الصعوبات التعلميّة، ليست مجرّد مُصطلح!

وعي ومسؤوليّة

يُعد مصطلح الصعوبات التعلميّة حديث النشأة نسبيًا، وتشير الأبحاث إلى أن الفضل في اشتقاقه كمفهوم تربوي، يعود إلى صموئيل كيرك، وقد تمّ طرحه أثناء المؤتمر القومي الذي انعقد في مدينة شيكاغو في نيسان العام 1963 في الولايات المتحدة الأمريكيّة وحضره العديد من المشتغلين في المجال، لقد كان لاكتشاف هذا المصطلح الأثر الذي عدّل وجهة النظر اتجاه الأشخاص الذين يعانون من ضعف في التحصيل الأكاديمي،  ولكن العمل بالمفهوم ما زال يعاني

الأخصائيّة سَكينة الميناوي

تعثرًا  لما يتطلبه من جهد على مستوى الأهل والدولة، إضافة إلى ضرورة الوعي بإشكالاته المتعددة. يهدف هذا المقال إلى التوعية حول هذا المفهوم، والإشارة إلى العوامل والمعوّقات ودور الأهل في مساعدة الأبناء على تحقيق التوافق الأكاديمي والتربوي.

 حملت الحصاد هذه التساؤلات للأستاذة “تالا محسن المقداد” وهي حائزة على بكالوريوس تربية خاصة-صعوبات تعلم (المملكة العربية السعودية) ورئيسة قسم صعوبات التعلم في مركز دار العرب الطبي في العاصمة السعوديّة (الرياض)، والأستاذة “سَكينة الميناوي”، وهي حاصلة على ماجستر في التربية المختصة (لبنان)، إضافة إلى سنوات خبرة في العمل في المجال التربوي والتربية المختصة في المدارس والمراكز والعيادات.

  • اضطراب الصعوبات التعلميّة

          تبدأ الأخصائيّة تالا محسن المقداد؛ بتعريف صعوبات التعلم كما هي التعريفات المعتمدة في التربية الخاصّة، بأنّها: “اضطرابٌ في عمليّة أو أكثر من العمليات الفكريّة باتفاق أكثر من جهة مُعتمَدة، إضافة الى اضطراب في فهم اللغة المكتوبة أو المنطوقة أو القراءة  والإملاء والرياضيات، أو الاستماع والتفكير والكلام، ويعود ذلك إلى التفاوت بين قدرات الطفل الطبيعيّة والتحصيل الأكاديمي للطفل، تركّز بعض التعريفات على استبعاد كون الصعوبة ناتجة عن أي نوع من الإعاقات (السمعيّة، العقليّة، البصريّة) أو الحرمان البيئي أو سوء أساليب التعليم، ويكون مستوى الذكاء عند الشخص الذي يعاني من الصعوبات التعلميّة طبيعيّ ( متوسط فما فوق).

وتؤكد المقداد على كون هذه الصعوبات ملازمة للشخص مدى الحياة، على أن يتم العمل عليها لتحسينها واتّباع استراتيجيات تدخّل تربويّة خاصة للتغلب عليها بطرق خاصة في عيادات التربية الخاصة -صعوبات التعلم-، ولا يعني ذلك إلغاءها، وتكون التحسينات أفضل كلّما كان التدخل مبكرًا.

  • لماذا يتم تصنيف صعوبات التعلّم ضمن خانة ذوي الاحتياجات الخاصة على الرّغم من عدم وجود إعاقة ظاهرة؟

          تُشير المقداد، إلى أن ارتباط الصعوبات التعلميّة بالأشخاص ذوي الإعاقة المتعلّقة بالتأخر العقلي والاضطرابات الجينيّة، إضافة إلى الصعوبات المصاحبة لطيف التوحّد؛ يعود إلى قصور في النواحي المختلفه كالتمييز السمعي والبصري، الذاكرة البصريّة، الذاكرة القصيرة المدى، وقصور في الاستيعاب القرائيّ، والتي ينتج عنها تدني في المهارات الأكاديميّة كنتيجة طبيعيّة، وأنواع مختلفة من الصعوبات، منها: صعوبات القراءة والكتابه وصعوبات الحساب وبعض الأحيان صعوبات تعلّم في أكثر من ناحيَة لدى الطفل. ويتم تحويل هذه الحالات لعيادات صعوبات التعلم، لكي يتعلّم بشكل مختلف طالما أنّ الطفل أُدرج ضمن خانة بطيء التعلم أو التعلّم بطرق خاصة ويستطيع دخول المدارس باختلاف أنواعها ( دمج-عادية)

