لغز 777

آفاق/ جاد الحاج

تجد تقنيات التتبع والإقتفاء، حديثة الولادة، طريقها الى المربع الأول في  التحقيقات الجنائية المعقدة، مع انها غير موجهة علمياً الى الكشف فالربط فإكتشاف الحقائق.

 لكن بناء على تلك التقنيات كشف المهندس البريطاني ريتشاردغودفي أخيراً مكان اختفاء طائرة الخطوط الماليزية  بوينغ 777 في السادس من آذار سنة 2014 بعد ست ساعات   على مغادرتها مطار كوالالومبور باتجاه بكين، وعلى متنها 239 راكباً من جنسيات مختلفة و12 موظفاً  ماليزياً.  على مرّ السنين ظهرت مقاربات متنوعة حول مصير تلك الطائرة مما سبب تعثرات وشبهات بعضها على قدر من المصداقية، وبعضها  معقود على اساطير مثلث بيرمودا، حيث تختفي السفن برمشة عين ومثل رفة  جفن تنهمر طائرات تجارية واخرى سياحية ليبتلعها المحيط الهادر . . . وهو دائماً هادر في ذلك المكان!

ينتمي غودفري الى   خبراء متمرسين في التقنيات المستجدة على صعيدي الفضاء الأرضي والمحيطات البحرية. وقد انضم منذ اختفاء تلك الطائرة الى فريق الباحثين عن مصيرها لعل الجهود المبذولة تؤدي الى العثور على الصندوق الأسود المفروض انه سجل  مراحل اللحظات الحاسمة التي سبقت مأساتها. لكن لا القطع التي لفظها البحر وبلغ عددها اكثر من ثلاثين قطعة، ولا انضمام الدول المجاورة الى فريق الباحثين، استطاعت ان تلقي ضوءاً كاشفاً على مساحة محددة في المحيط الهندي كافية لتركيز البحث والغطس، خصوصاً ان مختصر البيانات التي استند اليها غودفري يشير الى عمق بحري قد يتجاوز الـ 4000 متر، ما يشكل اكثر التحديات صعوبة حتى قبل الإهتمام الجدي بمباشرة المهمة!

تلقى غودفري تهنئة رئيس مكتب سلامة النقل  الإسترالي بيتر فولي الذي كتب قائلا: “صحيح ان منهجيتك لا تزال موضع شك ونقاش، لكنك تستحق كل التقدير والتحية على جهودك.” واعتبر موقع “مراقبة الحراك الجوي الأسترالي” ان نتائج غودفري  ستؤدي الى استعادة الابحاث وقد تشارك فيها مؤسسة “المحيط اللامتناهي” الاميركية، مما يعني تجديد الأمل بالعثور على جسم الطائرة ضمن المربع الذي عيّنه غودفري بعدما استعان بتقنية  بيانات الشبكة العنكبوتية المعروفة باسم “النقاط” وهي متداولة في مجالي الإرسال الأرضي والتلقي اللاسلكي. ولعلها تقنية معقدة لكنها  ــ في مهمة اقتفاء المسار الأخير للطائرة المفقودة ــ  الأمل الوحيد “علمياً” في التوصل الى اكتشاف الحقيقة.

في الوقت الضائع تستيقظ التكهنات والخرافات وتتضخم بقدر سرعة ترويجها. ابرزها شائعة انتحار قبطان الطائرة زهاري شاه لأنه (كما قيل) كان ساخطاً وحزيناً بسبب إدانة الشيخ انور ابراهيم والحكم بسجنه خمس سنوات بعد ربطه بالذين فجروا مقصفاً ليلياً ذهب ضحيته عدد كبير من الشبان والشابات  معظمهم سياح استراليون. وراج ايضاً ان طاقم الطائرة لم يلتفت الى شح الأكسجة الذي ادى الى دخول الطائرة في متاهة حتى نفذ وقودها وهوت الى قعر المحيط . . . لكن عطلاً من هذا النوع لا يمكن التحقق من وقوعه من دون الصندوق الأسود المفقود جتى كتابة هذه السطور!

العدد 124 / كانون الثاني 2022