مشروع لتحالف عسكري ضد إيران بين ثماني دول عربية

الناتو العربي: مشروع مستحيل آخر

محمد قواص *

لم ينجح العرب في عز مواسم الوحدة العربية في عقود القن الماضي أن يتفقوا على صيغة للتحالف على المستوى العسكري دفاعا عن الأمن العربي المشترك. بقيت المشاريع من هذا النوع جزءً من الأحلام الأيديولوجية التي راجت كأساس للوحدة العربي الشاملة. وعلى الرغم من التقارب الأيديولوجي بين بعض الأنظمة العربية، ومع ذلك لم يصل هذا التقارب إلى حد تنسيق الجهود العسكرية والأمنية بين بعض هذه الدول العربية.

وسيسيل حبر كثير حول تشكيل ما أطلق عليه اسم  »ناتو عربي« دعا إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وعلى الرغم من أن للمشروع أعراضاً جدية سواء في الاجتماع العسكري للدول الأعضاء في الكويت أو في الاجتماع السياسي لوزراء خارجية تلك الدول مع نظيرهم الأميركي مايك بومبيو في نيويورك، فإن في داخل هذا المخلوق وهن يجعل من تحقيق ما أُعلن أمرا لا يمكن حتى الآن تلمس معالمه.

والحلف الاستراتيجي للشرق الأوسط )ميسا( وفق ما أعلن في القمة الأميركية الإسلامية التي عقدت في مايو من العام الماضي، يضم، على ما يؤمل، كلاً من دول مجلس التعاون الخليجي الست إضافة إلى مصر والسعودية. أما أهداف هذا الحلف، وفق ما ينادي به ترامب وفريقه، هو مواجهة إيران وما تشكله من أخطار على دول المنطقة.

على هذا، فإن على العواصم الثمانية أن تنخرط داخل خندق سياسي عسكري واحد ضد إيران وأخطار عرضية أخرى، في وقت لا يبدو أن هذه العواصم مجتمعة في رؤيتها لإيران أو متكاملة في مقاربة العلاقة معها.

قام حلف شمال الأطلسي )ناتو( الشهير عام 1949 وراج شأنه بعد اندلاع الحرب الكورية في الخمسينات، وبات درع الغرب الواحد ضد الاتحاد السوفييتي ومنظومته العسكرية التي شكلها مع الدول التابعة له داخل ما أطلق عليه اسم  »حلف وارسو«. ولئن تآلف عسكر الغرب داخل منظومة دفاع مقابل تآلف عسكر شرق داخل منظومة مقابلة، إلا أن قاسماً مشتركاً سياسيا وأيديولوجيا شكّل اللبنة الحقيقية التي وفرت للمتحالفين لحمة ومبرر وجود.

لا يمتلك  »ناتو« العرب المواصفات الضرورية لقيام تحالف يضع قوى عسكرية عربية في خندق واحد ضد عدو واحد. لم يحصل ذلك حين اجتمعوا على أن إسرائيل عدوا للجميع، فما بالك وهم غير متفقين على الطابع العدواني لنظام الولي الفقيه. ثم ما كان عند الغرب نسيجاً

ترامب في القمة الاسلامية العربية في الرياض، ترامب أطلق فكرة التحالف في الرياض قبل أكثر من عام

أيديولوجيا يكاد يكون  »لاهوتاً« في محاربة الشيوعية وأعراضها في العالم، لا يبدو أن عند العرب متوفر للعمل على مكافحة جماعية للدولة التي سبق أن جاهرت أنها أمبراطورية عاصمتها بغداد وأعلنت دون وجل أنها تحتل أربع عواصم عربية.

شكلت قرقعة التحضير للحلف الموعود مناسبة لتكون قطر حاضرة في الاجتماع العسكري في الكويت كما ذلك السياسي في نيويورك. التقى وزراء خارجية دول المقاطعة تحت سقف  »ناتو العرب« مع وزير خارجية قطر. وعلى الرغم من أن تلك الفلاحة قد تشي بأن وفاقا سيتحقق قريباً ينهي الأزمة مع قطر، إلا أن حقيقة الأمر غير ذلك تماما، على نحو يكشف هشاشة فكرة الحلف وتصدع قوانينه. فقضية المقاطعين لقطر لم تعد خلافاً مع الدوحة، بل، وفق ما أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، هي  »أننا لا نريد أن يكون لنا علاقة بهم«.