  • هل يمكن اكتشاف الصعوبات التعلميّة قبل سن الدخول الى المدرسة؟

          بحسب الأخصائيّة سَكينة الميناوي، فإن التشخيص للصعوبات يكون ابتداء من عمر الثماني سنوات فما قبل هذا العمر تحدث أخطاء واردة. وهو ما تحدده الأخصائيّة تالا المقداد، في سن الدخول للصف الأول الابتدائي وبعد مرور مدّة زمنيّة معيّنة من الدراسة، أمّا بالنسبة لتدني مستوى المهارات الناتج عن الإعاقات التي تمّ ذكر بعضها فإن التدخل واكتشاف الحالة لدى الطفل بالنسبة لبطء التعلم يكون قبل دخول الصف الأوّل الابتدائي مما يساعد على سرعة التدخل لتعديل مستوى المهارات.

  • العوامل المؤثرة في ظهور الصعوبات التعلميّة لدى الأطفال:

          في الحديث عن العوامل المؤثرة في ولادة طفل يعاني من صعوبات تعلميّة ودور الأهل والمدرسة في المساعدة والحدّ من أعراض المشكلة،  ترى الأخصائيّة سَكينة الميناوي، أنه لا يمكن حصر أسباب الصعوبات التعلميّة عند الأطفال في عامل واحد بل هناك عوامل عدّة، فالحالات تختلف باختلاف أنواع الصعوبات التعلميّة، فهناك حالات تعود لعامل الوراثة كأن يكون أحد الوالدين قد عانى من صعوبات تعلميّة، وهناك أسباب تتعلّق بسلوكيات الأمّ  خلال مرحلة الحمل كـ(التدخين بكثرة، وجود مشكلات نفسيّة، نقص في الأوكسجين أثناء الولادة)، أو وجود خلل وظيفي في خلايا الدماغ. وهناك أيضًا أسباب تربوية تتمثّل في التعامل مع الطفل بأسلوب لا يتناسب وحالته وقدراته الاستيعابية، كأن يجري إهماله داخل غرفة الصف لتأخره عن اللحاق بالمستوى  الأكاديمي لرفاقه، مما يؤدي إلى تراكم حجم المشكلة بسبب الأساليب التربوية الخاطئة، وهناك أسباب نفسيّة تتعلق بممارسة التمييز داخل الأسرة والمقارنة بين الإخوة ووصمه بصفات الفشل والتقليل من شأنه مع عدم الأخذ بعين الاعتبار لوضعه وطبيعة اختلافه، وبالطبع هذه الأسباب هي عوامل مساعدة في تفاقم الحالة ولكنها ليست السبب المباشر، من هنا ضرورة تشخيص المشكلة والعمل على كفّ العوامل التي تزيد من حدّتها.

          في السياق ذاته تذكر المقداد، أن عامل الوراثة هو عامل رئيسي إلّا أنّ بعض الحالات من التأخر والاضطرابات الجينيّة سببها زواج الأقارب من دون عمل الفحوصات اللازمة، وحدوث مضاعفات صحيّة أثناء مرحلة الحمل الناتجة عن سوء التغذيّة، وبعض المشاكل أثناء الولادة التي تتسبب بنقص الأوكيسجين، أيضًا، إصابة الأم ببعض الأمراض كالحصبة الألمانية وغيرها من الأمراض، وتشير إلى تأثير الفقر البيئي وسوء التغذّية للأطفال، وحالات الأطفال الذين يعانون من قصور في  المهارات العامة والقدرات الإدراكيّة ممن لديهم طيف التوحد الناطق، واضطراب فرط الحركه وتشتُت الانتباه.

