هوكشتاين وعبد اللهيان في بيروت:  تباين الاسباب والاهداف

  تزاحمت التطورات السياسية في لبنان خلال شهري آب وايلول الماضيين، وشهدت البلاد حركة سياسية غير مسبوقة لجهة الموفدين الذين زاروا بيروت، من كبير مفاوضي الطاقة في الادارة الاميركية آموس هوكشتاين، الى وزيرخارجية ايران حسين أمير عبد اللهيان، في جولات فرضتها تطورات بالغة الاهمية، أبرزها بالنسبة للأميركيين بدء شركة “توتال” الفرنسية اعمال الحفر والتنقيب عن النفط والغاز في الرقعة رقم 9 من المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة للبنان والمفترض ان تنتهي خلال ثلاثة اشهر، وفتح تلزيم الرقعة رقم 8، وكلاهما تقعان عند الحدود الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة. وبالنسبة لإيران الاحتفاظ بموطىء قدم في لبنان.

هوكشتاين و عبد اللهيان بيروت

عبد اللهيان ووحدة الساحات

   واذا كانت زيارتا هوكشتاين وعبد اللهيان الى بيروت قد حصلتا في الوقت ذاته، والتقيا تباعا رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، فإن زيارة الوزير الايراني توسعت لتشمل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية، في رسالة غير مباشرة للخارج وللغرب تحديداً، مفادها “ان ايران على موقفها بدعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين ضد الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة الاميركية على المنطقة”، وهوما عبرت عنه تصريحات عبد اللهيان خلال الزيارة. عدا تأكيده اكثرمن مرة استعداد بلاده لمساعدة لبنان لبناء معامل توليد الكهرباء بقوة الفي ميغا واط “اذا وافقت الحكومة اللبنانية”، لكنه لاحظ ان هذه الحكومة تخشى المعارضة الاميركية وما يمكن ان تفرضه على لبنان في حال التعاون مع ايران.

اختلفت الاسباب والاهداف وتباعدت بين الرجلين، فالأميركي جاء لتثبيت الهدؤ في الحدود الجنوبية بحراً وبرّاً، والايراني جاء “لشحذ همة مقاومة الاحتلال والهيمنة الاميركية على المنطقة وتجلى ذلك في مقولة “وحدة ساحات المقاومة” ولقاء السيد نصر الله بعد زيارة الوزير الإيراني بيوم واحد، بمسؤولي “حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين” وحركة “حماس”، وكذلك شرح عبداللهيان طبيعة التقارب بين ايران وبين السعودية والنتائج المرتقبة لها وتأثيراتها على المنطقة ومنها لبنان.

هوكشتاين من البحر إلى البرّ

اما حركة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين، فقد تركزت على موضوعين اساسيين: تثبيت الهدؤد عند الحدود الجنوبية بالتزامن مع بدء الحفروالتنقيب عن النفط والغاز في البحر، وهي حركة تزامنت مع حالة من التوتر في البر، نتيجة “الاستفزازات” المتبادلة بين جيش الاحتلال الاسرائيلي وعناصر حزب الله، والتي سبقت مفاوضات شاقة قام بها لبنان في الامم المتحدة مع اعضاء مجلس الامن الدولي اواخرشهرآب خلال مناقشة صيغة التجديد لقوات اليونيفيل الدولية العاملة في الجنوب، انتهت بتدخل فرنسا لتعديل النص، بحيث وازَنَ في نهاية المفاوضات بين مطلب لبنان وبين مطلب اميركا واسرائيل وبريطانيا وألمانيا ودول اخرى بينها الامارات العربية، بإعطاء الحرية لحركة اليونيفيل لكن بالتنسيق مع الحكومة والجيش في لبنان.

ومن البحر الى البر، أفاد هوكشتاين أنّه، وبعد نجاح الوساطة التي قام بها لإنجاز الحدود البحرية، هو في صدد تقييم مدى إستعداد الأطراف المعنية لإطلاق مسار ترسيم الحدود البرية في النقاط المختلف عليها، والتي يعتبرها لبنان محتلة من قبل اسرائيل. كما ودراسة جدوى إجراء هذه الوساطة في الوقت الراهن، توصّلاً لحلّ النقاط الخلافية الحدودية المتبقية في الجنوب. لكنه لم يقدم معلومات تفصيلية عن مسعاه. لكن الموقف اللبناني الرسمي والسياسي والشعبي كان حاسماً لجهة ان الحدود لا تحتاج الى ترسيم بل الى تحديد وتثبيت من الناقورة الى اطراف جبل الشيخ. وهذا ما جرى ابلاغه الى الموفد الاميركي.

 وحسب المعلومات، تركزت محادثات هوكشتاين ايضاً مع الذين التقاهم على الاستحقاق الرئاسي. على أن يزور فلسطين المحتلّة لطرح موضوع التفاوض حول الحدود البرّية. فضلاً عن هدف ثانٍ هو المساعدة في ملف استجرار الغاز المصري، مشيراً الى أنّ الإدارة الأميركية ستُعطي جوابها على هذا الموضوع للبنك الدولي بشأن قرض الغاز المصري للبنان.

واوضحت مصادر الرئيس نبيه بري لـ “الحصاد” ان هوكشتاين لم ولن يُقدِم على اي خطوة حول الحدود البرية، قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة العهد الاولى. لذلك، نقل هوكشتاين رسالة اميركية تدعو الأطراف اللبنانية الى التسريع في حسم الملف اللبناني وانتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، مشدّداً “على ان يقوم المجلس النيابي بدوره في هذا المجال، بما يعيد انتظام الحياة السياسية في لبنان، ويمكّنه من اتخاذ الاجراءات والاصلاحات التي تُخرجه من أزمته”.

   قد تكون لدى الموفد الاميركي وسيلة إقناع ما لإسرائيل عنوانها نزع حجة المقاومة للإحتفاظ بسلاحها. فهل يتم تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط الأخرى بالطريقة الدبلوماسية والسياسية؟ وهل تقبل اسرائيل ان تتم العملية بلاشروط ترضيها؟ المعلومات افادت لاحقاً ان اسرائيل وافقت على تثبيت الحدود البرية ما عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.