اهداف كرويه ممتعه مع تنظيم محكم وانجاز وطنى وقومي كبير

 الحصاد النهائي للمونديال الدولي لكرة القدم في قطر

يمكن للقارئ الكريم أن لايكون من عشاق الكرة،ولا ايضا من هواة الرياضه،ولكن مع ذلك له ان يسعد ويطرب بل وان ينتشي، فقد حقق هذا المونديال للرياضة مكاسبا، وانجزللدولة المضيفة قطر انتصارا ،والأكثر من ذلك أزعم انه كان منارة للوجود العربي واعلانا لقيمه واصالته،وتعميقا لمعنى العروبه وترابطها ،وفرضا لقضية فلسطين ومدى جماهيريتها.مونديال الكرة الدولي على ارض قطر اعلان صريح وواضح لقوة الأرادة التي تحقق هذا الأنجاز التاريخي رغم الحملات المغرضه التي شنتها قوى متعددة ،وكأنه قد ساءها أن دولة صغيرة تملك التصميم على خوض تجربة كانت ميادينها دوما دولا كبيرة لها خبراتها وتجاربها ،ومع ذلك استطاعت هذه الدولة الصغيرة أن تقف وتحقق على ازهى صورة ما يتباهى به الكبار. مونديال الكرة الدولي على الارض القطريه صورة مضيئة ومبهره للعمل العربي . لقد تحول هذا المونديال في نهاية الأمر من مجرد مونديال رياضي يتابعه خبراء اللعبة ومحكميها

سمو الأمير يهدي عباءته الى ميسي

ونقادها ،الى مهرجان احتفالي عالمي ،اختلطت فيه الوجوه العربيه السمراء ،بوجوه أخرى ملونه تحمل سمات أهل أوروبا واّسيا وأفريقيا وأنحاء أخرى من دول العالم ،وأصبح الكل في واحد ،يتابع على ارض الملعب سخونة المباريات ،تزكيها حرارة المشاعر،التي تتصاعد حين تسدد الضربات وتستقر الأهدف في شباك الخصوم .تلك سمات المباريات في كل الملاعب بلا تحديد أو تخصيص ،لكن في قطر كان هناك جانب اّخر يتفاعل داخل القلوب،يشعل مع المشاعر بواعثا للتفكير في العقل ويحرك معها الوجدان .لقد نجحت  قطر بامتياز في تجربة المونديال التي كانت حكرا على دول أخرى لديها كثافة سكانيه تشكل في ذاتها جمهورا عريضا ،وكذلك امكانات أكبرفي فن الاعداد ،وطاقات أكثر من حيث امتلاك الخبرة ،والقدرات   اللا محدودة في فنون الأدارة ،والتسويق،والاعلان

 والأعلام . نجحت قطر الدولة الصغيرة المساحة والأقل عددا في تعداد السكان،ولكنها كما برهنت كبيرة الأرادة والتصميم والقدرة على الوفاء بالوعد ،والألتزام بكل القواعد والأجراءات، خصوصا في مجالات التشييد والبناء ،والأستضافة لمن لا تحصى أعدادهم من المشاركين أو المشاهدين ، دون اي خطأ أو تهاون أو خروج عن حدود اللياقة أو الضيافة ،ومن جانب اّخر تعكس طبيعة المجتمع الشرقي ،وتقاليده وعاداته وقيمه واّدابه .

البدايات الصعبه

كان اقامة هذا التنظيم لمونديال كاس العالم لكرة القدم في قطر ،بمثابة حلم في راس المسؤولين القطريين ،وكل حلم قابل للتحقيق ان كان اثر دراسة ذات عمق ،وايضا ذات اصرار وعزيمه ،وقد اثبتت التجربة ان عاملي الدراسة والارادة كانا متلازمين في ذلك الأمر، وبدأ الحلم في اولى خطوات التحقيق في شهر مارس 2009 حين قدم رئيس لجنة الملف القطري الشيخ محمد بن حمد خليفة اّل ثان طلب الأستضافة الى رئيس الأتحاد الدولي ( فيفا) السويسري في ذلك الحين جوزيف بلاتر في مدينة زيوريخ ، وكان هناك الأدراك الكامل لمدى المصاعب ،التي تعترض هذا الطلب ،فلم تكن قطر وحدها هي الحالمه لهذا الأمر .كان هناك اّخرون أكثر قدرة على المنافسة ،وربما أكثر خبرة في حركة الصراع .كانت هناك ملفات مشتركه ،وايضا ملفات منفردة . قدمت كل من اسبانيا والبرتغال وبلجيكا وهولندا طلبا مشتركا ،وقدمت كلا من بريطانيا وروسيا ملفا عن القارة الاوروبيه بالأضافة الى الولايات المتحدة والمكسيك عن امريكا الشماليه والوسطى الى جانب استراليا واليابان واندونيسيا وكوريا الجنوبيه والصين عن القارة الآسيوية. وكان الانتظار صعبا في اطار ذلك الزحام  من الطلبات، ومع ذلك كان الأمل كبيرا ، مادام الأصرار رائدا والأرادة مكتمله . في ديسمبر عام 2010 كان الجميع في انتظار اعلان النتيجة، حول قرار الاختيار للدولة التي ستحظى