وتذكُر إلى أن هناك صعوبات تعلميّة مكتسبة تعود إلى كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية، والجلوس أمام شاشات التلفاز واستخدام الهاتف المحمول لمدّة طويلة، مما يقلّل من حركة الطفل وبالتالي تجعل عقله في وضعيّة المستقبِل السلبي غير المنتِج، بالإضافة إلى عدم اتباع أساليب تربويّة محفّزة للأبناء الذين يقلّدون أبائهم في استخدام الهواتف الذكيّة، وغياب ثقافة النقاش بين أفراد العائلة، واتّجاه بعض الأهل، الذين لا يرغبون ببذل الجهد الكافي لتربية أبنائهم والصبر على سلوكياتهم،  للمبالغة في توصيف حركة أطفالهم بغية الحصول على علاج دوائي يُثبط حركتهم، والتي هي حالة طبيعيّة عند الطفل. وفي مقلبٍ آخر؛ أصبحت المصطلحات الخاصة بمجال التربية المختصّة مُستهلكة ولعقٌ على ألسنة الأهل ومدراء المدارس يلوكونها عن قلّة خبرة وعدم دراية كيفما اتفقوا عندما يواجهون خللًا ما في سلوك الطفل، مما يؤثر سلبًا عليه ويزيد وضعه سوءا.

وفي المجال ذاته تشير المقداد، إلى نوبات الغضب التي تنتقل من الأهل للأبناء، وتؤثر على مستوى تركيزهم في المدارس وتقلل من رغبتهم في الاستزادة من معين العلم، إضافة إلى عشوائية التشخيص والتحويل إلى العيادات المختصة من قبل غير الاختصاصيين، وهنا تذكر المقداد أمثلة تواجهها في عملها عن أطفال  يُصنفون صعوبات تعلّم ويتم  إقناع الأهل بالأمر حتى يقتنع الطفل وأهله، وهنا يكتسب الطفل هذه المعوّقات ويزيد عليها لأسباب تعود إلى غياب الوعي وعدم الإحاطة بالظروف التعلميّة والتي قد لا تتلاءم مع وضع الطفل كتواجده في مدرسة لا تتناسب والوضع الاجتماعي من جهة استخدام اللغة.

  • الخطّة العلاجيّة ومسؤوليّة الأهل والمدرسة

          تُفيد المقداد، أنّ تشخيص ووضع خطّة لعلاج الصعوبات التعلميّة لدى الأطفال هي من مسؤوليّة اختصاصي صعوبات التعلم في المرتبة الأولى، فهو الذي يحدّد ما الذي تحتاجه خطّة التدّخل (فالمدّة وعدد الجلسات تعتمد على مدى تجاوب والتزام الطفل والأهل  بالخطة السلوكية والتدريب الأكاديمي) وفي حال احتاج الطفل لعلاج يتزامن مع علاج الصعوبات لديه، مثل: (علاج النطق وتعديل السلوك، العلاج الوظيفيّ (الانشغالي)، استشاريي الأطفال (نمو وسلوك الطفل) إضافة إلى اختصاص علم النفس التربوي.

وتذكر أنّ بعض حالات صعوبات التعلم الغير مصاحبة لأي نوع من الاضطرابات الأخرى تترافق مع ظهور سلوكيات لا تلبث أن تتلاشى تدريجيًّا مع الاستمراريّة في متابعة الخطّة العلاجيّة، مثل: (العناد، نوبات الغضب، تدني مفهوم الذات، الانعزال الاجتماعي والقلق)، وهناك بعض الحالات التي تحتاج لتدخل سلوكي إمّا بالإرشاد الأسري للأهل، أو عبر حضور جلسات علاجيّة أخرى  سابقة أو متزامنة بحسب خصوصيّة الحالة وما تستدعيه.

وأمثلة على ذلك تذكر: بعض الحالات المصاحبة لفرط الحركة أو طيف التوحد تحتاج إمّا إلى تدخل سلوكي أو وظيفي، علاج نطق، وبعضها الى تدخل علاجي بحسب نظرة الطبيب وتشخيصه لطبيعة الحالة وتقارير  الأخصائيين من مختلف التخصُصات.