على هذا سيكون من السخرية أن توضع القوى العسكرية للدول المختلفة في ما بينها داخل حلف من أجل رد العدوانية الإيرانية. وإذا كان في الأمر موانع بنيوية في أبجدية بناء التحالفات، فإن موقف الدوحة من طهران يختلف عن مواقف دول خليجية، لا بل أن خطاب قطر الراهن يعتبر إيران دولة صديقة، فيما تكشف وقائع الأشهر الأخيرة أن قطر وإيران باتا في حالة تشبه التحالف منذ إعلان السعودية ومصر والامارات والبحرين مقاطعتها للدوحة.

لن يكون مشروع  »ناتو العرب« مقدمة لإنهاء الأزمة مع قطر، أو على الأقل لم تتصاحب إرهاصات هذا التحالف مع أي أعراض من واشنطن والدوحة والعواصم المقاطعة تشي بأن هناك خارطة طريق لتحقيق وفاق ما. وعلى هذا تبدو الولايات المتحدة عاجزة عن توفير أرضية لإنهاء الأزمة، كما أنها غير قادرة على الدفع بتجاوزها بصفتها تفصيلا لا يمنع تشكيل التحالف العسكري الموعود. وعلى هذا أيضا يحمل مشروع التحالف في حواشيه ألغاماً قابلة للانفجار في أي وقت لإجهاضه على نحو يدفع الأطراف المعنية، بما في ذلك إيران للمفارقة، إلى عدم أخذ الأمر على محمل الجد.

تبدو عواصم  »التحالف« تنخرط في تمرين تجريبي له طباع إعلامية لا علاقة لها بأصول إنشاء التحالفات. بقيت دعوات الرياض لإقامة تحالف إسلامي أو دعوات مصر لإقامة قوة عسكرية عربية مشتركة جعجعة دون طحن، ذلك أن ما بين الدول المدعوة من التناقضات وتباين الأجندات واختلاف المصالح وتعدد الأمزجة ما يجعل من أمر انخراطها في جسم عسكري واحد أمراً مستحيلاً.

تبتعد مصر عن الانخراط العسكري الخارجي بحذر وقاربت الحرب في اليمن وفق هذا الحذر. ثم أن الرؤية المصرية لإيران تختلف عن رؤية حلفاء لها في هذا الصدد. والأمر نفسه ينطبق على الأردن الذي لا يبدو أنه متحمس للانخراط في تحالف عسكري فضفاض الوجهة والواجهة والوجاهة.

غير أن الحرارة المستجدة التي دبت في جسد هذا المشروع تنهل حيويتها من خطط إدارة ترامب في الضغط على إيران، لكنها في الوقت عينه تشي بأعراض استقالة خجولة تلمح بها واشنطن لدول المنطقة.

يعود ترامب للحديث عن رفضه تحمل أعباء توفير الأمن الاستراتيجي لدول المنطقة داعيا إياها إلى تحمل ذلك ذاتيا، ومن خلال التحالف والتآلف وتأمين درع محلي يقي المنطقة مما يهددها. يبدو المشروع الأميركي ورشة لتصدير أسلحة أميركية جديدة ترفد الحلف بعوامل الردع،

الانقسام الخليج قد يعيق تشكيل تحالف عسكري واسع

وتنشّط في الوقت عينه قطاع صناعة الأسلحة في الولايات المتحدة، كما أنها تمرين سطحي لوضع حلفاء واشنطن في المنطقة في سلة واحدة تحت عنوان  »أحبوا بعضكم يا أصدقائي«.

