التمييز العنصري الإسرائيلي يعتبر الأطفال الفلسطينيين إرهابيين يجب قتلهم

بيان ’الإتحاد العربي الأسترالي‘ حول العداء ضد الفلسطينيين

سيدني ــ جاد الحاج

ليس  مبالغة ان تتبع استراليا الولايات المتحدة الأميركية في السياسات الخارجية، فاستراليا جزيرة غربية وحيدة في محيط آسيوي واسع ،على مقربة من الصين، ولا يمكننا اعتبار نيوزيلندا طاقة  داعمة  لأستراليا،على قدر مقبول من القوة والإستعداد للدفاع عن  بيرث، وبريسبن، وسيدني، وأدلايد، وغيرها من عواصم الولايات الأسترالية الواقعة إجمالاً على شواطئ المحيط الهادئ. الا ان الوجود العربي في استراليا آخذ في الإتساع منذ بدايات ما سمّي بــ “الربيع العربي” وادى الى امواج من اللاجئين العرب تدفقوا الى هذه الجزيرة، زرافاتٍ ووحداناً.

صحيح ان  استراليا عرفت المنظمات والجمعيات العربية على انواعها  منذ عشرات السنين،  ناهيك بالصحافة العربية الصادرة محليّا، وتجمعات القرى والبلدات، وفروع الاحزاب السياسية. الا ان القضية الفلسطينية بقيت  كبش المحرقة في التعاطي السياسي مع الهيئات الاسترالية المتحفظة عموماً تجاه ’العداء التاريخي‘ لليهود او الميول المناهضة للسامية .  ولم ينعكس ذلك المسار سلباً الا على  ردات الفعل الشعبية والسياسية تجاه نضالات الشعب الفلسطيني. فقد مرّت عشرات السنين من التمييز العنصري ضد  الفلسطينيين  من دون اصوات استرالية مسموعة، ما ادّى الى  جعل   بيان الاتحاد العربي الأسترالي ضرورة لا بد منها .

يقول البيان:

’ يتجلى هذا التمييز العنصري حالياً في الاحتلال العسكري الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وفي محاصرة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات. وفي الهجمات الاسرائيلية المتكررة على أرواح الشعب الفلسطيني وممتلكاته.

ويتضح التعصب السافر أيضاً عندما يتم تصوير الفلسطينيين كإرهابيين. ويوصمون بصفات سلبية بسبب هويتهم الدينية أو القومية. ويعاملون كشعب قليل القيمة. مع أنهم إنما يطالبون بحقوقهم الوطنية بالطرق السلمية. كما أن التعصب ضد الفلسطينيين قد يستهدف العاملين في وسائل الاعلام والمؤسسات والطلبة والأكاديميين (أينما كانوا) إذا انتقدوا اسرائيل أو تعاطفوا مع الشعب الفلسطيني.

المقصود بالعداء ضد الفلسطينيين أنماط اللغة والممارسات التي توجه التعصب والعنصرية والكراهية والعنف ضدهم  . قد تكون هذه الإساءة لفظية، صريحة أو ضمنية، أو عنيفة. وقد تصل في أسوأ تجلياتها الى إنكار وجود الشعب الفلسطيني برمته  مما  يسهّل استمرار العنف ضد الفلسطينيين ويكرس إنكار حقهم بتقرير مصيرهم.

اما اتهامات معاداة السامية فلا ينبغي ان تُستخدم كدرع لحماية اسرائيل من الاشارة الصريحة الى  ظلمها للفلسطينيين، وتحديها للقانون الدولي.

غالباً ما يكون من أقوى المناصرين لحقوق الفلسطينيين أفراد من اليهود المستنيرين المحبين للحرية.  مثلاً، كتب بيتر راينارت، محرر “تيارات يهودية” الصادرة في الولايات المتحدة: “بما ان المنظمات المؤيدة لاسرائيل في الولايات المتحدة قد جعلت من شبه المستحيل مناقشة قضية اسرائيل – فلسطين دون التركيز على مسائل التعصب ضد اليهود. فمن مسؤولية الاميركيين من سائر الخلفيات التساؤل: لماذا تمر أبشع حالات التعصب ضد الفلسطينيين ولا يكاد يلاحظها أحد؟”.

وفيما يلي ثمانية مبادئ مدعومة بأمثلة لا يمكن تجريدها من سمات   العداء   للفلسطينيين:

المبدأ الأول:  يظهر التمييز العنصري ضد الفلسطينيين عندما لا يُعترف بحقوقهم التي يضمنها الإعلان العالمي  لحقوق الانسان  وبقية صكوك القانون الدولي، بما فيها قرارات الأمم المتحدة.

المبدأ الثاني : للشعب الفلسطيني الحق في أن تكون له دولة. فوجود دولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي ومع قرارات الأمم المتحدة، ومع أكثر من ثلاثين سنة من المفاوضات العالمية. ويتجلى هذا في اعتراف 139 دولة من اعضاء الأمم المتحدة بدولة فلسطين. يصبح التمييز العنصري ضد الفلسطينيين سافراً حين يُهضم هذا الحق عن طريق إنشاء المستوطنات وضم الأراضي، وكلاهما إجراء غير شرعي في نظر القانون الدولي.