 بعض حالات التأخر العقلي تحتاج لاختبارات الذكاء فيتم تحويل الطالب للطبيب والأخصائي النفسيّ لإجراء التقييمات الشاملة قبل البدء بالتدخل من قبل أخصائي الصعوبات، حيث إن هذه الحالات تندرج ضمن خانة صعوبات التعلم لكن هذه الصعوبات تكون ناتجه عن تأخر شامل للطفل وليست صعوبات تعلم فقط.

  • فريق عمل متخصص حاجة ملحّة وليس رفاهيّة

من هنا تتحدث الميناوي، عن أهمية وجود فريق عمل متخصص داخل المدرسة، وتشرح أن وجود فريق عمل متخصّص داخل كل مدرسة (مربية مختص/ة، معالج نطق، ومعالج انشغالي، ومعالج نفسي) حاجة ملحّة وليس رفاهية، بحيث يتم تدريب الأساتذة على ملاحظة المؤشرات المتكررة عند كلّ طفل والتي تنبئ بوجود خلل معيّن، ويكون لدى المدرسة نظام إحالة خاص للطفل المشكوك بأمره إلى الفريق المتخصص، مع إشراك الأهل بالمهمة من خلال سؤالهم عن معلومات معيّنة والبدء بعملية التقييم بحسب المشكلة، علاج النطق يتدخل في حال وجود مشكلات تتعلق باللغة والكلام، العلاج الانشغالي على سبيل المثال يتدخل في حالات عدم اكتساب الطفل للمهارات الدقيقة، أو مهارات التآزر البصري، واليدوي ، أما مشكلات الإملاء والقراءة فهي من اختصاص التربية المختصة، وبطبيعة الحال يحتاج الطفل إلى المرور على كل هذه التخصصات لأنّ كل تخصص لديه تقييمات معينة للقدرات.

وجود فريق علاجي يساعد على الكشف المبكر عن وجود الصعوبات في ظل نظام التحويلات والتعاون بين أعضاء الفريق ومع صدور نتائج التقييم يتم وضع خطة علاجية مشتركة بين المعالجين، وبالتالي يبدأ الطفل بتلقي الخدمات والجلسات العلاجيّة التي يحتاجها، ويتم وضع التكييفات والتوصيات اللازمة داخل الصف والمدرسة، خلال الامتحانات والفروض المدرسية،  مما يساهم في إيجاد حلول متزامنة مع وجود الطفل داخل المدرسة بحيث لا يضطر التلميذ لمتابعة علاجه في عيادات منفصلة عن المدرسة، وتخفف من الجهد النفسي عند الأهل والطفل، ويساعد على تطوير مهارات الأطفال بشكل أسرع. وتلفت إلى أن هناك الكثير من البرامج التي يتم العمل عليها في المدارس ولكن ليست جميع المشاريع ناضجة. وليست جميع المدارس تتوفر لديها الإمكانات.