لم ير وزير الخارجية الأردني من اجتماع وزراء خارجية  »ناتو العرب« ووزير الخارجية الأميركي إلا مجرد أفكار. فيما لم يصدر عن الحاضرين إلا مواقف رتيبة خجولة فيها كثير من الدبلوماسية ومن المسايرة للحليف الكبير الذي يشن حملته الشهيرة ضد إيران. غير أن قرار واشنطن سحب بعض منظومات الردع التابعة للباترويت من بعض دول المنطقة تحت مسوغ إعادة التموضع ضد أخطار طارئة مصدرها روسيا والصين،وضع مشروع تحالف الشرق الأوسط في إطار آخر جديد فيه تهديد مبطن لأهل المنطقة بتراجع أولويات المنطقة داخل الأجندة الأميركية على ما كانت إدارة باراك أوباما تلمّح في السابق.

أمام الرئيس الأميركي انتخابات نصفية في نوفمبر يجوز من أجلها إطلاق المواقف وتسريع المبادرات والترويج لتحولات كبرى. والواضح أن عواصم العالم كما عواصم المنطقة تتأمل وتراقب الاستحقاق الانتخابي الأميركي، فتصغي وتستمع لضجيج واشنطن فلا تعارضه ولا تعانده، ذلك أن إعلان الأحلاف غير قيامها وأن الضجيج في المطابخ لا يعني أن أطباقا شهية ستخرج من الأفران.

ومع ذلك يرى بعض المتفائلين أن الاجتماع السياسي الذي ضم وزراء خارجية الدول الثماني برعاية وزير الخارجية الأميركي، كما اجتماع قيادات أركان جيوش هذه الدول برعاية أميركية قد يشكلان لبنة حقيقية لتنسيق قد يتطور إلى حلف عسكري تقني يعمل بمعزل عن التوافق السياسي. ويقولون في ذلك أن مؤسسات حلف شمال الأطلسي تعمل بغض النظر عن الخلافات التي لطالما اندلعت بين الدول المتحالفة خلال العقود الأخيرة، وأن انتقادات ترامب لحلف الناتو لا يؤثر على عمل الحلف ومهامه. وعلى أية حال المستقبل وحده كفيل بالإفراج عن مصير  »ناتو العرب« وآفاقه.

على العواصم الثمانية المرشحة للانخراط داخل الناتو العربي أن تكون داخل خندق سياسي عسكري واحد ضد إيران وأخطار عرضية أخرى، في وقت لا يبدو أن هذه العواصم مجتمعة في رؤيتها لإيران أو متكاملة في مقاربة العلاقة معها.

سيكون من السخرية أن توضع القوى العسكرية للدول المختلفة في ما بينها داخل حلف من أجل رد العدوانية الإيرانية. وإذا كان في الأمر موانع بنيوية في أبجدية بناء التحالفات، فإن موقف الدوحة من طهران يختلف عن مواقف دول خليجية، لا بل أن خطاب قطر الراهن يعتبر إيران دولة صديقة، فيما تكشف وقائع الأشهر الأخيرة أن قطر وإيران باتا في حالة تشبه التحالف منذ إعلان السعودية ومصر والامارات والبحرين مقاطعتها للدوحة.

موقف مصر من حرب اليمن اختلف عن موقف التحالف العربي بقيادة الرياض

تبدو عواصم  »التحالف« تنخرط في تمرين تجريبي له طباع إعلامية لا علاقة لها بأصول إنشاء التحالفات. بقيت دعوات الرياض لإقامة تحالف إسلامي أو دعوات مصر لإقامة قوة عسكرية عربية مشتركة جعجعة دون طحن، ذلك أن ما بين الدول المدعوة من التناقضات وتباين الأجندات واختلاف المصالح وتعدد الأمزجة ما يجعل من أمر انخراطها في جسم عسكري واحد أمراً مستحيلاً.  تبتعد مصر عن الانخراط العسكري الخارجي بحذر وقاربت الحرب في اليمن وفق هذا الحذر. ثم أن الرؤية المصرية لإيران تختلف عن رؤية حلفاء لها في هذا الصدد. والأمر نفسه ينطبق على الأردن الذي لا يبدو أنه متحمس للانخراط في تحالف عسكري فضفاض الوجهة والواجهة والوجاهة.

