وأخرى باسم (أوراق افريقيه) كان لهما دورا وتاريخا . كانت القضية الأخرى التي وهبها كل جهده،ولم يدخر فيها وسعا هي (قضية حقوق الأنسان) بمعناها الشامل،وهو في هذه المسيرة التي خطها بايجاز،يقدم طرحا للفكرة،واحتفاء بها،وابحارا في تفاصيلها لأيمانه الشديد بها، ومن خلال سرده للفصول التي تعرض فيها لفكرة البناء والتكوين  ،يشيد بالراحل الكبير(الدكتور خير الدين حسيب) رئيس مركز دراسات الوحده العربيه في ذلك الحين ودوره في تبني الفكره بعدان طرحت من عدد من المفكرين العرب في اجتماع عقد في تونس، ودعوا فيه الى مؤتمر تأسيسي لأنشاء (منظمة عربيه لحقوق الانسان )قرر(الدكتور خير الدين )عقد ندوة المركز عن ازمة الديموقراطيه في الوطن العربي ،و حين تعذر عقدها في اي دولة عربيه ، عمل على  عقدها في ( ليماسول) في قبرص وتم عقد الندوة والمؤتمر هناك . قرر المؤتمر ان يكون مقر المنظمة في القاهرة ،وتطوعت الدكتوره ( سعاد الصباح ) بشراء المقر ( حضر المؤتمر نخبه من معظم الدول العربيه من مفكرين ورجال قانون وسياسة قدامي وصحفيون واختيرت لجنه تنفيذيه على رأسها فتحي رضوان ،ومن اعضائها كان محمد فائق لتبدأ رحلته مع هذه المنظمه التي  نمت وتطورت ،واصبح  محمد فائق على رأسها،مع عضوية تميزت بغناها الفكري والحركي .تم التأكيد على استقلالية المنظمة ،ومن اجل نشر مبادئ حقوق الانسان عملت المتظمة على انشاء( المعهد العربي لحقوق الانسان).ثم استطاعت المنظمة ان تنتشر بفروعها او منظماتها في معظم الدول العربيه.عام 2003 صدر في مصر قانون انشاء المجلس القومي لحقوق الانسان بقرار من مجلس الشوري واختير محمد فائق لعضويته وكان الرئيس الدكتور بطرس غالي الامين الأسبق للأمم المتحده رئيسا له ، وفي عام 2013 اصبح محمد فائق رئيسا للمجلس القومي لحقوق الانسان . يصبح السؤال في النهاية مشروعا وهو ماذا حققت تلك المجالس . يفرد صاحب المذكرات عددا كبيرا من الصفحات للدور الذي اصبحت لجان حقوق الانسان تمارسه في مجتمعاتها،مع انتشارها ليس على المستوى المحلي ولكن في قارات اخرى ،ويشير انها ايضا خاضت معاركا،ولكن ذلك لم يثنها ولم يضعفها ،أملا في تحقيق مكاسب أكبر حين تنتشر ثقافة حقوق الانسان في كل المجتمعات . انها حياة زاخره ،ومفعمه بالأنتصارات والانكسارت ،ولكن مع الأمل والكفاح من اجل سعادة الأنسان تهون كل التضحيات .الكتاب يقع في 350 صفحة وقد نال الكثير من الاهتمام من اصحاب الفكر والرأي ،فهو على الأقل يحمل مذكراتا لرجل كانت حياته ذاتها عنوانا.