  • المعوّقات خلال مرحلة التدخل العلاجي

          إلّا أن المشكلة لا تنتهي عند التشخيص، بل إنّ بعض الأهل يمارسون حالة من النكران اتجاه وضع الطفل، وتتمثل بالرفض وعدم تقبل وجود مشكلة تتعلق بالصعوبات التعلميّة لديه أو أي نوع من الإعاقات، تفسّر الميناوي، بأن هذه الحالة طبيعية وهي مرحلة لا بدّ أن يمرّ بها الأهل وتتم ترجمتها بشكل غير مباشر من خلال رفض الاعتراف بوجود ضعف أو صعوبات عند أبنائهم، ومحاولة التقليل من حجم المشكلة عبر ربطها بالحالة المزاجية لابنهم،  كالقول إن المشكلة سلوكية عند الطفل وردة فعل بحتة، ولكن من غير الطبيعي أن يستغرق الأهل في هذه الحال، فقد يعمد كلا الوالدين أو أحدهما إلى إعاقة وصول الطفل لتلقي العلاج الملائم، ويظهر ذلك أيضا بحسب الأستاذة سكينة خلال مرحلة تقييم حالة الطفل، حيث يعتقد البعض أن مهمة الأخصائيّ رصد الحالة في وقتها والخروج لهم بالعلاج السحريّ، وهو أمرٌ يؤثر على فعاليّة العلاج ومدته، فكلما تأخر الأهل في اكتشاف مشكلة ابنهم وفي تقبلها وتفهمها وبالتالي عدم إعطاء المدرسة للطفل التكييفات اللازمة لتخطي صعوباته كلما ازداد مستوى  تعقيد المشكلة لدى الطفل، فالتدخل المبكر له كبير الأثر في حلّ المشكلة، وكلما ازداد عمر الطفل كلما واجه معوّقات أكثر فبالتالي تتأثر بذلك قابليته لتطوير مهاراته، وهذا ما يظهر في أوقات الامتحان حيث إن كثير من التلامذة لا يتمكنون من قراءة السؤال وبالتالي يعجزون عن الإجابة بشكل صحيح. وهذا ما يجعلهم يدورون في دوامة الفشل والرسوب وصولا حتى التسرب المدرسي وهو  ما توثقه الدراسات والتجارب.

          وفي السياق ذاته تتحدث المقداد، عن أهمية دعم الأهل لطفلهم في تخطي الصعوبات، من خلال المتابعة واتّباع الخطّة المنزليّة المصاحبة للتدخل العيادي، وترى أن هناك عدد من المعوّقات التي تؤثر على نجاح خطّة التدخل ومنها: التهاون في المتابعة بشكل منتظم أثناء المدّة العلاجية، عدم تعديل سلوك الطفل الغير متناسق مع الخطة، التشخيص الخاطئ لبعض الأطباء وإعطاء أدوية في غير محلها، غضب الأهل الغير مبرر على الطفل وعدم تقبل وضعه وعدم التعاون، المشادات بين الأبوين أمام الطفل، التوقعات غير الواقعية للأهل وإدارة المدارس، قلة الصبر، الحماية الزائدة للطفل أو الشدّة الزائدة، دخول الطفل إلى مدارس لا تتوافق وقدراته الأكاديميّة والعقليّة، عدم تعاون إدارة المدرسة. وقد يتم إيقاف الجلسات في بعض الحالات التي تتطلب تدخلًا من قبل الطبيب أو أخصائي من مجال آخر.

  • الصعوبات التعلميّة وعصر التكنولوجيا

          إنّ السؤال الذي يطرح نفسه هل الصعوبات التعلميّة ازدادت في عصر التكنولوجيا والشاشات اللمسيّة  أم أنّ الوعي بالمصطلح هو الذي ازداد، فالناس كانوا يُصنّفون بين مجتهد وكسول، أمّا الصعوبات التعلميّة فإنها تنفي أن يكون هناك طفل غير قابل للتعلّم بل تقول بأن هناك صعوبة تُعيق الطفل عن أن يتوافق بسهولة مع التعليم بصيغته التقليديّة، وهذه الصعوبة قد تكون وُلدت معه أو قد يكون اكتسبها كنتيجة للتربيّة الأسريّة والمدرسيّة الخاطئة.

تقول المقداد، بأن الانفتاح في مجال وسائل التواصل الاجتماعي ساهم بشكل كبير في توعية المجتمعات على ظاهرة صعوبات التعلم والتي هي سلاحٌ ذو حدين، فمن الناحية الإيجابية تمّ تقبّل الفكرة بشكل أكبر مما ساهم في تعديل مستويات العديد من الطلاب من خلال التوجه للجهات المعنيّة وبالتالي تطوير الجوانب النفسيّة والاجتماعيّة لديهم، ومن الناحية الأخرى أصبحت حجة لبعض الكوادر التعليميّة وبعض الأهل للامتناع عن بذل الجهد المطلوب في تأسيس الطلاب والأبناء والالتزام بالروتين المنتظم في الدراسة وتنويع وسائل التعليم.