العلم المغربي يرفرف على برج القاهرة

بتنظيم هذا المونديال لكأس العالم في كرة القدم عام 2022 ،وتمت عملية التصويت والأعلان في مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم ( فيفا) في زيوريخ ،وفازت قطر.   ويرجع هذا الفوز للتميز الذي اتسم به الملف القطري وهو التنوع في عدة مجالات  بينها وعد بالتبرع بـ 170 ألف مقعد في مختلف الملاعب التي تستضيف المباريات بعد انتهاء البطولة ومنحها إلى البلدان النامية. استقبل هذا الخبر بفرحة عارمه داخل قطر، وايضا من اصدقاء قطر ، ، ولكن في المقابل استقبل بغضب وحنق من دوائر اخرى ،من الذين كانوا يطمعون في الفوز بتنظيم المونديال، وايضا من الذين يستكثرون على دولة في حجم قطر ان تقوم بذلك التنظيم العالمي.

قطر تواجه مسؤولياتها

كان على قطر ان تخوض  معركتها الأساسية وهي الأستعداد الكامل لأقامة هذا التنظيم لمونديال كأس العالم على اراضيها ،وعلى نحو يليق بهذه المناسبه التي يتابعها العالم ،لاسيما وان كرة القدم هي اللعبه الجماهيريه الكبري التي تحظي باهتمام  رجل الشارع العادي في كل انحاء العالم ،وتدرك تماما كذلك انها قد وضعت تفسها في امتحان رهيب عليها ان تجتازه بجدارة .لذلك اسدلت الستار عن حملات التشهير، والتشكيك، واتهامها، بتقديم رشاو ،لكي تفوز في هذا السباق ،وانها لن تستطيع القيام بهذه المسؤولية  في الاعداد والتجهيز ،واقامة الملاعب المناسبه على تعددها ،وسبل الاقامة لأطقم اللاعبين

والحكام والمشاهدين للمباريات والأعداد الغفيرة التي ستتسابق للحضور . نحت كل ذلك جانبا ،وتفرغت لعملية التجهيز والاعداد وتوفير الكثير من المتطلبات لأقامة هذا السباق العالمي لهذه اللعبه العالمية .

صدر في شهر ابريل عام 2011 القرار الاميري بانشاء ( اللجنه العليا للمشاريع والارث) ،وهي اللجنه المختصه بوضع كل الأستراتيجيات والسياسات العامة المتعلقه بمونديال كأس العالم لعام 2022 ،من كافة النواحي التنظيميه والأقتصادية والعمرانية والأجتماعيه ،والعمل على ايجاد البيئة الحاضنة لتنظيم وانجاز هذا الهدف ( مونديال كأس العالم ) ،وقد جرى في اطار هذا التكليف مايلي:

 اولا : قامت المهندسة ( العراقية الأصل) العالمية الراحله زهاء حديد عام 2014  بتصميم الملعب الذي جرت عليه المباريات  عام2022 ويطلق عليه (ملعب الجنوب) وهو مستوحي من خلال شكله وتصميمه  القوارب الشراعيه التقليديه .

ثانيا : تم افتتاح مطار حمد الدولي في مايو عام 2014 ويعد من اول المشاريع الكبيرة لأستقبال بطولة كأس العالم 2022،وقد جرى اعداده ليستقبل أكثر من سبعين مليون مسافر سنويا ،ويذكر ان هذا المطار قد حاز عدة جوائز عالمية اّخرها جائزة افضل مطار في العالم ضمن جوائز ( سكاي تراكس) العالمية للمطارات

ثالثا :  تصميم الشعار الرسمي للبطولة ،وقد عكس هذا التصميم  البعد الجامع للبطولة بوصفها منصة لألتقاء الثقافات من مختلف أرجاء العالم ،كما تضمن ايضا عدة عناصر مستوحاة من الثقافة القطرية والعربيه على السواء التي تتناغم مع مكونات لعبة كرة القدم وهي جوهر هذا المونديال. يذكر ان الشعار قد استوحي من شال الصوف المعروف في الأمة العربيه ،وتم تزيينه بالنقوش الشرقية ،ويرمز