فكرة  »ناتو العرب«

منذ فترة وبهدوء تعمل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على إنشاء تحالف أمني من ست دول خليجية إضافة لمصر والأردن، ويعرف هذا التحالف بشكل غير رسمي باسم  »الناتو العربي«، كما يحمل أيضا أسماء مثل  »ميسا« و »تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي«.

والدول الخليجية الست هي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين.

وفي هذا الإطار، يقول نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الخليج العربي، تيم لاندركينغ، إن الإدارة الأمريكية تخطط لعقد قمة في يناير/كانون الثاني المقبل لتدشين الحلف الجديد.

كما يقول لاندركينغ في مقابلة مع صحيفة  »ذا ناشونال« الإماراتية إن التحالف الجديد سيضم تسع دول عربية على رأسها دول التعاون الخليجي، بالإضافة لمصر والأردن والولايات المتحدة.

وتشير الصحيفة إلى أن الحلف الجديد سيكون بمثابة نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي  »الناتو ».

وأضافت أن المسؤول الأمريكي مكث في المنطقة طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية، خصيصا للتحضير لتلك القمة.

وقال متحدث أمريكي إن الهدف من هذا التحالف هو  »التصدي للعدوان الإيراني والإرهاب والتطرف وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.«

وزاد التوتر مع إيران منذ أن أعلن ترامب في مايو/ أيار الماضي انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع في 2015 للحد من الطموحات النووية لطهران.

بدايات الربيع

ويرجع تاريخ فكرة هذا التحالف إلى بدايات الربيع العربي عام 2011، وأعيد التفكير فيه مجددا عام 2015 ولكن إدارة أوباما السابقة كانت مشغولة بالانسحاب الاستراتيجي التدريجي من المنطقة.

وطرحت الفكرة مجددا في العام الماضي قبل زيارة ترامب للسعودية حيث تم الإعلان عن صفقات أسلحة ضخمة.

 »ناتو العرب«: فشل أم نجاح

يعتقد بعض المحللين أن ميسا )او ناتو العرب( سيظل مجرد فكرة لن يأتي وقتها أبدا. وقال يزيد صايغ كبير الباحثين بمركز كارنيغي لدراسات الشرق الأوسط لموقع ديفينس نيوز:  »إن فكرة الناتو العربي غير مقنعة فهي ببساطة لن تحدث«.

هل  »ناتو العرب« هو مقدمة لحرب ضد إيران؟

وأضاف قائلا: لم تمر 4 سنوات منذ إعلان السعودية عن تحالف إسلامي كبير لمكافحة الإرهاب والذي لم يسفر عن شيء، كما أن مجلس التعاون الخليجي فشل في الاتفاق في الجانب الدفاعي بل وفشلت السعودية والإمارات في شن حرب منسقة في اليمن لذلك لا يوجد مؤشر على إمكانية تنظيم حلف كالناتو العربي«.

ولكن للعقيد المتقاعد في الجيش الكويتي ظفار العجمي رأي مختلف حيث يرى أن مثل هذا الحلف يمكن أن يجمع دول الخليج أكثر من أي وقت مضى.

وقال لموقع ديفينس نيوز:  »إن البنية العسكرية في أنحاء العالم أثبتت قدرتها على عبور كل الحدود السياسية، وبريطانيا مثال على ذلك إذ تخلت عن ارتباطها السياسي والاقتصادي بأوروبا ولكنها مستمرة في الناتو، وفي الربيع الماضي حضر ضباط قطريون مناورات في السعودية فكل ذلك يثبت أن التعاون العسكري الحقيقي هو الطريق لنجاح ناتو عربي«.

ومن بين العقبات الكبيرة المحتملة أمام التحالف المزمع تلك المقاطعة المستمرة من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، إذ تتهم تلك الدول قطر بدعم الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة.

كما أن الرؤية الأمريكية للحلف تشمل عمان، وقد ذكرت مصادر عسكرية في مجلس التعاون الخليجي لديفينس نيوز أنه  »من المستبعد أن تقبل عمان التخلي عن دورها الحيادي نحو إيران خاصة أنها رفضت بالفعل المشاركة في حلف عربي لدعم الشرعية في اليمن«.