طفل بعد قصف منزل والديه في بير شبعا.

المبدأ الثالث : يحق للفلسطينيين، في سعيهم غير العنيف لإقامة دولتهم الوطنية، أن يمارسوا كل الوسائل المشروعة للاحتجاج والدفاع عن حقوقهم. كما ان الزعماء الفلسطينيين يستحقون الاحترام والتفاعل معهم لا عزلهم ومقاطعتهم.

المبدأ الرابع: للشعب الفلسطيني، كجزء من المجتمع الدولي، كامل الحق بعضوية المنظمات الدولية بما ينسجم مع القوانين الداخلية لهذه المنظمات، كالمحكمة الجنائية الدولية واليونسكو والانتربول ومحكمة العدل الدولية على سبيل المثال لا الحصر.

المبدأ الخامس: وفقاً للقانون الدولي، يحق للفلسطينيين الانخراط في المقاومة ضد سياسات الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وممارساته غير المشروعة. ويحق لهم ان يعرضوا قضيتهم على العالم، مدعومة بالأدلة والحجج القانونية التي تبين ان السلطات الاسرائيلية قد جردت الفلسطينيين من ممتلكاتهم وحاصرتهم وفرقتهم بشكل تعسفي، وطردتهم من بيوتهم، وما زالت تقهرهم تحت الاحتلال.

المبدأ السادس :بما أن قرار الأمم المتحدة الاعتراف بدولة اسرائيل سنة 1949 كان مشروطاً بقبول اسرائيل حق العودة للفلسطينيين (قرار 194. المادة 11)، يحق للفلسطينيين المطالبة بحق العودة كجزء من السلام العادل والدائم بين الطرفين.

المبدأ السابع :للفلسطينيين الحق في تاريخهم، بما في ذلك حقهم في إحياء ذكرى النكبة، ولا ينبغي أبداً إنكار هذا الحق بأي شكل.

المبدأ الثامن: القانون الدولي يعتبر العقاب الجماعي جريمة حرب. عندما تعتقل السلطات الاسرائيلية أي شخص فلسطيني، أو تتهمه بجناية، فليس هناك أي أساس لفرض العقاب الجماعي على غيره.

  التعصب  الأعمى ضد الفلسطينيين   قد يكون خفياً ومُضمراً في آن ، وفيما يلي بعض الأمثلة:

*  خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي نفتالي بينيت يعطي أمثلة صارخة على التعصب العرقي ضد الفلسطينيين:

* أثناء نقاش برلماني (2013) حول إطلاق سجناء فلسطينيين، تباهى بينيت بـ”قتل العرب”: “إذا قبضنا على إرهابيين، يجب علينا قتلهم. أنا قتلت الكثيرين من العرب في حياتي، لا مشكلة في ذلك”.

* دعى بينيت الى إطلاق النار على الفلسطينيين بهدف قتلهم عند قطعهم حدود غزة (2018). وعندما سئل هل تلك السياسة تشمل الأطفال أجاب: “ليسوا أطفالا. انهم إرهابيون. نحن نخدع أنفسنا. أنا أرى الصور”.

* في حوار تلفزيوني (2010)، قال بينيت  لعضو الكنيست أحمد الطيبي: “حين كنتم تتسلقون الشجر (يعني مثل القرود)، كان عندنا هنا دولة يهودية”.

* في مقابلة مع صحيفة نيويوركر (2013)، كرر بينيت معارضته الشديدة لدولة فلسطينية قائلاً: سأعمل كل جهدي، دائماً، لمحاربة قيام دولة فلسطينية في أرض اسرائيل”.

* رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو كان يكرر دائماً ان لن تكون هناك دولة فلسطينية أبداً في عهده.

* وزير الدفاع الأسبق موشيه يعلون قال: “التهديد الفلسطيني ينطوي على خصائص تشبه السرطان ولا بد من استئصاله. هناك علاجات عديدة للسرطان. البعض يرى ضرورة بتر الأعضاء، لكني حالياً استخدم العلاج الكيميائي”.

* نائب رئيس الوزراء سابقاً إيلي ييشي حث الجيش الاسرائيلي على “إرجاع غزة الى العصور الوسطى”.

* غولدا مائير، رئيسة الوزراء سابقاً، صرحت بأن هذا الشعب ليس له وجود. قالت: “ليس هناك فلسطينيون  … هؤلاء لا وجود لهم. “كان هذا تبريراً للسيطرة على الاراضي الفلسطينية لفتح الطريق امام مهاجرين يهود. وقد وثق الاستاذ إيلان بابيه من جامعة اكسيتر ، هذا “التبرير”، بالتفصيل، في كتابه “التطهير العرقي لفلسطين”.