تلفت المقداد إلى ضرورة التوعية بخصوص التخصُصات التي تصبّ في خانة التربيّة وتقويم المشاكل السلوكيّة، والتي قد يجري الخلط بينها واختصاص الصعوبات التعلميّة في أحيان كثيرة، مثل أخصائي تعديل السلوك، وأخصائي تربية خاصة غير متخصّص بصعوبات التعلّم (لا يمكنه إعطاء استراتيجيات أكاديمية متخصصة)، كذلك معلّم خاص. وتشير إلى أنّ الباحث في صعوبات التعلم من دون التخصص والممارسة لا يُعدّ أخصائي صعوبات تعلم، فحضور الندوات التوعويّة وحدها ليس كافيًا لمساعدة أطفال صعوبات التعلم.

وتؤكد على دور المدارس في تقييم وضع الطلاب في المراحل التعليميّة الأولى (رياض الأطفال) والتعاون في بداية كل عام للتقييم الأولي مع متخصصين سلوكيين وصعوبات تعلم،  من خلال ملاحظة حالات التأخر وفرط الحركة وطيف التوحد، بحيث تساهم هذه الملاحظات في مساعدة الأهل للتوجّه نحو الجهات المختصّة، وهنا تؤكد على وجوب أن تفرض وزارة التربية والتعليم على المدارس تدريب الأساتذة لديها على تنميّة عنصر الملاحظة من قبل مختصيّن في المجال.

وتذكر إلى حدوث الكثير من الخلط بحيث –على سبيل المثال- يتم إرسال الأطفال إلى عيادات الصعوبات التعلميّة وهم يعانون من تشتت الانتباه وفرط حركة من دون التوجه للطبيب للمعاينة في حال حاجته للعلاج الدوائي قبل البدء بجلسات صعوبات التعلم.

  • الوعي والمسؤولية

          تؤكد الأخصائيّة سكينة الميناوي، على ضرورة تحمل الأهل المسؤوليّة اتجاه تربية الأبناء والوعي بالمشكلات التربوية، وتزداد المسؤولية عندما ينتبه الآباء أن ابنهم يسير في مسار نموّ غير طبيعي، من هنا يبدأ الأهل بالاستفسار والتواصل، والسعي لعرض مشكلة ابنهم على أصحاب الاختصاص. إنّ تقبل المشكلة هو نصف الطريق نحو حلّها، تشير الأستاذ سكينة إلى الواجب الأخلاقي عند الأخصائي الذي يحتم عليه توجيه الأهل نحو العلاج المناسب، وتقع المسؤولية على الأهل في التعاون وتفهم دور الأخصائي في تحديد وعلاج المشكلة وبالتالي جديّة العمل بحيث إن تقييم الحالة قد لا يظهر من الجلسة الأولى،  وتؤكد على أهمية الحصول على  تقرير مكتوب بالنتائج والتوصيات، فبعض الأهل قد يعلقون في دوامة التنقل من أخصائي إلى آخر على جهلٍ لما يمكنهم فعله، من هنا تظهر أهمية الوعي بالمجال من خلال القراءة وحضور جلسات توعية ومحاضرات تثقيفيّة وورش تدريب وهي كثيرة حول هذا الموضوع، والاستعانة بكل ما يمكن أن يزيد خبراتهم وتفهمهم في مجال التربية.

في الختام، تشدّد الأخصائيّة تالا المقداد، على أهمية الوعي بنوع الاضطراب الذي يعاني منه الطفل، حيث كثيرًا ما يتمّ الخلط بين الاضطرابات على أنواعها بسبب التشخيص الخاطئ من قبل بعض الأطباء والأخصائيين: كالخلط بين اضطراب تشتُت الانتباه  والتأخر العقلي، وبين اضطراب فرط الحركة والتشتُت والتأخُر العقلي، إضافة للخلط بين اضطراب طيف التوحّد والتشتُت؛ إنّ التشخيص الجيّد والدقيق وفهم نقاط الاختلاف بين الاضطرابات هو بداية العلاج، فالوعيّ بنوع الصعوبة وتحديد مسمّاها سيُصاحب تاريخيّة حالة الطفل ويُحدّد العلاج الملائم والذي يُسهم في تحسين آدائه وتطوير مهاراته.