بعد تغريدة ضاحي خلفان: هل هناك  »حرب جاسوسية« بين قطر والإمارات؟

وأضافت المصادر قائلة إنه في الوقت الذي تعد فيه السعودية والإمارات طهران عدوا فإن الكويت وعمان استمتعتا تاريخيا بعلاقات سلام وتعاون وثيق مع إيران.

وقالت:  »نظرا لاختلاف أولويات دول الخليج وعدم اتفاقها على من هو العدو ومصادر التهديد، فإن فرص هذا الحلف محدودة للغاية«.

ولكن في ظل مواصلة ترامب تطبيق سياسة أمريكا أولا يتطلع البيت الأبيض للتخلص من جزء من عبء مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية وإلقائها على عاتق حلفاء الولايات المتحدة في أنحاء العالم.

وقال مصدر مطلع إن إقامة درع دفاع صاروخية في المنطقة سيكون من بين أهداف التحالف إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول.

يذكر أن الولايات المتحدة ودول خليجية ناقشت لسنوات أمر الدرع الدفاعية دون الخروج بنتائج.

 »ناتو عربي«: هل من حرب قادمة ضد إيران؟

قال مسؤولون أمريكيون وعرب إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تمضي قدماً خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة. ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن أربعة مصادر أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي والتدريب العسكري ومكافحة الإرهاب وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.

والخطة التي ترمي إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي، أو  »ناتو عربي« للحلفاء المسلمين السنة، من شأنها على الأرجح أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة والقوة الشيعية إيران.

إيران تعتبر أن الناتو العربي هدفه عدواني من قبل واشنطن

وقالت عدة مصادر إن إدارة ترامب تأمل أن تتم مناقشة ذلك التحالف، الذي أُطلق عليه مؤقتاً اسم  »تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي«، خلال قمة قد تعقد قريبا. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض:  »تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي سيشكل حصناً في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط«.

وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز:  »الأمريكيون وحلفاؤهم الإقليميون يأججون التوتر في المنطقة بذريعة تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط«.

ورغم الحديث عن  »ناتو عربي«، فإن  »الولايات المتحدة لم تتبن سياسة لتغيير النظام في إيران أو دفعه للانهيار«، حسبما صرح وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس في يوليو تموذ الماضي. وأضاف ماتيس:  »الهدف لا يزال تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط. نريدهم أن يغيروا سلوكهم فيما يخص عدداً من التهديدات التي يمكن أن يشكلها جيشهم ومخابراتهم ومن ينوبون عنهم ووكلاؤهم«.

ومنذ قرار ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والقوى العالمية، تتعرض المؤسسة الدينية في إيران لضغوط أمريكية مستمرة. وذكر تقرير إعلامي أسترالي أن عملاً عسكرياً ضد إيران بات وشيكاً، إذ ذكر أن مسؤولين أستراليين يعتقدون أن واشنطن مستعدة لقصف منشآت نووية في إيران في وقت قريب قد يكون بحلول الشهر المقبل.

ورفض ماتيس ذلك التقرير ووصفه بأنه  »من نسج الخيال«. وقال للصحفيين:  »أنا واثق أنه ليس أمراً محل بحث في الوقت الراهن«.

شكوك ناتو العرب

قالت صحيفة  »واشنطن تايمز« إن فكرة إنشاء  »حلف ناتو عربي«، التي طرحتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن تنجح لأسباب كثيرة، مؤكدة أن الحلف الذي تعتزم واشنطن إنشاءه لمواجهة إيران سيضم دول الخليج والأردن ومصر.

وأوضحت الصحيفة أن  »نجاح إقامة مثل هذا الحلف سيكون بمثابة نجاح كبير لإدارة ترامب؛ لكونه يضم مثل هذه الدول، بما سيحقق توازناً عسكرياً لمواجهة إيران، في واحدة من أكثر المناطق غير المستقرة في العالم«.