طفلة في المنزل المجاور

* يتخذ الازدراء العنصري ضد الفلسطينيين أحياناً شكل الإنكار الشديد لأبسط حقوقهم، كحق الدفاع عن بيوتهم. مثلاً، في حادثة سنة 2017، احتجزت السلطات الاسرائيلية الصبية عهد التميمي لأنها صفعت جندياً اسرائيلياً كردة فعل على اعتدائه على حرمة بيت عائلتها. يومها صرح عضو الكنيسيت، رئيس الوزراء الحالي، نفتالي بينيت، قائلاً: “إنها فلسطينية. أريد أن أراها في السجن إلى نهاية عمرها”. وذهب المعلق الاسرائيلي بن كاسبيت الى أبعد من ذلك، فقال: “اريد ان أرى تلك الصبية في سجن تحت الأرض، ليجري تعذيبها بطريقة لا يجب أن يشهد عليها أحد”.

* خطاب الكراهية العرقية/الإثنية العنيفة ضد الشعب الفلسطيني يظهر في كلام وزيرة العدل الاسرائيلية السابقة أيليت شكيد. وزيرة الداخلية حالياً: “يجب أن تذهب أمهات (الفلسطينيين) الى الجحيم، وكذلك بيوتهم القائمة التي يربون فيها الأفاعي، وإلا سنرى المزيد من الأفاعي والثعابين الصغيرة تنشأ فيها”.

* العداء للفلسطينيين قد يظهر في الدعوة الى إبادة جماعية. جاء في منشور للحاخامين إسحاق شابيرا ويوسف إليتزور (2009): “غير اليهود، كالعرب الفلسطينيين، ليس عندهم أي عطف بطبعهم، وقد يجب قتلهم للتخلص من ميولهم الشريرة”.

* في مسيرة ليهود عنصريين متطرفين برعاية الحكومة الاسرائيلية في القدس الشرقية (15 حزيران/ يونيو 2021)، ردد المتظاهرون: “الموت للعرب”، مع عبارات كراهية عنيفة أخرى ضد الفلسطينيين. أعقبها منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحتفي بالتطهير العرقي وقتل الفلسطينيين.

* أقر البرلمان الاسرائيلي بأغلبية صغيرة (19 تموز/ يوليو 2018) مشروع قانون “اسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي”. لهذا القانون تداعيات خطيرة تمس آمال الشعب الفلسطيني بالمساواة، إذ يشكل خارطة طريق لاسرائيل كدولة لليهود دون غيرهم؛ ويكرس التمييز العنصري رسمياً ضد الفلسطينيين. جاء في البند 1 (ج) من هذا القانون: “حق تقرير المصير في دولة اسرائيل ينحصر في الشعب اليهودي”. وجاء في البند 7 من القانون نفسه: “تعتبر الدولة تطوير المستوطنات من القيم القومية، وستعمل على تشجيع بناء المسوطنات والترويج لتقويتها”.

* “قانون النكبة” الصادر عام 2011 يعطي السلطات الاسرائيلية صلاحية تقليص دعم الدولة لأي مؤسسة تُحيي ذكرى النكبة الذي يصادف “يوم استقلال اسرائيل” أو يوم تأسيس الدولة. هذا اليوم نفسه هو يوم حزن بنظر الفلسطينيين ومن يناصرون قضيتهم. فهو يوم ذكرى “نكبة فلسطين” التي تسببت بالتهجير القسري لأكثر من 700.000 فلسطيني وفلسطينية، وتدمير 500 قرية وبلدة فلسطينية، واستيلاء قوات يهودية مسلحة على أكثر من 78% من أراضي فلسطين التاريخية، بهدف تأسيس دولة إسرائيل. “قانون النكبة” يمنع الفلسطينيين من ممارسة حقهم في تذكُّر تاريخهم.

* يتعرض الفلسطينيون باستمرار لقيود تحد من تنقلهم، حيث تقيم سلطات الاحتلال عقبات أمام وصولهم الى أماكن عملهم وحقولهم ومدارسهم ومستشفياتهم. من هذه العقبات، النظام القاسي للتصاريح، والنقاط العسكرية للتفتيش، والحواجز الثابتة والمتنقلة على الطرق، وجدار الفصل العنصري الاسرائيلي الشهير.

* فرضت اسرائيل على قطاع غزة عوائق صعبة أمام حركة الناس والبضائع، بما فيها الغذاء والدواء، رغم الأزمة الانسانية المستمرة التي يعيشها الناس هناك، حيث أكثر من نصف مليون من السكان يعيشون تحت خط الفقر.

* تعتبر سلطات الاحتلال الاسرائيلي تجمع أكثر من عشرة فلسطينيين غير قانوني. وتعتقل المدنيين بمن فيهم الأطفال، وتزج بهم في السجون بدون تهمة، حيث يتعرضون لسوء المعاملة التي تصل الى حد التعذيب. وهذه انتهاكات فاضحة لاتفاقية جنيف الرابعة وللقانون الدولي  لحقوق الانسان .

العدد 124 / كانون الثاني 2022