التصميم كذلك خلال دورانه إلى دائرة مثالية تشير إلى الشكل الكروي لكوكبنا وكرة القدم على حد سواء ، فيما تحاكي التموجات في الشعار شكل الكثبان الرملية التي تتميز بها الصحراء، ويعكس الشعار الرقم (8)، في إشارة إلى عدد الملاعب التي تستضيف مباريات البطولة، كما يشير إلى رمز اللانهاية ويحمل في طياته ترجمة للإرث المستدام الذي سيتركه الحدث. أما عناصر الزخرفة، فجاءت نباتية مثل التي يتم تطريزها على الشال القطري، وتعدّ جزءاً مهماً من تراث البلاد، وبخاصة أنها فن عربي أصيل تمتدّ جذوره إلى أعماق المخزون الثقافي في الوطن العربي،فيما أتت النقاط التي ظهرت على الشال مثل المستخدمة في الحروف العربية، وترمز إلى ثراء الخط العربي الأصيل. وتظهر كرة القدم بشكل هندسي لتعبر عن الثقافة العربية، ويرمز الشعار إلى الشكل الأكثر شهرة في عالم كرة القدم، ويتحلّى الرمز الذي ظهر في أسفل الشعار بعدة أوجه، فهو يمثل الاستادات الثمانية التي ستقام على أرضها منافسات كأس العالم، ويرمز أيضاً إلى العلاقات الإنسانية القوية التي ستبنى خلال البطولة وتستمر طويلاً بعدها.

ثم في النهاية تم أُسدال الستار على بطولة كأس العالم قطر 2022 بفوز المنتخب الأرجنتيني على نظيره الفرنسي

الأعلام الفلسطينيه ترفرف في سماء الملعب القطري

،وتمكن ميسي من الفوز بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. وتعد مشاركة ميسي، في قطر 2022، الخامسة له في منافسات بطولة كأس العالم.  لكرة القدم 2022. ويرى محبو النجم الأرجنتيني أن فوزه وحمله لكأس العالم جاء تتويجا لمسيرة كروية حافلة للاعب مميز، أمتع محبي الساحرة المستديرة حول العالم.

اخيرا كلمة حول الحصاد النهائي للمونديال في قطر

كان احتضان قطر للمونديال استثنائيا بكل المقاييس كبلد عربي بهوية إسلامية متميزة. وفرصة مثالية، تعرف الكثيرون من خلالها على عروبة قطر. وكانت رسالة الافتتاح والختام، تتمحور حول التقارب بين كل شعوب القارات والتغلب على الاختلافات القاتلة، من خلال القيم الإنسانية الأصيلة المبنية على الاحترام ،ومراعاة حقوق الآخرين بجوار المصالح الخاصة . سمح لنا هذا السباق في كرة القدم لكأس العالم بالتقارب كأسرة واحدة كامله ، والأرض هي  الوطن الذي يتسع لنا جميعا. كذلك جعلت الوجع الفلسطيني، والجرح الفلسطيني الذي يحتل قلوب العرب والأحرار في كل العالم أن يطل على هذا الجمهور الغفير الذي يعد بالملايين ، وقد كان موقف االمغاربه ،وهم في اوج فرحهم بما حققوه ،ان يرفعوا العلم الفلسطيني غاية في نبل الأحساس ،والتعبير عن وحدة المشاعر التي يزكيها الشعور بوحدة المصير .خلال كأس العالم في قطر،تم تذكير العالم بفلسطين. من تجمعات المتفرجين في أسواق ومدن قطر إلى

الفريق المغربي في الدوحه

مدرجات الملاعب، ازدهرت الأعلام والرموز الفلسطينية خلال كأس العالم لكرة القدم الأول الذي نظم في بلد عربي. من جانب اّخر برزت القيمة الحضارية العاليه في السلوك والالتزام العربي بعدم وجود تسجيل حالات شغب ومواجهات جماهيرية مقارنة بكؤوس عالم ومسابقات أوروبية سابقة شهدت الكثير من حالات العنف بين مشجعي الفرق المتنافسة. كذلك  في عدم وجود مايخدش النظام العام أو الامتهان الأخلاقي في وجود النساء المحجبات جنبا الى جنب مع السافرات دون تدخل او فرض اي نوع من الوصاية على احد . انها باختصار حرية الأختيار . كذلك منع الخمور ،على كافة الصور ولذلك كان الكل في غاية الوعي والانتباه . ولا ننسي المنع القاطع لشعارات اوشارات المثليين وما شابههم ،وهو مايعني بوضوح اعلاء شأن القيمه الأنسانية ،وما سنته الطبيعه من قوانين صارمه لمفهوم الأنسان الطبيعي في هذا الكون .ان عقد المونديال في قطر ،والمجهود الضخم الذي بذل من اجل نجاحه لا يعد كسبا لقطر وحدها ،وانما هو كسب عربي كذلك ،وهو ماينبغي ان نوجه التحية من اجله لقطر.