وترى واشنطن أن إنشاء  »ناتو عربي« يمكن أن يكون بمثابة حصن ضد التدخل الإيراني في المنطقة، وأنه على الرغم من الخلاف الخليجي، فإن التنسيق لا يبدو مستحيلاً، خاصة أن الحلف سيسهم في جلب الاستقرار للشرق الأوسط.

وذكرت الصحيفة أن التحالف المزمع  »سيساعد على تقليل الأعباء المالية التي تتحملها الولايات المتحدة في المنطقة، وأيضاً بناء شريك موثوق به في الشرق الأوسط«.

وتشرح الصحيفة الصعوبات التي تواجه مثل هذا الحلف:  »الخلافات الداخلية بين الدول المعنية، فالسعودية والإمارات والبحرين ومعهم مصر، قطعت العلاقات مع قطر«.

وتابعت:  »فمنذ يونيو من عام 2017، دخلت دول المنظومة الخليجية أزمة دبلوماسية أثرت سلباً على التعاون الأمني والدفاعي بين تلك الدول«.

ويرى محللون أن السبب الذي دفع البيت الأبيض للتفكير في إنشاء الحلف يعود إلى اهتزاز الثقة بحلف شمال الأطلسي )الناتو( في أوروبا، وخاصة بعد أن أعلنت إدارة ترامب أن دوله  »فشلت في الإيفاء بتعهداتها لرفع ميزانيات الدفاع«.

معضلات ناتو العرب

قالت مراجع أميركية إن فكرة ناتو العرب  »ولّدت شكوكاً كبيرة حيال إمكانية تحقيقها؛ وذلك بسبب تعثر الجهود الكبيرة التي بُذلت من أجل توحيد الصف العربي، وأيضاً جدول الأعمال السياسية لمثل هذا المشروع والتي تعثرت كثيراً«.

ويقول دوغ باندو، المساعد الخاص للرئيس الأسبق رونالد ريغان، إن إنشاء تحالف مثل  »الأطلسي« في منطقة الشرق الأوسط  »معيب بطبيعته«، مشيراً في ذلك إلى أحلاف قديمة سابقة، ومنها  »حلف بغداد« الذي لم يستمر طويلاً.

كيف تكون قطر مع المقاطعين لها داخل حلف عسكري واحد؟

وتابع باندو:  »الحلف يفترض أن يكون مواجهاً لمشاريع إيران وما تشكله من تهديد للمنطقة والغرب، والحقيقة أن هناك مبالغة في هذا الخطر، كما أن المشاكل الحقيقية في المنطقة مشاكل داخلية«.

واعتبرت المصادر أن  »إسرائيل، التي تعتبر عدوة لإيران ولها مصلحة في تشكيل مثل هذا التحالف، ستكون معضلة، فإلى الآن ما زالت تعتبر المعيق الأول لتحقيق السلام في المنطقة من وجهة نظر العديد من الدول العربية«.

بل إن بعض الدول  »ما زالت ترى في إسرائيل الخطر الأكبر الذي يهدد الأمن والاستقرار العربي، وطالما لم تتوصل إلى حل سلمي وشامل للصراع، فلن يكون هناك استقرار«.

وتعيد الصحيفة التذكير بزيارة ترامب إلى السعودية في مايو/أيار 2017، والتي كانت تهدف إلى تحسين العلاقات مع الرياض التي شابتها فترة ركود أيام الرئيس السابق باراك أوباما.

في تلك الزيارة، تعهد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بإنشاء تحالف من 40 دولة تضم ماليزيا وتركيا ومصر وباكستان لتوفير أكثر من 34 ألف مقاتل لدعم العمليات العسكرية، ضد تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا.

وتقول الواشنطن بوست:  »مشكلة أخرى قد تواجه الحلف، تتمثل بأن دول مجلس التعاون الخليجي لديها علاقات مختلفة مع إيران، ففي الوقت الذي اتخذت السعودية والإمارات موقفاً متشدداً تجاه طهران، فإن الكويت تريد علاقات أفضل«.

* صحافي وكاتب سياسي لبناني

العدد 87 – تشرين الثاني 2018